
حكومة بلير رفضت الرد أو تفنيد شائعات ضلوع المخابرات البريطانية فى مقتل ديانا ودودى
الفايد ردا على تعزية رئيس وزراء بريطانيا: «الله أخذ نجلى والأميرة ليكونا معا فى الجنة»
شيوع نظرية المؤامرة لتفسير حادث نفق «ألما» فى باريس أزعج الحكومة البريطانية
توتر العلاقات بين بريطانيا وليبيا بعد اتهام القذافى المخابرات الإنجليزية والفرنسية بالتآمر لقتلهما
الرئيس الفرنسى نصح بلير بالنظر فى تعديل قوانين الصحافة بعد الحادث المأساوى لكنه لم يعلق
فى 31 أغسطس المقبل، سيكون قد مر ربع قرن على حادث مصرع ديانا، أميرة ويلز، وطليقة الأمير تشارلز ولى عهد بريطانيا، برفقة صديقها المصرى الأصل دودى الفايد فى حادث مأساوى بباريس، ورغم ذلك لاتزال أسراره دفينة فى خزائن بريطانيا وغيرها.
ومن بين هذه الأسرار، التى تكشف عنها وثائق بريطانية حصلت عليها «الأهرام»، فإن البرلمان البريطانى رفض مثول الحكومة أمامه لتفنيد موجة الشائعات عن دور المخابرات البريطانية فى قتل الأميرة المتمردة.
وتتضمن الوثائق، الخاصة بمكتب رئيس الوزراء البريطاني، المراسلات بين رجل الأعمال الشهير محمد الفايد، والد دودي، الذى كان فى هذا الوقت مالك متاجر «هارودز» ذائعة الصيت، وتونى بلير، رئيس حكومة حزب العمال فى ذلك الوقت.
ومن بين الأسرار، توتر العلاقات بين المملكة المتحدة وليبيا بسبب حديث الزعيم الليبى الراحل معمر القذافي، عن تآمر المخابرات البريطانية والفرنسية لقتل الأميرة حتى لا تتزوج من دوى الفايد، المسلم المصرى الأصل .

شيراك وبلير وهيلارى كلينتون
فى الأول من يوليو عام 1961 ولدت ديانا سبنسر، وفى التاسع والعشرين من الشهر نفسه عام 1988، قُدر لها أن تمنح لقب أميرة ويلز، بعد زواجها من الأمير تشارلز، نجل ملكة بريطانيا، والأول على قائمة ورثة عرش المملكة المتحدة .
وبعد تسع سنوات من الزواج الملكى الأسطورى، الذى تابعه عشرات الملايين فى أنحاء العالم، قُتلت ديانا، التى منحها الناس لقب أميرة القلوب، فى حادث مأساوى برفقة صديقها المصرى الأصل دودى الفايد.
فى النصف الثانى من عمر الزواج، فسدت العلاقة بين الأميرة والأمير وانتهت بالطلاق.
وارتبطت ديانا بعلاقة عاطفية مع دودى الفايد، لتنتهى بموتهما معا فى حادث سيارة بنفق ألما بالعاصمة الفرنسية فى الساعات الأولى من صبيحة 31 أغسطس عام 1997، وقتل فى الحادث أيضا، هنرى بول، نائب مدير الأمن فى فندق الريتز، الذى كان تملكه أسرة الفايد، وسائق سيارة العاشقيْن .
فى هذا الوقت، ألقى اللوم على المصورين الصحفيين المتطفلين «البابارتزي» الذين كانوا يلاحقون الأميرة وصديقها أينما ذهبا، وخلصت التحقيقات الفرنسية إلى أنه بسبب هذه الملاحقة، اصطدمت سيارة ديانا ودودى بأحد الأعمدة الخرسانية فى نفق ألما، وواجهت الصحافة انتقادات شرسة، الأمر الذى دفع الرئيس الفرنسى جاك شيراك إلى مطالبة رئيس الوزراء البريطانى تونى بلير بمراجعة القوانين للحد من تدخل الصحفيين فى حياة الناس الخاصة، غير أن بلير لم يجرؤ على مسايرة شيراك .
وتكشف الوثائق عن أنه بعد ساعات من وقوع الحادث، جرى اتصال هاتفى بين الزعيمين، ووفقا لسجل المحادثة، فإن «شيراك اقترح على بلير أن ينظر فى تشديد قوانين الخصوصية الحالية فى المملكة المتحدة». واتفق بلير مع شيراك على أن مشاعر الجماهير ستكون متأججة «لكنه تعمد ألا يقدم أى التزام بالنظر فى قوانين الخصوصية فى المملكة المتحدة».
وعلق السكرتير الخاص لبلير على المكالمة قائلا : إنه إذا كان للحكومة الفرنسية أن تصدر أى إعلان يعكس الآراء التى ألمح إليها شيراك، فإن هذا سوف يثير أمامنا قضية حساسة تتعلق بموقف حكومة المملكة المتحدة من تطفل وسائل الإعلام».
وفى برقية سرية إلى مسئول الاتصالات فى مكتب بلير، قال رئيس هيئة موظفى 10 داوننج ستريت : «ميل هيلارى الشخصى كان هو الهجوم على الصحافة ولكن مستشاريها منعوها من فعل هذا».
وبعد أن راجت نظريات المؤامرة فى تفسير أسباب الحادث المروع، أمر بلير وزراءه ومسئولى الحكومة بالتزام الحذر، وألا يقدموا على أى تصرف إلا بأمر من وزارة شئون مجلس الوزراء أو من مكتبه مباشرة.
وتكشف وثائق مجلس الوزراء عن أن بلير أصدر قرارا فى الفترة التالية لوفاة ديانا، جاء به يجب على الوزراء «تجنب الانخراط فى أنشطة يمكن أن تؤدى إلى جدل سياسى، وسوف يُتخذ قرار بشأن فترة الالتزام بهذا الموقف بمجرد معرفة موعد جنازة الأميرة». وتضمن القرار أنه «فى هذه الأثناء، يمكن طلب التوجيه والإرشاد بشأن ضرورة حدوث أنشطة بعينها، إما من وزارة شئون مجلس الوزراء أو من مكتب رئيس الوزراء».
زيارة بلا حراسة فرنسية
وفى وقت متأخر من يوم الحادث أيضا، أبلغت السفارة البريطانية فى باريس الخارجية فى لندن، بأنها لم تكن تعلم بزيارة ديانا ودودى للعاصمة الفرنسية.
وفى إشارة إلى أنه كان من الممكن منع وقوع الحادث، أكدت السفارة، نقلا عن الفرنسيين، أن السلطات الأمنية الفرنسية لم تُخطر بالزيارة وإلا كانت قد وفرت الحماية بالمستوى اللازم، مما كان من شأنه الحيلولة دون ملاحقة الصحفيين لديانا ودودى عن قرب.

وقالت السفارة فى برقية بالغة السرية إلى لندن :
لا السفير أو أى من العاملين فى السفارة كان على علم بوصول الأميرة ديانا ودودى الفايد إلى باريس، بالمثل، لم تكن فرقة الحماية المتخصصة فى الشرطة الفرنسية على علم بذلك، وقالت إنها كانت ستوفر سيارة حراسة مرافقة لو كان قد طلب منها هذا.
ورغم أهمية وحساسية الحادث بالنسبة للعائلة المالكة البريطانية، فقد سُمح للسفير فى باريس أن يعلن هو، وليس لندن كما يجب، وفاة الأميرة وصديقها. يقول السفير فى أحد التقارير : إنه ووزير الداخلية الفرنسى «أعلنا الوفاة بعد اتصاله بالقصر الملكى فى لندن، ومكتب رئيس الوزراء، ووزير الخارجية».
ويكشف التقرير عن حرج واجهه السفير عندما طلب منه الفرنسيون، أن يلقى رئيس وزرائهم نظرة وداع على جثمان الأميرة وهو مسجى فى السرير بالمستشفى. ويوضح السفير أنه شرح لرئيس الوزراء أن إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جثمان الأميرة ليس تقليدا بريطانيا أو إنجليكانيا قويا، لكننى ظننت أنه من الصائب السماح لرئيس الوزراء الفرنسى، الذى أراد التعبير عن احترامه للأميرة وأبدى تعاطفا وحساسية استثنائيين، يجب أن يسمح له بأن يفعل ذلك.
أميرة «رائعة» وحبيب «خاص»
فى الوقت نفسه، أصدر السفير تعليمات بالغة الصرامة بألا يقترب أحد، غير مصرح له، بالاقتراب من غرفة الأميرة الراحلة.
ويضيف السفير، أنه تم الاتفاق مع سلطات المستشفى بأنه يجب أن تخضع الغرفة التى ترقد فيها الأميرة للحراسة، وأن الوصول إلى الممر المؤدى إليها يجب أن يُحظر على أى شخص من غير طاقم المستشفى المرور به إلا بإذن منى شخصيا أو من القنصل البريطانى العام، الذى ظل فى المستشفى طوال اليوم .
على الفور بدأت التحقيقات الفرنسية فى الحادث، وبدأت الإجراءات بفحص جثمان السائق هنرى بول للتعرف على كمية الكحول فى دمه، بعد أن قالت تقارير إنه كان مخمورا ولم يكن يجب أن يقود السيارة، وحسب الخطة الأصلية، لم يكن بول هو المكلف بقيادة السيارة، ولكنه اضطر إلى ذلك وفق خطة بديلة استهدفت كما قيل، محاولة الهروب من ملاحقة الصحفيين.
وعن التحقيقات، يؤكد السفير :
لقد تركز الاهتمام أولا على تشريح جثة هنرى بول، نائب مدير الأمن فى فندق الريتز، الذى قاد السيارة التى كان بها الأميرة ودودى، بعد تغيير مفاجيء فى اللحظة الأخيرة للخطة بهدف تحويل انتباه المصورين الصحفيين (البابارتزي) المنتظرين، وأشارت العينات الأولية لدمه بعد تحليله ثلاث مرات، إلى وجود حد قانونى من الكحول، واعترض خبير تشريح من المملكة المتحدة أشركته أسرة الفايد، وأجرت السلطات الفرنسية اختبارا ثالثا، شمل عينة سائل أكثر حسما من الناحية الطبية، من بياض العين أكد مستوى الكحول، وأظهر أيضا أن بول كان يتناول مضادات للاكتئاب .

بعد يومين من وقوع الحادث، كتب بلير فى الثانى من سبتمبر 1997،رسالة تعزية إلى الفايد الأب .
وجاء فى الرسالة :
أرادت شيرى وأنا أن نعبر عن مدى صدمتنا المرعبة وأسفنا لسماعنا عن الحادث المروع، إنه لمن المستحيل أن تتعايش مع فقد ابنك فى هذه السن الصغيرة، وفى هذه الظروف المأساوية، ولك أعمق تعازينا.
إن الوقار المهيب الذى تصرفت به أنت وعائلتك خلال الأيام القليلة الأخيرة، كان واضحا للبلاد كلها، أملنا القلبى هو أن تُمنحوا الخصوصية التى تستحقونها للتعامل مع الحزن العميق الذى لا بد أنكم تشعرون به .وبعد ثلاثة أيام، تلقى بلير، فى الخامس من سبتمبر، رسالة من مكتب رئيس هاردوز.
وقال الفايد الأب فى الرسالة :
عزيز السيد بلير
إنه لمبعث راحة بالغة لزوجتى وأولادى ولى أن أعلم أنك تكبدت الآن عناء الكتابة وبهذه الكلمات اللطيفة والمساعدة.
كنت أتمنى لو أنك قد عرفت ابنى، لأنك كنت ستحبه
لم يكن لسيدة بروعة الأميرة ديانا أن تمنح حبها لشخص ليس خاصا مثلها .
لن أتمكن أبدا من أن أتقبل فقدان شخصين يتمتعان بهذا القدر من الحيوية والكرم، ولا يمكن تعويضهما.
أنا أومن، مثلك، بالله، أومن بأن الله أخذهما ليكونا سويا فى الجنة، أومن بأنهما يرقدان فى سلام، وهذا هو الشيء الوحيد الذى يعزينى الآن .
أرجو أن تتكرم بأن تنقل احتراماتى للسيدة بلير وأولادكما .
شكرا مرة أخرى .
شهادة طوعية
مع تصاعد موجة الانتقادات لدور البابارتزى فى الحادث، تحدثت تقارير عن نية بلير إجراء مراجعة لمعرفة أبعاد ملاحقات الصحافة للأميرة الراحلة وغيرها من الشخصيات المعروفة.وأتاح هذا فرصة للضابط كولين تيبوت، سائق ديانا الانجليزى، كى يبادر بالاتصال بمكتب بلير عارضا الإدلاء بما لديه .
لم يرافق تيبوت الأميرة فى الرحلة إلى باريس، غير أنه سافر إلى العاصمة الفرنسية بعد ساعات من وقوع الحادث ليكون برفقة الجثمان فى رحلة العودة إلى لندن. كان تيبوت ضابطا فى فرع الحماية الملكية فى الشرطة البريطانية، وتقاعد عام 1993، ثم استأجرته الأميرة ليكون ضمن فريق سائقيها وحمايتها.

وفى رسالته إلى بلير، تحدث الضابط السابق عن سعادة الأميرة البالغة عندما كان ينجح فى أن يقود سيارتها وأبنها الأمير ويليام من مقر إقامتهما وإليه دون أن يعلم أحد بوصولهما.
تضمنت الرسالة، منذ طلاقها العام الماضى (1996)، فقدت الأميرة تدريجيا القدرة على الخروج وحدها، وكان علينا أن نتخذ تدابير بالغة الصرامة لمغادرة قصر «كنزنجتون» دون أن يرصدها أحد، وفى الشهرين الماضيين من حياتها بشكل خاص، كانت الصحافة التى تحاول متابعة كل طلعة (خارج القصر)، وخاصة الرحلات الخاصة، تسبب للأميرة قلقا نفسيا بالغا.
وأضاف «تيبوت»، رغم أننى وفريقى لم نكن لنتحدث على الإطلاق إلى وسائل الإعلام، نعرض الإدلاء بالشهادة، وفى إطار السرية، أمام تحقيقاتك الرسمية لأننى أعتقد أنه ليس هناك من هو مؤهل أكثر منا لوصف الضغوط التى تعرضت لها الأميرة فى العام الماضى، خاصة فى الشهرين السابقين على وفاتها المأساوية. بعد أيام، التقى رئيس هيئة موظفى مكتب رئيس الوزراء مع «تيبوت»، بناء على طلب بلير .
وقال رئيس هيئة الموظفين فى رسالة إلى وزارة شئون مجلس الوزراء، إن تيبوت، الذى كان حينها يتعاون مع التحقيق الفرنسى فى الحادث حريص للغاية على تجنب أن تعلم الصحافة بالمعلومات» التى سوف يدلى بها.
نظريات المؤامرة
بمجرد الإعلان عن وفاة ديانا ودودى، تابعت وزارة الخارجية البريطانية صدى الحادث فى أنحاء العالم. وتكشف تقارير الوزارة السرية عن استياء من رواج نظريات المؤامرة، فى وسائل الإعلام، فى دول مثل مصر.
ويؤكد تقرير سرى موقع باسم السكرتير الخاص لوزير الخارجية أن «الملكة تلقت تقريبا 70 رسالة (تعزية وتعاطف) من رؤساء الدول فقط . وفى مصر كان هناك العديد من رسائل التعزية، غير أنه فيها، كما فى ليبيا والأردن، اختلقت بعض قطاعات الصحافة نظريات مؤامرة لتفسير أسباب وقوع الحادث المأساوي».
وركز التقرير على تصريحات الزعيم الليبى الراحل معمر القذافى.وقال : «هذه النظريات «عن المؤامرة» وجدت، وهذا متوقع، أبغض تعبير عنه فى اتهام القذافى لجهازى المخابرات البريطانية والفرنسية بوضع خطة اغتيال، وقدمنا احتجاجا، غير أن المصادر الليبية لاتزال تلعب على هذه النغمة بعد الجنازة». ويكشف التقرير، عن أنه رغم موقف القذافى العلنى، فإن دبلوماسيين ليبيين كبارا أبدوا تعاطفهم مع البريطانيين.
وتضمن، على الجانب الآخر، أرسل السفير الليبى فى الأمم المتحدة إلى السفير البريطانى لدى الأمم المتحدة، رسالة تعاطف شخصية بشأن موت «أميرة الشعب الاستثنائية الخيرة » ووقع القنصل الليبى (والقائم بالأعمال الإيراني) فى كتاب التعازى فى لاهاى.

بعد نحو 9 شهور، بثت إحدى القنوات التليفزيونية الألمانية برنامجا أُثيرت فيها تكهنات بشأن أسباب الحادث، ما غذى نظريات المؤامرة. ودفع هذا ليندزى هويل، عضو مجلس العموم عن حزب العمال الحاكم أنذاك ورئيس المجلس حاليا، إلى السعى لاستجواب الحكومة للرد على الشائعات التى تشغل الناس.
وتكشف الوثائق، أن إدارة تسجيل الاستجوابات المكتوبة للحكومة فى المجلس رفضت تسجيل استجواب هويل، الموجه إلى وزير الخارجية آنذاك «روبن كوك» باعتباره هو المسئول عن جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانى [ إم آى 6].
واضطر النائب إلى أن يكتب إلى رئيس الوزراء رسالة سرية تتضمن الاستجواب الذى رُفض تسجيله، ومحوره السؤال التالى، هل كان هناك عملاء أمنيون بريطانيون فى الخدمة بباريس ليلة وفاة الأميرة ديانا العام الماضى ؟
وشكا هويل، من أنه حاول دون جدوى «طرح عدد من الأسئلة البرلمانية المكتوبة له تتعلق بالغموض المحيط بوفاة الأميرة ديانا، غير أن مكتب التسجيل رفض الأسئلة لأنها اعتبرت قضايا أمن وطنى ليس مخولا بالحصول على إجابة لها». وقال :
«هناك قدر هائل من التكهنات بشأن وثائقيات تليفزيونية أخيرة تقول : إن قوى الأمن البريطانية ربما تكون بشكل ما ضالعة فى وفاة ديانا. إن إلقاء بيان بشأن هذا الأمر سوف يجيب عن العديد من هذه الأسئلة وينهى هذه الشائعات والغموض، أشعر أنه من الأهمية البالغة بالنسبة للجمهور العام توضيح هذه الأمور، وسأكون ممتنا لو أمكن أن تدرسوا بجدية طلبي». وأرسل «هويل» نسخة من خطابه إلى كوك باعتبار أن الأمر يقع ضمن مسئولياته، كوزير للخارجية، وتشمل جهاز الاستخبارات الخارجية .
استمرت المداولات بشأن رسالة النائب إلى رئيس الوزراء نحو ثلاثة أسابيع . وبعدها، تلقى النائب رد بلير بعد الحصول على «الموافقة عليه من قصر باكنجهام، وجهاز الأمن السرى [ إم آى 6] وجهاز الأمن (الداخلى المعروف باسم إم أى 5) والسفارة البريطانية فى باريس».
وقال السكرتير الخاص لوزير الخارجية : إن هناك بديلا آخر هو أن يتصل مكتب بلير بالنائب هويل لإبلاغة الرسالة شفويا. ووفق رسالة من سكرتير الوزير إلى سكرتير رئيس الوزراء الشخصى، فإن إدارة الإعلام فى الوزارة تعتقد بأن إصدار بيان مكتوب هكذا
فجأة دون مناسبة يمكن أن ينتهى إلى إعطاء القصة نفسا جديدا ويشجع الصحافة على إعادة نشر كل نظريات المؤامرة التى تربط بين الأجهزة الاستخباراتية والحادث، قبل أن تنشر نفى رئيس الوزراء. وأضافت الرسالة، أن مسئولى إدارة الإعلام يفضلون تجنب إصدار أى شيء مكتوب إن أمكن، وإن وافقت، فإن مكالمة هاتفية قصيرة، سواء من مكتبك أو مسئول الانضباط فى الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم، سوف تفى بالغرض.
فى الوقت نفسه، أرسل بلير خطابا شخصيا إلى النائب هويل، قال فيه :
«الكل فى المملكة المتحدة وفرنسا متطلع إلى معرفة ماذا حدث بالضبط تحت جسر ألما يوم 31 أغسطس العام الماضى، وأنا أوافق على أنه من الضرورى فصل الحقيقة عن الشائعة، وكذلك يفعل الفرنسيون، كما تعرف يجرون تحقيقا شاملا ومثابرا فى ظروف حادث السيارة. وكل من سفارتنا فى باريس وسكوتلانديارد (الشرطة البريطانية) على اتصال وثيق للغاية بالسلطات الفرنسية، بينما تستمر التحقيقات، كل ما نتطلع إليه هو الاستماع إلى نتائج تحقيقاتهم بمجرد اكتمالها، وحتى ذلك الحين، أعتقد أنه لن يكون من الملائم أن أصدر بيانا من أى نوع ربما يصدر أى حكم مسبق فى العملية».

«عالم الخيال»
مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لرحيل ديانا، تلقى أصحاب نظرية المؤامرة قوة دفع من انتشار أخبار شهادة ضابط الاستخبارات البريطانى المنشق ريتشار توميلنسون أمام المحقق القضائى الفرنسى.
وفى شهادته، ادعى توميلنسون أن المخابرات البريطانية كانت تخطط لتدبير حادث سيارة لقتل الزعيم الصربى سلوبودان ميلوسوفيتش على غرار الحادث الذى قُتلت فيه ديانا، وزعم أيضا أن هنرى بول، سائق سيارة ديانا ودودى، كان عميلا لجهاز الاستخبارات البريطانى إم آى 6، وأن أحد فريق تأمين ديانا على اتصال مع الجهاز نفسه .
وتكشف الوثائق، عن أن المحقق الفرنسى أبلغ قائد الشرطة الفرنسية بأن ضابط الاستخبارات أبلغه فى خطابه، الذى طلب فيه لقاءه للإدلاء بمعلومات تتعلق بحادث ديانا، بشأن الادعاءين .
وقبل أن يمثل الضابط للشهادة، أبلغ الفرنسيون على الفور السفير البريطانى فى باريس بالأمر، فاتصل بشكل عاجل بقصر باكنجهام ومكتب رئيس الحكومة وزارة الخارجية وإم آى 6 فى لندن لإبلاغهم بالأخبار المزعجة التى من المتوقع أن تكون حديث الساعة.
ونصح السفير كل الجهات المعنية بأنه «إذا طلب منها التعليق على ادعاءات العميل الاستخباراتى السابق، يمكنها أن تقول «نحن الآن ندخل عالم الخيال الخالص».
هل تجسست بريطانيا على ديانا وعشيقها ضابط سلاح الفرسان السابق ؟
لم يكن مقتل ديانا ودودى فى باريس هو بداية شيوع نظريات المؤامرة التى روجت لمتابعة المخابرات البريطانية تحركات الأميرة المتمردة . ففى 7 أكتوبر عام 1996، قال برنامج «أخبار العاشرة» فى «بى بى سي» إن صحيفة الصن سوف تنشر صورا للأميرة وعشيقها حينذاك جيمس هيويت .
كان هيويت ضابطا فى سلاح الفرسان الإنجليزى فى الجيش البريطاني، وبدأت علاقته مع ديانا رغم أنها كانت لا تزال زوجة لوريث عرش المملكة المتحدة تشارلز أمير ويلز، الذى كانت أخبار علاقته العاطفية مع كاميلا، زوجته الحالية، قد انتشرت.

وتكشف الوثائق عن رسالة بعث لها أليكس آلان، السكرتير الشخصى لرئيس حكومة حزب المحافظين، آنذاك، جون ميجور إلى هويل جيمس سكرتير رئيس الوزراء للشئون السياسية بشأن الموضوع .
وتضمنت الرسالة : أخبار العاشرة قالت : «إن القصة الرئيسية فى الصن غدا (8 أكتوبر) ستكون عن فيلم فيديو صور قبل 5 سنوات، ويظهر أميرة ويلز وجيمس هيويت يلهوان سويا، وصور الفيلم بعدسات مقربة عبر شباك، وجاء التكهن فى الصن وفى أخبار العاشرة «ما إذا كان هذا الفيلم نتاج تجسس«إم آى 5 » على الأميرة».
وأكدت الرسالة أن ما يقال «كلام فارغ تماما». وكشفت عن اتصالات عاجلة بين رئاسة الوزراء والأجهزة الأمنية والاستخباراتية لاستيضاح أى دور مزعوم للمخابرات .
وقال آلان «عندما أثير هذا فى سياق ما يقال عن تسجيل المحادثات الهاتفية، حصل رئيس الوزراء على تأكيدات صريحة من رؤساء أجهزة الأمن والاستخبارات، بأنهم لم ينفذوا أيا من هذه العمليات ضد الأميرة، وأتوقع أن هذا لن يوقف التهكن بأنها كانت عملية مارقة تستخدم كاميرات أمنية».
وكانت تلك إشارة إلى مخاوف الحكومة البريطانية، مهما تكن أشكال نفى الحكومة لأى دور مزعوم للمخابرات فى تسجيل تحركات الأميرة، فإنه ربما يروج البعض لأن هناك عناصر استخباراتية تتابع الأمر، ولكن ليس بعلم إدارة الجهاز رسميا.
“الأهرام”المصرية