(ترجمة خاصة)
التجدد – بيروت
قد يكون هناك حدثان محتملان ، يغيران اللعبة بعد هذا الصيف، أولهما : أن يخبرنا العلماء أنه قد بات هناك لقاح أو علاج لفيروس كورونا المستجد والذى يمكنه أن يحدد مسارًا للخروج من هذا الوباء، أما الحدث المحتمل الثاني ، فهو أن تختار الولايات المتحدة رئيسًا جديدًا لها.
ويخرج الكثير من دول العالم الآن من عمليات الإغلاق ،التي كانت مفروضة لمنع انتشار كوفيد- ١٩، لكن مسألة التعافي ، ستظل غير مكتملة حتى يكون لدينا قدر أكبر من اليقين بأنه يمكن السيطرة على هذا الوباء بشكل دائم، والخطر الحالي ، هو أن العودة إلى الحياة الطبيعية ، تنذر بموجة ثانية من العدوى في الخريف المقبل، ويعتقد علماء الأوبئة أن هذا الأمر لا مفر منه، وفي ظل هذه الحالة من عدم اليقين ، فإنه لن يكون هناك استثمار بشكل كامل ، وهو الأمر اللازم لتعافي الاقتصاد.
إن الثقة، هي الأمر الحاسم اللازم لعودة الاقتصاد، وفكرة التوصل إلى لقاح، أو التعهد بالتوصل إليه في غضون عام، على سبيل المثال، ستغير النظرة المستقبلية، كما أن وجود علاج يمكنه تقليل معدلات الوفيات بشكل كبير ، سيقطع شوطًا طويلًا في نفس الاتجاه، ولكن تستند الصورة القاتمة التي رسمها معظم المتنبئين الاقتصاديين في الوقت الحاضر إلى افتراض أن الفيروس سيظل بيننا إلى أجل غير مسمى.
وعلى الرغم من استعدادهم للتكهن بشأن كل خطوة نحو إيجاد اللقاح المنتظر، فإن السياسيين وصانعي السياسات خارج أمريكا لا يعرفون شيئًا عن الحدث الجيوسياسي الأهم في عام ٢٠٢٠ (انتخابات الرئاسة الأمريكية)، وذلك باستثناء مجموعة من أصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة ، الذين هم في الغالب يدعمون المرشح الديمقراطي(جو بايدن) ، فحدوث انتصار رئاسي ثانٍ للرئيس الأمريكي (دونالد ترمب)، سيغضب القادة الأوروبيبن، وسيكون بمثابة كارثة للمجتمع الديمقراطي للدول الغربية.
وتشير الاستطلاعات إلى أن بايدن لديه فرصة تزيد على ٥٠:٥٠ للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فقد تراجع معدل تأييد ترمب بين قاعدته ، كما سيكافح الاقتصاد من أجل العودة إلى النمو في الأشهر التي تسبق الانتخابات، ويمكن لفيروس كورونا أن يودي بحياة العديد من الأمريكيين، وصحيح أنه من الممكن أن تتغير هذه الأوضاع، ولكن تجاهل الاحتمال الحقيقي بإمكانية خروج ترامب من البيت الأبيض سيكون أمرًا طائشًا.
ولن يؤدي فوز بايدن في حد ذاته إلى تغيير العالم، فهناك تنافس محموم بين الصين والولايات المتحدة، كما يظل الشرق الأوسط بعيدًا للغاية عن السلام، ولا يظهر الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين)، علامات على إمكانية تخليه عن رغبته في الانتقام، وتستمر ضغوط وتوترات العولمة وعدم المساواة فى تغذية نيران الشعبوية، وقد تمزقت بنية التعددية بشكل سيء في اللحظة التي تشتد حاجة العالم إليها ، لمواجهة التهديد الوجودي للاحترار العالمي، ولكن كل هذا لا يهم، فإن وجود رئيس يقدر التحالفات وعلى استعداد لإعادة الولايات المتحدة إلى اتفاقية “باريس” بشأن تغير المناخ ، وراغب في تعزيز نظام الغرب الليبرالي المفتوح ، بدلاً من إسقاطه ، سيكون بمثابة تقدم كبير، حيث سيؤدي ذلك لإعادة الفرص ، التي أضاعها ترمب.
ولذا، فإنه لا يجب على أصدقاء أمريكا ، أن يجلسوا لمشاهدة ما يحدث فقط، ولكن بدلًا من ذلك ، فإنه يجب عليهم أن يفكروا جيدًا في الكيفية التي يمكن أن يكونوا بها شركاء في محاولة استعادة النظام الدولي القائم على القواعد ، وهو النظام الذي من المرجح أن ترفضه الصين وروسيا، ولكنه أمر حيوي للحفاظ على القيم الديمقراطية ، التي يقوم عليها الأمن والازدهار في الغرب.
ونعلم جميعًا ، أن بايدن مؤيد قوي لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وسيكون انتخابه بمثابة اللحظة المناسبة للأعضاء الأوروبيين للوفاء بوعودهم بالمساهمة بشكل أكبر في الحلف.
لقد انتهت تلك الفترة الوجيزة بعد انتهاء الحرب الباردة عندما بدت الولايات المتحدة ، قادرة على إعادة تشكيل العالم كما تشاء وذلك دون رجعة، لكن رئاسة ترمب أظهرت الآثار التدميرية لانسحاب أمريكا من القيادة الدولية، ولذا فإن العرض الذي قد يقدمه حلفاء الولايات المتحدة لبايدن في حال فاز بالرئاسة ، يجب أن يكون عرضًا للشراكة، وصحيح أنه قد يفوز ترمب بالمنصب، ولكن في هذه الحالة ، ستنتهي جميع الرهانات.
مدير هيئة التحرير لصحيفة “الفاينانشيال تايمز”
https://www.ft.com/content/d06629c6-2f15-4563-9e54-7e5768cdbe7f