
التجدد الاخباري – بيروت
كان ذلك منذ 20 عامًا ، حينما استيقظ الأمريكيون على سيناريو “انتخابي” لم يكن شائع الحدوث، عندما اكتشفوا ، أنهم سينتظرون فترة ليست بالقصيرة ، امتدت “شهرًا” كاملا ، لمعرفة المرشح الفائز ، والذي سيحق له دخول البيت الأبيض.
وقد صدقت في عام 2000 ، عبارة أن من يفوز بولاية (فلوريدا)، يفوز في الانتخابات . ويرجع ذلك إلى أنها الولاية “الأكبر” من حيث المساحة ، ومن حيث التعداد السكاني ، ولذلك يعبر عنها 29 صوت في المجمع الانتخابي ، وهو وزن نسبي كبير بين الولايات، كما أنها من الولايات التي استطاعت أن تثبت عراقة في قضية التأرجح الانتخابي ، فلا يمكن حسم توجهاتها . هل هي للديمقراطيين ، ام للجمهوريين.
يومها ما حدث في فلوريدا -عام 2000 – كان مربكًا للولايات المتحدة ، ولنظامها الانتخابي ، الذي يعتمد على ما يعرف بـ”الكلية الانتخابية”، والتي تعني ضرورة تحقيق أي من المرشحين لـ(270) صوت انتخابي ، أو ما يزيد ، ليعتبر “رابحًا” في الانتخابات.
تفاصيل ماحدث –يومذاك-
استطاع المرشح (آل غور)، الحصول على 260 صوتًا انتخابيًا في الوقت الذي حاز فيه المرشح الجمهوري (بوش الابن) على 246 صوت، وفي ذلك التوقيت ، قرر مسؤولو الانتخابات ، إعادة فرز الأصوات في ولاية “فلوريدا”، لتحديد من سيفوز بكليتها الانتخابية ، حيث إنها تمنح الفائز فيها 29 صوت انتخابي.
وللغرابة ، فإن عملية فرز الأصوات في (فلوريدا)، ظلت غامضة لمدة “شهر كامل” إلى أن صدر حكم المحكمة العليا برفض طلب المرشح الديمقراطي (آل غور)، لإعادة فرز الأصوات في فلوريدا.
“آل غور”… يطعن بالتزوير
الولاية “فلوريدا”، والتي كانت مركز الأزمة في انتخابات 2000 ، أعلن فيها أن جورج (بوش الابن)، هو الفائز ، ولكن مع ساعات الصباح الأولى ، هاتف آل غور ، (بوش الابن)، مباشرة ، وقال له إن النتائج في “فلوريدا”، مشكوك فيها ، وأنه قد يكون حدث تلاعب . مع الوضع بالاعتبار أن (شقيق) بوش الابن ، كان “حاكمًا” للولاية وقتها. وقد اختار (آل غور) في ذلك الوقت ، التنازل، لأنه كان الفائز في التصويت الشعبي على مستوى البلاد ، لكنه كان خاسرًا بنظام الكلية الانتخابية ، أي أنه قبل الهزيمة.
ولكن ، لا يرجح أن الأمور ستسير بهذه السلاسة بين “ترمب وبايدن”، خصوصًا أن الرئيس الأمريكي ، لوح بأنه لن يقبل نتيجة الانتخابات ، وسيلجأ للوسائل القانونية ، لأنه -حسب رأيه-فإن عملية التصويت عبر البريد ، التي استقطبت 100 مليون ناخب ، وهو عدد ضخم للغاية، من المرجح أنها قد شابها الكثير من أعمال التزوير، ومن المعروف أن ما يرجح كافة (بايدن) حتى الآن ، هي “الأصوات التي أدلي بها عن طريق البريد”.
ولو رفض ترمب ، الاعتراف بالهزيمة حال خسارته الانتخابات ، فإنها ستكون “السابقة الأولىط من نوعها في الانتخابات الأمريكية.
كما ظهرت جدلية أخرى ، دارت حول أن حكم المحكمة العليا في وقتها ، كان مسيسًا بسبب سيطرة القضاة المحافظين عليها ، وهم تابعون أيدولوجيًا لـ”حزب الجمهوري” ، وبالتالي كان من الطبيعي أن يصدر الحكم برفض دستورية إعادة فرز الأصوات في (فلوريدا)، التي أدت إلى التأكيد على خسارة “آل غور”.
سينارية “فلوريدا” 2000-لربما – يحصل في “بنسلفانيا”2020
يتخوف الأمريكيون (اليوم) من تكرار نفس السيناريو ، الذي حدث في فلوريدا عام 2000 ، وهذه المرة تحيط المخاوف بولاية “بنسلفانيا”، لأن ترمب قد استطاع بالفعل حسم الأمر في ولاية (فلوريدا)، التي كانت منبع الأزمة ، والحصان الرابح في انتخابات (بوش- آل غور).
ولاية بنسلفانيها ، التي يمثلها 20 مندوبًا في المجمع الانتخابي، تنقسم إلى مناطق ريفية ، يميل سكانها إلى الجمهوريين في حين يصوت سكان حضرها في فيلادلفيا (على سبيل المثال) للديمقراطيين .
ومن هنا ، يكمن تأرجحها ، وتكمن حساسيتها في مسألة الحسم ، ولذلك فإنه في عامي 2008 و2012 صوتت “بنسلفانيا” لصالح باراك (أوباما)، وفي 2016 ، رجحت كفة (ترمب) بفارق 44 ألف صوت.
ولإدراك كلا المرشحين ، أهمية الولاية في حسم السباق الانتخابي ، كثف “بايدن”، حملته الانتخابية في ولاية (بنسلفانيا)، التي ولد فيها، في حين نظمت حملة ترمب “4” فعاليات جماهيرية، في محاولة أخيرة لاستمالة أصوات الناخبين في واحدة من أكثر الولايات (تأرجحًا).
بالعموم لايبدو أن الديمقراطيين ، سيكونون أكثر مرونة في تقبل نتائج الانتخابات من نظرائهم الجمهوريين ، فقد تحدثت حملة بايدن بكثافة عن قمع الأمريكيين من أصول إفريقية ، كما أن هناك حديث عن أن الديمقراطيين ، جهزوا بالفعل دفوعهم وفريق المحامين للحاق بركب المحكمة العليا.
ووفق مكتب (التجدد الاخباري) في العاصمة الامريكية – واشنطن ، فإنه ، وبالرغم من أن (ترمب) لوح أكثر من مرة برفض نتيجة الانتخابات ، ولكن السيناريوهات ، تتجه إلى أن الحزب الجمهوري ، سيمارس ضغوطات على الرئيس الحالي للاعتراف بالهزيمة ، ولكن في اكثر التوقعات “تطرفًا”، فإن عناصر من المباحث الفيدرالية الأمريكية ، قد تضطر إلى اصطحاب ترمب الى خارج البيت الأبيض في حالة رفض الخروج بحلول 20 كانون الثاني \ يناير 2021.
ووفقًا لما تقدم فإن هناك ثلاثة سيناريوهات بالنسبة لنتائج الانتخابات الأمريكية:
السيناريو الأول – وهو الأكثر شيوعًا ” فوز بايدن” بالرئاسة ، وفي هذه الحالة يكون الأمر متسقًا مع استطلاعات الرأي ، التي أشارت إلى أن بايدن هو صاحب الشعبية الأكبر ، وأن فارق الأصوات بينه وبين تراب ، يمكن أن يصل إلى 10%.
السيناريو الثاني (مستبعد) – هو فوز الرئيس الحالي دونالد (ترمب) بولاية ثانية في تكرار للمفاجأة المدوية التي أحدثها في عام 2016 ، رغم أن كل التوقعات كانت ترجح فوز “هيلاري كلينتون”، بمن فيهم أعضاء من داخل حملة ترمب (نفسها).
ولكن حسب العديد من المتابعين ، وخبراء الانتخابات الرئاسية الامريكية ، فإن سيناريو (ثالث) ، هو نشوب أزمة دستورية في الولايات المتحدة ، يبدو أكثر واقعية ، خصوصًا مع اتضاح الصورة ، فيما يتعلق بالتقارب في الأرقام بين “ترمب وبايدن”.
وحسب (هؤلاء)، فإنه في حال اللجوء للمحكمة العليا ، ومجلس النواب لحسم الأمر على غرار ما حدث في انتخابات 2000 ، فإن الأمر ، سيتم حسمه سريعًا لصالح “ترمب”، وذلك بسبب سيطرة المحافظين على المحكمة.
وفي تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ، حدث لـ”خمس مرات”، أن يفوز مرشحو الرئاسة في التصويت الشعبي مع خسارتهم في المجمع الانتخابي.
وفي حالة عدم قدرة أي من المرشحين من حصد ، العدد الأكبر، من الأصوات الانتخابية ، يتم إجراء ما يسمى بالانتخابات المحتملة في الكونغرس . ذلك حال عدم وجود طعون ، وفي حال تم الوصول إلى تاريخ 14 كانون أول \ ديسمبر دون الإعلان عن فائز .
وفي هذا التاريخ ، يدلي جميع أصوات الهيئة الانتخابية بأصواتهم ، وإذا لم يتم الاتفاق ، يتم تمرير الأمر بحيث يختار “مجلس النواب”، رئيس الولايات المتحدة الجديد ، بينما يختار الكونغرس (نائبه).
ووفقًا لتصريحات ترمب ، فقد أعطت نانسي (بوليسي)، إشارات ترجح الدخول في صراع قانوني بالفعل ، خصوصًا أن ترمب لوح – دون دليل – بأنه سيطعن على نتيجة الانتخابات في أكثر من ولاية ، وهو ما قد يطيل عملية البت إلى (شهر) أو ربما أكثر – كما حدث في انتخابات عام 2000-
قوة ورقة (التصويت عبر البريد)
اظهر التعداد ، الذي أجرته جامعة “فلوريدا”، أن بطاقات الاقتراع ، التي أرسلت عبر البريد، أو سلمها الناخبون شخصيا ، قبل أن تفتح مراكز التصويت ،أبوابها، تشكل أكثر من 72 في المئة من العدد الاجمالي للبطاقات في انتخابات 2016.
وبذلك، يكون التصويت المبكر قد سجل رقما قياسيا. وكان ترمب ، البالغ 74 عاما ، احتل المنصات ، وكثف تنقلاته الانتخابية في الأيام الأخيرة، مراهنا على حماسة أنصاره الذين يشهدون تعبئة قصوى جراء حملة انتخابية ، اتسمت بحدة غير مسبوقة، لكي يسجلوا مفاجأة ، كما سبق أن فعلوا عام 2016.
ويعول بايدن (77 عاما)، الذي تمنحه نتائج استطلاعات الرأي ، الفوز منذ أشهر، على النفور الذي يثيره خصمه في صفوف جزء كبير من الناخبين، لكي يدخل البيت الأبيض (رئيسا)، بعدما شغل منصب نائب الرئيس في عهد (باراك) أوباما.
وهذا التراكم القياسي للأصوات عبر البريد ومن السيارات، التي قد يستمر ورودها في بعض الولايات لعدة ايام، قد يعقّد عمليات فرز الاصوات، أو يؤخر حتى اعلان الفائز في حال كانت النتائج ،متقاربة جدا، ويرى الديمقراطيون ، ان نتائجها ستأتي لصالح مرشحهم “بايدن” ، بينما يشكك الجمهوريون في هذه الآلية الانتخابية ، فعندما يتعلق الأمر بالاقتراع عبر البريد، كان بايدن يتفوق على ترمب بفارق كبير.
وطوال الحملة الانتخابية، عكست الولايات المتحدة ، صورة بلد منقسم إلى معسكرين متخاصمين ، انقطعت سبل التواصل بينهما. فعلى مدى أشهر، لوح دونالد ترمب بخطر وصول «يسار راديكالي» إلى السلطة ، عازم على تحويل أكبر اقتصاد في العالم إلى «فنزويلا على نطاق واسع».
فيما يكثف الديموقراطيون وفي مقدمهم (جو بايدن وباراك أوباما)، تحذيراتهم من العواقب التي قد تكون مدمرة للمؤسسات الديموقراطية في حال فوز ترمب بولاية ثانية.
\تحديث\
في وقت مبكر من اليوم (الأربعاء)، أعلن عن حسم الرئيس “ترمب” للعديد من الولايات ، التي فاز بها في عام 2016، وكما كان متوقعا منذ فترة طويلة، بدا جزئيا ، أن المنافسة تستقر في الولايات الصناعية الشمالية (الثلاث)، حيث فاجأ ترمب ، الديموقراطيين قبل أربع سنوات ، وهي : ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا.
حتى الآن لم يتمكن أي من المرشحين من الوصول للرقم السحري ، المتمثل بالحصول على 270 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي ، اللازمة لنيل كرسي الرئاسة، حيث نال ترمب 213 صوتا، فيما وصل بادين لـ238 صوتا.