aren

وعد الحرية : من الخطيئة الأصلية الى العبودية الحديثة \\ بقلم : د.فؤاد شربجي
الخميس - 23 - يونيو - 2022

استغرق الأمر أكثر من (250) سنة بعد قرار الغاء العبودية في امريكا ، لتحتفل بعيد (تحرير العبيد \ جو نتثيب)، فهل تحررت امريكا من العبودية حتما ؟ وهل تحرر العالم من أنظمة الاستعباد ؟

من الواضح مدى استمرار الخطيئة الاصلية لأمريكا في التحكم بالحياة الامريكية . لم يقل اوباما عند انتخابه كأول أسود لرئاسة أمريكا ، (ان العنصرية تتفاقم في امريكا) . من جهة أخرى لم يعلن ترمب في آخر أيامه ان المتعصبين البيض الداعين لقتل ، وطرد ، واستعباد السود ، بانهم (رجال أنقياء شجعان).

ثم ماذا تقول حركة (حياة السود مهمة) النشطة منذ سنتين في عموم الولايات المتحدة الامريكية . باختصار ، مازالت الخطيئة الاصلية لامريكا تتحكم بفيزيولوجيا العلاقات الاجتماعية الامريكية لدرجة ان الرئيس بايدن قال في بيانه عن عيد تحرير العبيد : انه (يوم للبداية) . بداية التحرير.

وما يسجل في تشريع هذا اليوم – العيد ، انه كما قال الرئيس الامريكي بادين ( دعوة للتأمل في الخطيئة الاصلية التي ارتكبتها امريكا للعمل الدؤوب في الانتهاء منها ، ومعالجة آثارها) ، وهو الاعتراف ، كمفتاح للمعالجة.

في بيانها حول الاحتفال الاول بعيد تحرير العبيد في 19 حزيران \يونيو ، قالت سفيرة امريكا بالامم المتحدة (ليندا) توماس غرينفيلد ، وهي أبرز مسؤولة في الادارة من أصل افريقي ، ومتحدرة من أسرة عبيد ، قالت : (ان العبودية هي خطيئة أمريكا الاصلية ، وتشاركنا بلدان أخرى في هذا التاريخ المخزي والشائن) ، ومن أهم ماقالته : (ان العبودية الحديثة لا تزال قائمة في جميع انحاء العالم حتى يومنا هذا) .

العبودية الحديثة ، وريثة العبودية القديمة – الخطيئة المتجددة – للخطيئة الأصلية ، وبدون أن يسجل المرء عبدا ، يستعبد بطرق حديثة.

أي حرية يعطيها السوق الحر للانسان ، اذا كانت الاسعار متكبرة وظالمة ، وأي حرية عمل يمارسها الواحد ، اذا كانت الفرص معدومة او محتكرة لفئة معينة ، وأي حرية عيش للفرد ، اذا كانت تكاليف المعيشة مستحيلة ، وأي حرية تعبير للواحد ، اذا كان حسابه عقوبات متنوعة ، تشل تفكيره ، وأي أمل بالمستقبل ، اذا كانت كل الطرق مسدودة.

العبودية الحديثة ، ماهي الا دفع الانسان الى وضعية العجز عن العيش ، والعجز عن العمل ، والعجز عن التعبير والمشاركة ، والعجز عن الامل والتطلع .

فلا انسانية للعاجز ، ولا كرامة لليائس ، ولا وجود للجائع ، ولا معنى للخاضع ، وكلها عبودية حتى ولوجاءت ضمن نظم حديثة ، ولو لفت بشعارات وخطابات ملونة بألوان سياسية ، واقتصادية ، واجتماعية حديثة.

بمناسبة الاحتفال الاول بعيد تحرير العبيد ، متى نحتفل بعيد التحرر من العبودية بكل أشكالها؟!