aren

الناتو سيدفع الثمن ولكن يجب أن نواصل المسار في أوكرانيا \\ بقلم : ينس ستولتنبرج
السبت - 10 - سبتمبر - 2022

التجدد – ترجمة خاصة – مكتب اسطنبول

يبدو أن الحرب فى أوكرانيا قد باتت تدخل فى مرحلة حرجة، فالشتاء قادم وسيكون الوضع صعبًا على الشعب الأوكرانى وأفراد القوات المسلحة الذين يقاتلون من أجل حريتهم، وكذلك بالنسبة لأولئك الذين يدعمونهم منا.

وسيتم اختبار وحدتنا وتضامننا بجدية خلال الشهور المقبلة فى الوقت الذى تعانى فيه العائلات والشركات من أزمة أسعار الطاقة المرتفعة وتكاليف المعيشة الناجمة عن الغزو الروسى الوحشى، حيث سنواجه ستة أشهر صعبة، مع وجود تهديدات بقطع الطاقة وحدوث اضطرابات وربما حتى اضطرابات مدنية، ولكن يجب أن نواصل المسيرة ونقف فى وجه الاستبداد من أجل أوكرانيا ومن أجلنا.

https://www.ft.com/content/d5bbd979-ae7e-4125-abcb-16368be3dcaf

فصحيح أننا ندفع ثمن دعمنا لأوكرانيا، ولكن هذا الثمن الذى ندفعه قيمته بالدولار واليورو والجنيهات، بينما يدفع الأوكرانيون حياتهم، وسندفع جميعًا ثمنًا أعلى بكثير إذا اعتقدت روسيا والأنظمة الاستبدادية الأخرى أنها تستطيع غزو جيرانها والتعدى على القانون الدولى دون عقاب.

ففى حال توقفت روسيا عن القتال، فإن السلام سيحل ولكن فى حال توقفت أوكرانيا عن القتال، فإنها لن تصبح دولة مستقلة، ولذا فإن لدينا مسؤولية أخلاقية لدعم هذه الديمقراطية المستقلة الموجودة فى قلب أوروبا.

كما أن الثمن الذى ندفعه لدعم أوكرانيا يفيد أمننا أيضًا، حيث صرح الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بوضوح بأنه يريد مسح أوكرانيا من الخريطة وإعادة كتابة النظام الأمنى الأوروبى، وتحتل موسكو مؤقتًا حوالى 20٪ من أراضى أوكرانيا (وهو ما يمثل أربعة أضعاف مساحة بلجيكا، أو نصف المملكة المتحدة)، وفى حال نجحت خطته فى كييف فإن ذلك سيشجعه على المخاطرة بمزيد من العدوان ضد جيران آخرين، أو حتى الهجوم على حلفاء الناتو.

فولوديمير زيلينسكي يخاطب قادة مجموعة السبع في يونيو. العقوبات التي يفرضها الناتو والاتحاد الأوروبي لن تؤدي إلا إلى تعقيد الاقتصاد الروسي بمرور الوقت

والآن لدينا خيار نتخذه بشأن العالم الذى نريد أن نعيش فيه، فحلفاء الناتو ملتزمون بحق كل دولة فى اختيار مصيرها، وهذا هو السبب فى أننا نقدم مساعدات مالية وإنسانية وعسكرية غير مسبوقة لمساعدة أوكرانيا لتستمر فى كونها دولة مستقلة ذات سيادة.

ومنذ ضم روسيا غير القانونى لشبه جزيرة القرم فى عام 2014، قدمت الدول الحليفة مليارات الدولارات من الدعم لقطاع الأمن والمؤسسات فى أوكرانيا، ودربت عشرات الآلاف من القوات، بما فى ذلك القوات الخاصة، وقد ساعد هذا فى جعل القوات المسلحة الأوكرانية أقوى، ولديها قدرات أفضل على القيادة وأكثر استعدادًا للغزو الروسى الأخير.

ومنذ فبراير الماضى، وقف الحلفاء إلى جانب أوكرانيا من خلال تقديم دعم عسكرى وإنسانى ومالى غير مسبوق، وفى يونيو الماضى، وافق قادة الناتو على حزمة قوية من المساعدات، والتى تشمل الوقود والغذاء والإمدادات الطبية والعتاد العسكرى والاتصالات والمعدات لمواجهة الألغام والطائرات بدون طيار، كما نعد أكثر من عشرة مشاريع جديدة لمساعدة كييف على مواجهة الشتاء، وسنستمر فى مساعدتها على تعزيز قطاع الدفاع والأمن على المدى الطويل، والانتقال من أسلحة الحقبة السوفيتية إلى قدرات الناتو الحديثة.

ويعد الناتو جزءًا من مجموعة الاتصال الدفاعية الخاصة بأوكرانيا، بقيادة الولايات المتحدة، والتى سألتحق بها مرة أخرى هذا الأسبوع، بهدف إرسال رسالة واضحة مفادها أنه يجب علينا مواصلة زيادة المساعدات التى تحتاجها كييف، وذلك لأننا نرى الفرق الحاسم الذى يحدثه دعمنا فى ساحة المعركة كل يوم، حيث أثبت الجيش الأوكرانى قدرته على مقاومة العدوان الروسى، والرد خلف خطوط العدو وفرض تكاليف كبيرة على القوات الغازية.

وتؤثر العقوبات الهائلة التى فرضها حلفاء الناتو، جنبًا إلى جنب مع الاتحاد الأوروبى، على الاقتصاد الروسى، كما أنها ستؤثر بشكل أكبر مع مرور الوقت، وذلك بالنظر إلى خروج المواهب ورأس المال من البلاد، وحظر سفر النخبة وتجميد أصولها، كما أن الكرملين عزل نفسه عن أقرب أسواق النفط والغاز وأكثرها ربحًا الموجودة فى أوروبا.

وفوق كل شىء، فإن العقوبات التكنولوجية تحد بشدة من وصول روسيا إلى أشباه الموصلات والرقائق المتطورة التى تحتاجها لتشغيل صناعة السيارات والطائرات والجهود الحربية، وهى الفرصة التى تنتهزها دول الحلف لتنويع اقتصاداتها وإمداداتها من الطاقة، وكذلك تعزيز مرونتها للتحرر من ابتزاز الطاقة الروسى إلى الأبد.

وفى الوقت نفسه، نقوم بإجراء التحول الأكثر أهمية فى الردع والدفاع لحلف الناتو منذ الحرب الباردة، حيث نقوم بتعزيز وجودنا بشكل كبير على الجانب الشرقى، ووضع مئات الآلاف من القوات فى حالة استعداد أعلى ومواصلة الاستثمار فى القدرات المتطورة.

ولا تترك الضمانات الأمنية لحلف الناتو مجالًا لسوء تقدير موسكو حول قدرتنا على الدفاع عن كل شبر من أراضى التحالف، وفى الوقت نفسه، فإن هذه الضمانات تمكن الحلفاء من دعم حق أوكرانيا فى الدفاع عن النفس.

وصحيح أنه سيكون هناك أوقات عصيبة قادمة، ولكننا واجهنا أوقاتًا صعبة معًا من قبل، ودائمًا ما تكون تكلفة عدم الدفاع عن قيمنا أكبر، ولذا فإنه يجب أن نستعد لحرب الشتاء وأن نواصل مسارنا الذى بدأناه، وذلك من أجل مستقبل أوكرانيا ومستقبلنا.

الأمين العام لحلف شمال الأطلسى (الناتو)