aren

هل يَحْضر “الأسد” القمة العربية؟
الخميس - 27 - أبريل - 2023

خاص \ حصري

التجدد الاخباري – مكتب (واشنطن + بيروت)

ساهم في اعداد هذا التقرير – رئيس التحرير “رائف مرعي”

غيّرتْ الحربُ الأمريكية – الروسية في أوكرانيا ، من خريطةَ العالم ، بعدما جذبتْ الأنظارَ وبشدةٍ إلى ما يحدث هناك ، وكيف ستنتهي المواجهةُ بين الدول العظمى المتحاربة ، وما سينتج عنها من تداعياتٍ دولية وخصوصاً شرق أوسطية.

وقررتْ إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، حجْب نظرها عن الشرق الأوسط إلى حدّ بعيد، وأوكلت إلى (خارجيتها) تدوير الزوايا من دون إحداث تغييرات جدية مع الحفاظ على السياسة التي اتبعتْها الإدارات السابقة.

ففي (العراق)، لا ترغب واشنطن في الخروج من بلاد الرافدين ، وتحبّذ الحفاظَ على وجودها من دون تطويره أو تعديله. وما تتعرّض له قواتُها بين الحين والآخَر من هجماتٍ ما هو إلا جزءٌ من الأهداف التي لمحت إليها القيادةُ العسكرية الأمريكية على لسان الجنرال “مارك ميلي”، قائد القوات المشتركة، الذي قال إن «إيران تريد إخراج أمريكا من العراق وسورية».

ويبدو أن البرلمان العراقي – الذي مَنَحَ الحكومةَ في بغداد سلطةَ التفاوض حول الوجود الأمريكي في البلاد من عدمه – يدرك صعوبةَ تنفيذ قراره برؤية آخِر جندي أمريكي خارج البلاد.

إذ إن الرئيس السابق دونالد (ترمب)، كان واضحاً عندما قال إن «أي محاولةٍ لإخراج القوات الأمريكية ستعرّض الاقتصادَ العراقي للخطر لأن أموال النفط تُدفع بالدولار في المصارف الأميركية قبل أن تُعاد إلى العراق».

وتالياً ، فإن حكومة بغداد تحاول إيجادَ تَوازُنٍ بين اقتصادها ، ورغبةِ الأكثرية من الشعب العراقي بالاستغناء عن الوجود الأمريكي العسكري، وخصوصاً ان الجيشَ العراقي أصبح قادراً ومنظَّماً واكتسب الخبرةَ الكافية، مدعوماً بالحشد الشعبي لحماية البلاد من التكفيريين ومن أي أخطار أخرى.

ولم يكن عابراً ، اندفاعُ بغداد بجرأةٍ نحو الصين بخطوةٍ جبّارة، إذ أعلن البنك المركزي العراقي انه يخطّط لتسوية التجارة مع بكين بـ”اليوان الصيني”، لتحسين احتياطه من العملات الأجنبية لمواجهة النقص في الدولار وذلك من خلال بيع النفط للصين بالعملة المحلية.

ويَعتمد الاقتصادُ العراقي في شكل كبير على تصدير النفط الخام ، الذي يمثّل أكثر من 90 في المئة من عائدات البلاد. وقد بلغت عائداتُ تصديره عام 2022 نحو 115.7 مليار دولار.

وتالياً ، فإن الابتعادَ الأمريكي عن الشرق الأوسط أعطى مساحةً لبغداد لاتخاذ قرار التقارب الاقتصادي والتجاري والنفطي مع بكين بعدما أسقطت الولايات المتحدة في عهد ترمب ، رئيس الوزراء – حينها- “عادل عبدالمهدي” بسبب توقيعه عقوداً اقتصادية مع الصين.

واستطاعت بلاد الرافدين نسْج علاقات جيدة مع جميع جيرانها ، وأحدثت توازناً إقليمياً ودولياً حولها من دون الحاجة لأي مبادرة غربية، بل على العكس، استطاعت احتضان مبادرات لتهدئة الصراعات بين أطراف إقليمية مهمة.

أما في بلاد الشام، فتطوّرت الأمورُ في شكلٍ مختلف.

إذ هاجمت القواتُ المُقاوِمة للاحتلال مراتٍ عدة القواعدَ الأمريكية الاحتلالية ، المتمركزة حول حقلي (العمر) و(كونيكو). وكذلك أطلقت صواريخ في اتجاه الجولان المحتل ، لتقول إنها تستطيع فتْح جبهتين في الشمال والجنوب عندما تدعو الحاجة وإنها لن تقبل باستمرار الوضع الحالي على ما هو.

أما سياسياً، فقد فتحتْ الدولُ العربية ، الأبوابَ أمام دمشق ، التي سترسل سفيراً إلى تونس ، والتي يقوم وزراؤها بزياراتٍ للدول العربية ، مثل : (الإمارات ومصر والمملكة العربية السعودية).

وتراقب أمريكا بعينٍ قلقة ، التقاربَ السوري – العربي ، لأن أهدافَها تدعو إلى عزْل الدولة السورية، وإبقائها تحت سيف العقوبات القاسية الأمريكية – الأوروبية الأحادية،  والتي تُعدّ غير شرعية بالنسبة إلى القانون الدولي ، لأنها لم تصدر عن مجلس الأمن.

إلا أن دولَ المنطقة ، التي تأخذ العِبَر من التراجع الأمريكي ، وتُعْلي مصالحها، ارتأت أن تعود “سورية” إلى الحضن العربي وتربط الجسور من جديد، حتى ولو كانت العودةُ لا تتضمّن حتى اليوم إعادة إعمار سورية ودعْمها مادياً واقتصادياً وعمرانياً وإصلاح البنى التحتية التي تضررت جراء الحرب الطويلة ، التي بدأت عام 2011 ، ولم تنتهِ لغاية اليوم.

ووفق “مصادر خاصة ” لموقع “التجدد الاخباري” ، فان الرئيس السوري “بشار الأسد”، لم يَحسم بعد ، أمرَ مشاركته (شخصياً) في القمة العربية الـ32 التي ستُعقد في العاصمة السعودية – الرياض.

إذ إن دمشق ، تعتقد بضرورة إعادة اللحمة بين سورية والدول العربية من دون استثناء، وأن العلاقة تطوّرت إيجابياً على الرغم من الحرب المدمّرة، وان من الضروري الحفاظَ عليها وتطويرها. إلا أن ذلك – بحسب المصادر ذاتها – يمكن أن يَحدث من دون العودة إلى الجامعة العربية ، التي جَمدت عضوية سورية عام 2011، أو على الأقل من دون حضور الرئيس الأسد شخصياً.

وتحاول “روسيا وإيران”، إعادةَ العلاقة بين (دمشق) و(أنقرة)، والتي قطعت أشواطاً تَعتبرها سورية ناقصةً ، لأنها لا تتضمن الانسحابَ التركي من الشمال – الغربي السوري.

وفي هذا السياق ، تؤكد “مصادر مطلعة” لـ(التجدد) ، أن سورية ستطلب انسحاب جميع القوى الموجودة على أرضها ، ومنها المستشارون الإيرانيون وقوات حزب الله” اللبناني ، وحلفاء آخَرون من جنسيات مختلفة عند جلاء آخِر جندي تركي وأمريكي من الشمال السوري. وفي هذا الاطار تكشف “مصادر التجدد” ، أن إيران أعربت للقيادة السورية عن استعدادها ، لسحب جميع مستشاريها حين ترى دمشق مصلحةً لها في هذه الخطوة.

وتقول (المصادر نفسها) ، إنه عندما يحصل الانسحابُ التركي ، سيتبعه تسويةُ أوضاع مدينة (إدلب وأريافها) بالاتفاق مع أنقرة ، التي يتوجب عليها الدخول في تسوية مع دمشق، وهذا سيتطلب وقتاً غير قصير لان الرئيس رجب أردوغان لم يُبْدِ أي نية بالانسحاب من سورية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الانسحاب الأمريكي (غير مطروح) على جدول الإدارة الأمريكية الحالية،  والتي ستبقى للسنتين المقبلتين على الأقل إلى حين انتهاء ولاية بايدن، وتالياً فإن اكتمال الحوار التركي – السوري ، مؤجَّل إلى حين تقديم أنقرة ضماناتٍ عملية ، تدفع بعجلة عودة السيطرة السورية على كامل أراضيها من دون منازع.

وفي التأويل السياسي لماهو حاصل على جبهة التقارب واللقاءات الامنية والعسكرية “السورية التركية” برعاية روسية ، وحضور ايراني ، إن ما يحصل من تَقارُب “سوري – تركي”، لا يضرّ دمشق ، بل ينزع فتيلَ العداء ، الذي بدأ حين أعلن أردوغان نيته الصلاةَ في الجامع الأموي في دمشق بعد إسقاط الحكم هناك ، ودعْمه لإفراغ “حلب” من مَصانعها ، وتقديم بلاده كمنطلقٍ للهجوم على (كسب – إدلب وأريافها)، وتحويل الشمال – الشرقي (الجزيرة) السورية ، ولايةً تركية.

لقد عادت “سورية” إلى الحضن العربي على وقع فشلِ مشروع إسقاط نظامها ، وتالياً يبقى فقط مشروع إعادة الإعمار ، الذي يتطلب خطةً تدفع بدول المنطقة إلى الاستثمار في بلاد الشام ، وهو ما ترحّب به دمشق عندما تتحرّر المنطقةُ أكثر من سيطرة الولايات المتحدة ، القلقة من قدرة هذه الدول على حلّ مشكلاتها من دون العودة إلى الدول الغربية ، التي لم تَعُدْ (البتة) شريكةً في بناء السلام والاسقرار فيها.