aren

“6” استراتيجيات أمريكية تجاه سوريا … معدة منذ “8” سنوات
الثلاثاء - 16 - يونيو - 2020

سوريا

\خاص وحصري\

التجدد الاخباري – (مكتب واشنطن)

فى الوقت الذى يركز فيه العالم على انتشار فيروس كورونا (COVID-19)، انشغل، أو تناسى البعض ، أن “تركيا” أعلنت حربا منذ فترة ليست بالقريبة ، غزت فيها الأراضى السورية ، بعد أن أرسلت قواتها إلى ملاذ “إدلب” الإرهابي، المدينة التي يعكف الجيش السورى (حاليا) على تحريرها ، وأن “أنقرة” ، صارت تنقذ الإرهابيين المحاصرين هناك.

بينما صعدت (إسرائيل) من هجماتها على “سوريا”، بادعاء أنها تستهدف الأصول الإيرانية داخل الأراضى السورية. رغم تأكيد عدد من ليس بالقيل من التحقيقات الميدانية والاستقصائية الجدية (بعضها غربي) ، أن قوات الاحتلال الاسرائيلي ، تهاجم قوات تساعد “الحكومة السورية” فى الحرب التي تخوضها ضد (المجاميع الجهادية) والمدرجة على لوائح الارهاب العالمي. ومع مهاجمة “تركيا” من الشمال ، و(إسرائيل) من الجنوب الغربي، وبالطبع وجود قوات أمريكية فى الشمال الشرقي، تواجه”دمشق” ، الآن ، حربا متعددة الجبهات . يضاف اليها ، حربا موازية أخرى، بصبغة اقتصادية.

هنا اطلالة (موثقة ومكثفة) ، اعدها مكتب موقع “التجدد الاخباري” في العاصمة الامريكية “واشنطن”، لـ”أصل وفصل” الصراع الدائر راهنا “مع سوريا … وعليها”.

دوامة هذا الصراع، الذي لا ينتهي داخل الأراضي السورية، كان مخططا معد منذ عهد إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق “رونالد ريغان” في أوائل الثمانينيات ، وفقا لعدة وثائق -تم نشرها- من الأرشيف القومي للولايات المتحدة.

وفيما ركز تقرير، صنف بأنه “سري للغاية” وتم نشر بعضا من عناوينه منذ نيسان\أبريل 2018، على ذكر تفاصيل ما احتوته تلك الوثائق الأمريكية، التى كانت توضح كيف خططت “واشنطن” لخلق فوضى داخلية بين الفصائل المختلفة في “سوريا”، والتي هي بالأساس “وكالة المخابرات المركزية” (CIA)، لم يتم ذكر سوى سطور قليلة عن وثيقة مهمة، بعنوان: “استدعاء القوى المناسبة لتحمل الأوضاع في سوريا”. بسبب شطب معلومات كثيرة من هذه الوثيقة.

الاسد الراحل

الاسد (الاب)

إذ كانت المعلومات المتاحة فيها، هو: انزعاج “واشنطن من نظام الرئيس السوري الراحل “حافظ الأسد”. وأن “دمشق” ، تقف عائقا أمام طموحات “الولايات المتحدة الأمريكية” في المنطقة ، وتهدد أمن (إسرائيل). خاصة ، وأن “سوريا الاسد” ، كانت على دراية تامة بالتحركات الأمريكية، والإسرائيلية . وعليه، تم التخطيط من بين خطط تدمير “سوريا” الكثيرة – التي حدث أغلبها بالفعل- بأن تزداد الضغوطات على “دمشق” من خلال تنظيم تهديدات عسكرية متزامنة، من جانب ثلاث جهات، وكان من بينها “تركيا”، و”إسرائيل”. ولكن، تفاصيل أكثر عن هذه المخططات الأمريكية، أوضحتها “مذكرة” أخرى مطورة، نشرتها مؤسسة “بروكينغز” منذ عام 2012، بعنوان : “مذكرة الشرق الأوسط رقم 21 … إنقاذ سوريا : تقييم خيارات تغيير النظام”. فلم تتوقع وثيقة المخابرات الأمريكية في الثمانينيات ، الوجود الروسي في هذه الساحة. وقد أخل التواجد الروسي المؤثر- بالفعل- بالخطة الأمريكية ، قليلا. وعليه ، انتبهت، (بل) قيمت مذكرة مؤسسة “بروكينغز”، أثناء رسم الخطة الاستراتيجية الأمريكية، الوجود الروسي في هذه الساحة، الذي تحاول الإدارة الأمريكية الحالية ، مواجهته بشتى الطرق.

(المثير للريبة) ، هو أن ما كتب من استراتيجيات في المذكرة، يفسر ما يحدث على الساحة السورية، سواء في المرحلة الحالية أو (ماقبلها). فقد احتوت المذكرة على ست استراتيجيات، تتيح لصناع القرار الأمريكي ، الاختيار من بينها، بما يتوافق مع الأهداف الأمريكية ، تجاه القضية السورية، والإطاحة بنظام الرئيس السوري “بشار الأسد”.

إحدى الاستراتيجيات الست، المعنونة بـ“إكراه النظام عبر العقوبات، والعزلة الدبلوماسية”، ذكرت أنه : “ستكون مشاركة (تركيا) حيوية للنجاح، ويجب على (واشنطن) أن تشجع الأتراك على لعب دور أكثر قوة من الدور الذي يلعبونه الآن …(أنقرة) فقدت كل صبرها على (دمشق)، وقد اتخذت خطوات ملموسة قليلة، من شأنها زيادة الضغط على (الأسد). إذ نجحت السياسة التركية تجاه المعارضة السورية في تحقيق أهداف مشتركة مع الجهود الأمريكية، وذلك عبر تعزيز المعارضة كـمنظمة وطنية واسعة وموحدة. وقد فضل النظام التركي، جماعة الإخوان الإرهابية علنا على جميع جماعات المعارضة الأخرى”.

ثم أضافت،ان : “تحاول بعض الأصوات فى (واشنطن)، و(تل أبيب)، ما إذا كان يمكن لإسرائيل أن تساهم في إجبار النخب السورية على إزاحة (الأسد). فلدى الإسرائيليين أكثر الأجهزة المخابراتية قوة في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع أجهزة المخابرات الإسرائيلية بمعرفة قوية بـ(سوريا)، فضلا عن أصول داخل الادارة السورية يمكن استخدامها لتخريب سلطة النظام، وممارسة ضغوطات من أجل إزاحة (الأسد). ويمكن لإسرائيل أن تضع قوات على مرتفعات (الجولان)، أو بالقرب منها، تعرقل قدرات القوات السورية على التصدي للمعارضة. وقد يثير هذا الموقف المخاوف في نظام (الأسد) من حرب متعددة الجبهات، خصوصا إذا كانت (تركيا) ، مستعدة لفعل الشيء نفسه على حدودها، وإذا كانت المعارضة السورية تتغذى على نظام ثابت من الأسلحة والتدريب.وقد تؤدي هذه التعبئة إلى الدفع بالمساهمة في إسقاط الرئيس السوري”.

سورية

كما أكدت أن هذا النهج ، يتطلب القليل من رأس المال السياسي في الداخل، وأن (الصبر)، هو كلمة السر لـ”واشنطن”. موضحة أن الدولة السورية ، ستفقد سيطرتها على بعض أراضيها، وستقيم المعارضة بلا شك ، صلات مع أطراف خارجية، ويبقى النظام السوري في صراع مع المعارضة. ولكنها، حذرت من خطورة فشل هذه الاستراتيجية، لأنها سوف تضر بمصالح (الولايات المتحدة) في جميع أنحاء المنطقة، وأنه يمكن قراءة بقاء النظام السوري على أنه انتصار لـ(إيران)، وجبهتها (الرافضة).

وهناك “استراتيجية أخرى” من بين الاستراتيجيات الـ(6)، جاءت بعنوان : “تسليح المعارضة السورية للإطاحة بالنظام”، تفاصيلها ليست بعيدة عن المشهد السوري أيضا. فقد أوضحت المذكرة ، أنه إذا تبنت (الولايات المتحدة)، سياسة تسليح المعارضة، فإنه من الضروري اتخاذ خطوة أولية، وهي جعل المعارضة ، أكثر تماسكا، عبر احتواء تلك الهياكل القبلية، والدينية، والمجتمعية في (سوريا)، ومعرفة انتماءاتهم . ثم استخدام (المال، والاعتراف، والأسلحة)، كحافز لدفع كل من -ما يعرف- الجيش السوري الحر، والمجموعات السياسية المعارضة السورية، مثل: «المجلس الوطنى السوري (SNC)، للعمل معا.

ثم أكدت المذكرة (مرة أخرى) على ضرورة الدعم التركي، باعتباره أمرا حيويا لهذا الخيار . فيتعين على هؤلاء الحلفاء ، توفير قواعد آمنة للمعارضة على حدود (سوريا)، وأن تستطيع جيوشها ، القيام بالكثير من المهام ، فيما يخص التسليح والتدريب، بالتعاون مع “الولايات المتحدة”. كما يمكن لأجهزة المخابرات في المنطقة، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، أن تعمل خلف الكواليس لتقويض نظام “الأسد”، وتعزيز المعارضة.

ولكنها، حذرت من تردد (أنقرة) في استضافة جيش معارضة سوري ، يشارك في عمليات واسعة النطاق، لأنها قد تخشى من الانتقام السوري في صورة الإرهاب، أو دعم الاضطرابات داخل الأراضي التركية. وعليه، أوصت المذكرة بضرورة التأكيد على هؤلاء الداعمين الخارجيين، بأن تلك المخاطرة تستحق الجهد المبذول، إذ سيحتاجون إلى توفير المساعدة الأمنية. كما حذرت أيضا من مخاطر هذا السيناريو ، مثل: مرحلة ما بعد نجاح المعارضة في إسقاط النظام السوري، إذ تعد المعارضة من الأساس مختلفة فيما بينها في المعتقدات والأفكار، ومع وجود أسلحة، فقد يتحول الأمر لسيناريو أسوأ.

إحدى الاستراتيجيات الأخرى، وهى استراتيجية “المشاركة في جهد متعدد الأطراف بقيادة حلف الـ(ناتو) لإسقاط (الأسد)، وإعادة بناء (سوريا)”، شددت أيضا على ضرورة الدور التركي ، بأنه يجب أن تكون على استعداد لتوفير القاعدة اللوجستية، والكثير من القوات البرية للعملية. مؤكدة أن (تركيا) ، هي أفضل مكان، مقارنة بأي دولة للتدخل في (سوريا)، وذلك، لأنها -من وجهة نظر الباحثين- تمتلك جيشًا كبيرًا ، ذا قدرة معقولة، وأن لها مصالح حيوية في (سوريا). ولكنها، سوف تحتاج إلى مساعدة مالية، وتغطية متعددة الأطراف.

وكان من ضمن الاستراتيجيات المثيرة للقلق، استراتيجية بعنوان: “الانخراط في حملة جوية، تشبه تلك التي نفذت في (ليبيا)، من أجل مساعدة قوات المعارضة السورية على الفوز”. ويعد السبب وراء التفكير في هذه الاستراتيجية، هو الخوف من عدم قدرة المعارضة السورية على إسقاط نظام (الأسد).

الاسد

وعليه، تساءل باحثو هذه المذكرة، ما إذا كانت (الولايات المتحدة)، والدول الحليفة قد توفر الدعم الجوي، بالإضافة إلى الأسلحة والتدريب، كما فعلت (الولايات المتحدة)، من أجل التحالف الشمالي لدولة (أفغانستان) في عام 2001، وحلف الـ(ناتو) من أجل المعارضة الليبية في عام 2011. وقد برر الباحثون -من وجهة نظرهم- أن بهذه الطريقة تكون (الولايات المتحدة)، تخوض حربا (نظيفة)، وتترك الأعمال القذرة على الأرض للجيش السوري الحر!!

كما رأوا ، أن هذه الاستراتيجية تجنب (واشنطن)، أي التزام ببناء الدولة السورية على غرار دولة (العراق)، إذ ستكلف عملية إعادة الإعمار تكلفة عالية، ومدة طويلة بعد الحرب، فضلًا عن التجارب غير السارة الواضحة في (العراق) و(أفغانستان). ناهيك أنه رغم ضعف القوات المسلحة السورية مقارنة بالقوات الأمريكية، فإنها أظهرت قدرا أكبر من الكفاءة والتماسك، مقارنة بقوات الرئيس الليبي الراحل “معمر القذافي”.

أمّا ضمن الاستراتيجيات المستبعدة قليلا، أو (غير المفضلة)، استراتيجية “غزو سوريا بالقوات التى تقودها (الولايات المتحدة)، وإسقاط النظام مباشرة”. ولكن، نبّه الباحثون إلى عدم مناصرة أي طرف- وقت نشر المذكرة- لغزو (سوريا) خصوصًا أن الغزو الأمريكي في الشهور الأولى ، سيتطلب إرسال من 200 ألف إلى 300 ألف جندي على الأقل، بتكلفة قد تتجاوز 300 مليار دولار في العام. ثم أكدوا ، أنه لكي تنجح هذه السياسة، من الضروري شن مثل هذا الغزو من (الأردن)، أو (تركيا). وسيكون من الأفضل أيضا، رغم أنه ليس ضروريا، الحصول على مساهمات من مجموعة واسعة من الدول الأوروبية، ودول شرق آسيا، لأن ائتلافًا أكبر من شأنه إضفاء شرعية على المخطط.

أما الاستراتيجية المستبعدة الأخرى، التى اتفق الباحثون على فشلها، فهى استراتيجية “إزالة النظام عن طريق الدبلوماسية”،إذ أصر الباحثون ، أن الدبلوماسية /وحدها/ لن تغير سلوك النظام السوري. على كل، رجح باحثو المذكرة ، أن صانعي السياسة الخارجية الأمريكية من المحتمل أن يجمعوا بين العديد من تلك الخيارات ، لتعظيم المكاسب الأمريكية، وتقليل الخسائر. مؤكدين أن خيارات الدبلوماسية، وتغيير نظام بالإكراه، سيكونان الأكثر عرضة للفشل، أو النجاح بشكل غير كامل.

سورية

أمّا الاستراتيجيات الأخرى، مثل: تصرّف قوات المعارضة بمفردها، أو بدعم من (الولايات المتحدة)، ليمارسوا ضغطا أكبر على (الأسد)، فسوف تكون مكلفة. في حين أن الغزو الأمريكي، غير مرغوب فيه في الأوراق السياسية في (الولايات المتحدة)، ولن تتم المطالبة به من جانب السوريين. كما أكد الباحثون أن المعارضة السورية، هي التي ستلعب دورا أكبر، حتى لو كان هناك تغيير محدود للنظام، ولكن على الأقل ستسقط حكومة (سوريا) في حالة سقوط (الأسد)، وأتباعه بالكامل. أخيرا، يعد الحلفاء الإقليميون للولايات المتحدة ، خصوصًا (تركيا)، أمرا حيويا، إذ سيلعبون دورا رئيسيا في تحديد مدى تشديد العقوبات، ودرجة العزلة التي يشعر بها النظام، بسبب قربهم من (سوريا)، وهي نقطة- من وجهة نظرهم- ضرورية أيضًا في العديد من الخيارات العسكرية.

وفي النهاية، نصحوا صانعي السياسة الأمريكية بالانتباه إلى أنه من الممكن للعديد من تلك الخيارات- من الناحية العملية- أن تنزلق بسهولة إلى بعضها البعض. وفي الواقع، من المحتمل أن يمزج صانعو السياسة بين مكونات كل منها ، ليُشكلوا خيارات جديدة.