

(خاص)
التجدد الاخباري – مكتب بيروت
اردوغان الفناس (الكذاب)
في تشرين الثاني \نوفمبر 2010 ، زار رئيس الوزراء التركي –آنذاك– رجب أردوغان ، قرية (الكواشرة) في عكار شمال لبنان، حيث انتشر مستشاروه في قرى لبنان من اجل البحث عن الأقليات التركمانية ، والتبشير بزيارة المسؤول التركي ، الساعي لتقوية شوكة “التركمان” في لبنان.
مصادر استخبارية (غربية) كشفت لموقع التجدد الاخباري ، ان هذه الزيارة لم تكن نت بنات أفكار اردوغان أو مستشاريه ، وانما اتت في سياق ما كانت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ، تراه من ” ان مواجهة النفوذ الإيراني الشيعي في لبنان يمكن ان يحدث عبر الترويج لزعامة سنية تركية، وأن دورًا لتركيا في لبنان يمكن أن يوازن الدور الإيراني.”

أوباما يوفد أردوغان إلى لبنان
كانت رؤية أوباما ، أن أردوغان يمكن أن يلعب الدور ذاته في العراق أيضًا، وذلك للضغط على طهران أثناء تفاوضها مع إدارة أوباما فيما يتعلق بالملف النووي وغيره، وأيضًا كانت إدارة أوباما ليست على وفاق مع المملكة العربية السعودية ورأت أن وجودًا تركيًا سنيًا في بيروت وطرابلس سوف يناوئ الثقل السني السعودي في لبنان.
وبعد مرور”عشر سنوات” على تكليف أوباما لأردوغان بالذهاب إلى بيروت وعكار ، وحتى بغداد من اجل توازن إقليمي بوجه طهران، يحاول أردوغان بشكل فردي هذه المرة ، ان يفتح باب “بيروت”، مرة أخرى بعد أن أوصدته سوريا وإيران ، وحتى السعودية.
رفض لبناني للدور الاردوغاني المحتمل
نظرًا لأن أغلب المكونات اللبنانية لديها أزمة تاريخية مع الإرث العثماني، فأرمن لبنان ذوو اتصال عرقي مع الجماعات الأرمينية التي مارس العثمانيون جرائم إبادة بحقها، بل وتظاهر أرمن لبنان ضد زيارة أردوغان إلى بيروت عام 2010.
كما أن علاقات الدولة العثمانية بمسيحيي الشام عمومًا والموارنة خصوصًا لم تكن على ما يرام، كذا الشيعة (خاصة جبل عامل جنوب لبنان اليوم) والدروز، هكذا لم يعد باقيًا أمام (أردوغان) إلا محاولة هزلية ، لصناعة مكون لبناني جديد على أمل ان يكون بوابة لعبور الداخل اللبناني.
أوفد أردوغان ، نائبه (فؤاد أوقطاي) إلى بيروت مع وزير الخارجية (مولود) تشاويش أوغلو (يوم السبت 8 أغسطس 2020)، وأعلن أوغلو أن أنقرة على استعداد لتجنيس “تركمان وأتراك” لبنان ، وكل مواطن لبناني من أصل تركي. ورغم أن هنالك بعض القرى ، التي يتحدث أهلها ، اللغة التركمانية الى جانب اللغة العربية بلهجة أهل لبنان، إلا أن انتساب هؤلاء للعرق التركي ، أو التركماني ، هي محل شك.
وفق الظن الاردوغاني ، فان بلاده يمكنها أن تلعب دورًا في لبنان ، انطلاقًا من “البوابة السنية” في طرابلس، والأخرى ، هي”المناوئة الشيعية” ، أو عبر الأقليات التركمانية ، وفي هذا السياق ، تتداول أوساط سياسية، معلومات عن “مخطط تركي” على شاكلة التدخل في (سوريا والعراق …)، مع ملاحظة أن التدخل التركي المرجح في (لبنان) سيكون مختلفة لجهة ، ان التدخل الاردوغاني -هذه المرة- سوف لن يكون مرتكزا على جماعة “الإخوان المسلمين”، إنما من ضمن مجموعات منضوية في إطار الانتفاضة الشعبية ، وبعض الشخصيات السياسية ، والدينية الفاعلة.

سيناريو امريكي : حضور تركي على الساحل اللبناني لمقابلة التواجد الروسي على الساحل السوري
وفي أحد أوجه التفسيرات البارزة ، للاندفاعة الفرنسية تجاه لبنان (مؤخرا)، تشير مصادر ديبلوماسية غربية ، الى ان الاليزيه ، يهدف من وراء ذلك الى تطويق النفوذ التركي ، المتمادي في الشرق الأوسط . خصوصاً أنه بات يصطدم بالمصالح الفرنسية في شمال أفريقيا ولا سيما (ليبيا ولبنان).
المصادر ذاتها ، تعبر عن خشيتها من أن يكون الدخول التركي إلى شمال لبنان ، جاء بضوء أخضر أمريكي ، بهدف إحداث توازن إقليمي بين التواجد الروسي على الساحل السوري ، مقابل حضور تركي نشط على الساحل اللبناني الشمالي، معتبرة أن هكذا توجه (قد) يعرض وحدة الأراضي اللبنانية ، للخطر.
السخاء التركي في تعامله مع الشعب اللبناني ، وصل الى حد منح الجنسية التركية لمواطنين لبنانيين ، يتمتعون بكامل حقوقهم الوطنية في بلادهم في مسعى إلى خلق ولاء لدى هؤلاء اللبنانيين للدولة التركية على حساب ولائهم للدولة اللبنانية.

ووفقا لدراسة (مخابراتية)، اعدها جهاز الاستخبارات التركية ، ونشرها مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية (أورسام) التركي ، مطلع 2019؛ تحت عنوان «الأتراك المنسيون..الوجود التركي في لبنان»، خلصت إلى أن العنصر التركي في لبنان ، مقسم إلى عدة مجموعات، هي:
تركمان عكار، وهم القاطنون في قريتين مجاورتين للقبيات.
وتركمان بعلبك، الموجودون في تجمعات سكانية في وادي البقاع وفي قرية محاذية للحدود السورية في الهرمل.
وتركمان الضني، الذين يقطنون قريتين في القضاء.
وأتراك كريت، الذين يسكنون طرابلس، بعدما قدموا إليها من جزيرة كريت اليونانية.
إضافةً إلى الماردينيين، وهم الذين هجروا إلى لبنان من تركيا في القرن الماضي.
وتركمان سوريا الذين استوطنوا مناطق تركمانية في بعلبك وعكار بعد الحرب في سوريا.
ومن ثم، فإن هؤلاء يمكن أن يصبحوا مواطنين أتراكا، إذا ما حصلوا على الجنسية التركية إلى جانب جنسيتهم اللبنانية، ومنذ ذلك الحين تزايد الاهتمام التركي بالتواصل مع هذه المجموعات سواء عبر زيارات المسؤولين إلى مناطقهم أو عبر تقديم المزيد من الدعم والمساندة لهم.

وفي السياق ذاته، يذكر أيضا أن (تركيا) حاولت توسيع وجودها داخل لبنان للتمدد “جنوبا” في اتّجاه (مدينة صيدا) من خلال البوّابة الصحية عبر مستشفى متخصص في معالجة الحروق ، ساهمت تركيا في بنائه، إلا أن هذه المحاولة لم تتوسّع كثيراً ، كما هي الحال بالنسبة لشمال لبنان، نظرا لأن التواصل الجغرافي مع مناطق الشمال ، أقرب وأسهل من الجنوب من ناحية، كما أن ضعف “الوجود السني” الموالي لها في الجنوب ، لم يمكنها من تعميق وجودها من ناحية أخرى، إذ كما هو معلوم فإن الجنوب اللبناني ، يغلب عليه الوجود الشيعي الذي يحظى بدعم ومساندة إيرانية واسعة ، بما يحول دون التوسع التركي في مثل هذه المناطق.
وتعتبر “جهات متابعة” للتحرك التركي في الداخل اللبناني، أن رهان (أنقرة) في الوقت الحاضر، هو على ملء الفراغ العربي في البلد، خصوصا في ظلّ الأزمة العميقة، التي بات يعاني منها (حزب الله)، حليف إيران القوي . وأكدت هذه الجهات، أن تركيا، تمتلك وجودا معنويا في لبنان، لكنها لا تدرك أنّ هذا الوجود،لا يعني أنّ السنّة موالون لها.
وتشير مصادر سياسية لبنانية ، إلى أن زيارة نائب الرئيس التركي لبيروت (مباشرة) بعد مغادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل (ماكرون)، كانت محاولة واضحة ، لإيجاد توازن مع فرنسا ، وإظهار (اسطنبول) ، كحامية للمسلمين السنّة في مقابل حماية فرنسا للمسيحيين. ولم تضع تركيا ، الفرصة الاقتصادية ، التي يمثلها خروج ميناء بيروت تماما عن العمل، إذ تحدث نائب الرئيس التركي (أوقطاي) عن دور ميناء “مرسين” ، كبديل من ميناء بيروت.
حيث تكشف “خريطة” توزيع الموانئ في شرق المتوسط ، حجم الفرصة التركية في السيطرة على التجارة مع لبنان، وخروج ميناء بيروت عن الخدمة ، اضافة الى محدودية إمكانيات ميناء (طرابلس) في استقبال سفن الحاويات الكبيرة، يجعل ميناء “مرسين” التركي ، واحدا من الخيارات الأساسية، كميناء مناولة، خصوصا مع وجود الحظر الدولي على موانئ سوريا، واستحالة توفير الموانئ الإسرائيلية ، البديل.”

بين (المشنوق وريفي)
وكان سبق انفجار بيروت ، جدل سياسي بين شخصيتين سياسيتين (سنيتين) حول من يوالي “السعودية”، ومن يوالي “تركيا” في لبنان.
واتهم موقع “أساس ميديا” ، الذي يشرف عليه وزير الداخلية (السابق) المقرب من السعودية ، نهاد المشنوق، مدير الأمن اللبناني السابق ، ووزير العدل (أشرف ريفي)، بأنه ينسق مع المخابرات التركية للسيطرة على شمال لبنان، ليرد ريفي على المشنوق بعنف ، واصفا إياه بأنه ينتقل “من دسيسةٍ إلى دسيسة ولا يتغير إلا رب العمل”.
وتعتبر النخب السياسية السنية في لبنان ، أن تركيا تسعى لاختراق واسع في لبنان و”تمثيل الطائفة” من خلال مشروع رعاية الجمعيات الإسلامية ، والاهتمام بترميم الأبنية القديمة مع تركيز خاص على تلك ، التي تذكّر بالحقبة العثمانية.

… ويستمر الحماس (التركي السعودي) على أشده:
محمد علي (الحسيني)، الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان، المناهض لحزب الله وتوجهاته ، والذي يعد مدافعا شرسا عن مواقف السعودية في مختلف ملفّات المنطقة ، بدءا من لبنان، وفي تغريدة له على “تويتر”، قال : إن الدعم السعودي مستمر وعلى اللبنانيين قطع كل لسان يسيء إلى المملكة وقادتها”.
الحسيني (نفسه) ، كان سبق له ، أن مدح تركيا وقوّتها العسكرية والاقتصادية وسياسات (أردوغان)، أما اليوم ، فهو يرفع صوته (ربما) ايذانا بعودة سعودية قوية إلى الساحة اللبنانية ، بعد انكفاء ملحوظ .
يقابله، على الضفة الأخرى، الشيخ “صبحي الطفيلي”،الأمين العام الأسبق لـ(حزب الله اللبناني)،الواجهة الاردوغانية الحديثة، للنفوذ التركي المستجد ، والتي ستدافع عن سياسة تركية في لبنان وتجاهه، خاصة بالوقوف ضد دعوات المقاطعة للمنتجات التركية، التي باتت تمثل مأزقا كبيرا لأردوغان.
وقد وجه (الطفيلي) هذا ، في خطبة له يوم الجمعة، خطابه إلى الذين دعوا إلى مقاطعة البضائع التركية (دون أن يسمّهم)، قائلا “أنتم تفتحون على السوق الصهيوني العدوّ الشرس، وتغلقون على المسلمين، هذه الصورة قذرة”. وأشاد الطفيلي بسياسات الرئيس التركي في كل من ليبيا وأذربيجان، واصفا فرنسا وروسيا وإيران بالدول “الخبيثة”. وفي قراءة المتابعين لـ”رهان أنقرة” على (الطفيلي)، ان الهدف منه ، هو”الاستفادة من نقده للسعودية وسياساتها”، ليس الا.

الطفيلي (طفل) اردوغان المدلل… وضالته الجديدة
يعتاش “صبحي الطفيلي”،على شن الحملات الشرسة من حوزته (التي يتحصن داخلها من دون أن يكون له تأثير كبير خارجها)، وقد أنشأها في “عين بورضاي” بمنطقة بعلبك – الهرمل ، القريبة من الحدود السورية. حيث يركز الطفيلي في هذه الحملات على انتقاد السياسات الإيرانية ، وسياسة حزب الله في لبنان و(خارجه).
ووفق العديد من المتابعين لآلية وأسلوب تعامل”حزب الله” مع الطفيلي، فان قادة الحزب ، ومن موقع الادراك التام ، لمدى تأثير الرجل في محيطه ، وتأثير مواقفه، تفضل سماع صوته من وقت لآخر ، وأن التقييم لدى قيادة الحزب للرجل ، هو انه يكفي حصول (الطفيلي) هذا على مساعدات قليلة ، كي يحافظ على ولاء أنصاره ، وحماية نفسه من أيّ هجوم على المنطقة ، يستهدف إخضاعه.
وترجع آخرون أسباب تجاهل حزب الله لـ(الطفيلي) ، أن السبب الأهمّ ، هو تأثير (الرجل) ، المحدود على الصعيدين اللبناني والشيعي ، وأنه قد ظهرت حدود تأثيره من خلال البيانات والمقابلات ، والندوات التي يعقدها ، والتي لم يكن لها تأثير يذكر على حزب الله وبيئته ، أو توجهاته .
ختاما ، يبدو ان (الرّهان التركي)، بعد (الرهان الخليجي)، على الطّفيلي ، مصيره محتوم ، لجهة الفشل والخذلان، وسيكون بلا أيّ تأثير كبير، على ضوء محدودية الرجل، وهو أن تأثيره لا يتجاوز أمتارا فقط ، المنطقة التي يعيش فيها. أيضا ، سيكون الاستثمار في الطفيلي، لا فائدة كبيرة منه في المدى الطويل.
بناء عليه ، يبدو كذلك ، ان لدى حزب الله (حسابات خاصة) به ، تجعله يترك الأمين العام السابق للحزب “الطفيلي” كي يتصرّف بالطريقة التي يشاء ، ما دامت تجارب السنوات الثلاثين الماضية ، أظهرت أن لا نفوذ يذكر له، شيعيّا، خارج دائرة الحوزة ، التي لجأ اليها ، والمنطقة الصغيرة التي يسيطر عليها.

تأصيل في التاريخ
أتراك لبنان … طفنيسة (كذبة) اردوغان
مسمى “أتراك لبنان”، غير دقيق، إذ كان المسمى الأصلي قبل ثمانينات القرن العشرين ، هو “تركمان لبنان”، ولكن أواخر الثمانينات ، سعت تركيا إلى البحث عن موطئ قدم بالدول العربية في محاولة للعب دور إقليمي بعد سنوات من الانكفاء في الداخل، وهكذا بدأت مجهودات أكاديمية وثقافية لاستبدال مصطلح (تركمان لبنان) بـ(أتراك لبنان)، وأثناء وزارة نجم الدين (أربكان) الإسلامية عام 1997 ، أسست تركيا جمعية “شباب المستقبل” في بيروت للتواصل مع ما أسمتهم باللبنانيين من أصل تركي من أجل تعليمهم اللغة التركية، ما ساهم في نشر وتقوية اللغة التركية بين مدعي النسب التركي في لبنان.
تعزيز اللغة التركية في لبنان من أجل ادعاء وجود أصول تركية لعوائل وأسر لبنانية، وهو هدف سعت إليه تركيا – أربكان ونجحت فيه اليوم مع إجادة مئات الأسر اللبنانية للغات التركية والتركمانية تحت ادعاء الانتماء للعرق التركي!
عثمانيون وليسوا تركمان
تاريخيًا فإن لبنان شهد أربع موجات للهجرة تحت مسمى (تركمان لبنان)، فحينما احتل سليم الأول ، لبنان عام 1516، قام بتوطين بعض الأسر العثمانية وشجعهم على استيطان لبنان ، وكافأهم بالمال والأرض، ومع مرور السنوات ، أطلق على ذلك الوجود العثماني ، لقب (التركمان)، حيث كانت شعوب الشرق الأوسط ، تطلق على كل ما هو عثماني ، لقب “تركي” او” تركماني”.
وهذا خطأ تاريخي، إذ إن الدولة العثمانية -قتذاك- كانت تضم ، عوائل وأسر من (البلقان والقوقاز وآسيا الوسطي وأوروبا الشرقية)، وبالتالي : فان (تركمانية أو تركية)، تلك القبائل غير مثبتة في التاريخ، ولكنها نظرت إلى الدولة العثمانية وبعد ذلك تركيا ، باعتبارها “الدولة الأم”، خصوصًا وأن الأسر العثمانية ، كانت تتحدث باللغة التركية العثمانية القديمة ، وظلت تتحدث اليوم باللغة التركية ، اوالتركمانية الحديثة.
مسلمون وليسوا أتراكًا
كانت الموجة الثانية من الهجرة ، هي هجرة “أتراك كريت” إلى لبنان عام 1897 ، حينما فقدت الدولة العثمانية سيطرتها على جزيرة “كريت اليونانية”، فتم تهجير المسلمين من جزيرة كريت إلى طرابلس الشام ، ودمشق إلى جانب بعض المدن المصرية.
ونظرًا لأن الغرب ، كان ينظر إلى كل ما هو مسلم ، باعتباره تركي ، فقد تمت تسمية (مسلمي) كريت ، بلقب أتراك كريت ولكن المؤرخ “ليونيداس كاليفريتاكيس” في كتابه “قرن من الثورات: السؤال الكريتي بين السياسة الأوروبية والشرق الأدنى”، يشير إلى أن (مسلمي كريت)، ليسوا من أصول تركية أوعثمانية ، ولكن كانوا من أهل كريت اليونان ، والأقلية الروسية في تلك الجزيرة -آنذاك-.
مارديون وليسوا أتراكًا
أما الموجة الثالثة ، فكانت خلال عقد الخمسينات ، حينما دشن رئيس الوزراء التركي الإسلامي (عدنان مندريس) ، إصلاحات اقتصادية فاشلة ، أدت إلى أزمة اقتصادية طاحنة ، فهرب سكان “ماردين” التركية إلى بيروت، وهنالك تضارب حول هوية “المارديين” ، كما يطلق عليهم في لبنان، ما بين انهم ، أكراد أو أتراك.
سوريون تركمان وليسوا أتراكًا تركمان
أما الموجة الرابعة و(الأخيرة)، فهي نزوح 125 ألف مواطن تركماني سوري من مناطق (شمال سوريا) بسبب الحرب السورية ، وذلك في تشرين أول – أكتوبر 2015، وللمفارقة فأن مناطق تمركز تركمان سوريا ، كانت تحت سيطرة ميلشيات (موالية لأنقرة)، ولكن تركيا فشلت في حماية تركمان سوريا.
وتركمان سوريا ، ليسوا أتراكًا ، لأن التركمان ، سكنوا جنوب الأناضول وشمال سوريا من قبل قيام الدولة العثمانية وكانت لهم دول تركمانية حليفة لحكام مصر وسوريا ، المماليك، بل أن الاسرة العثمانية ، نسبت نفسها للتركمان في تلك المنطقة في بادئ سيطرة “عثمان” وابنه على أشلاء دولة (سلاجقة الروم).
وبالتالي: فإن الموجات الأربع ، التي صنعت اليوم ما يعرف بـ “تركمان أو أتراك” لبنان، ما هم إلا موجة عثمانية مجهولة الأعراق عام 1516 ، وموجة من المسلمين اليونانيين والروس القادمين من كريت عام 1897 ، وموجة من المارديين متعددي الأعراق في خمسينيات القرن العشرين ، وموجة من السوريين التركمان عام 2015 ، فشل أردوغان في حماية بيوتهم في (شمال سوريا)!
ويبلغ عدد هؤلاء 50 ألف نسمة فحسب، ما يشكل 1.1 % من سكان لبنان، وليس لديهم تمثيل في نظام المحاصصة الطائفية اللبنانية، علمًا بأن السوريين التركمان ، ليس معهم الجنسية اللبنانية ، ولن يحصلوا عليها في ظل الرفض الشعبي للتوطين.