aren

هل يستطيع لبنان الوقوف.. على «الحِياد»؟\\ كتابة : محمد خروب
الخميس - 16 - يوليو - 2020

لبنان

تتدحرج مثل كرة الثلج دعوة البطريرك الماروني بطرس الراعي إلى «حياد» لبنان. دعوة كررها «مَرتيْن» خلال أسبوعين موجّهاً إياها إلى «الأسرة الدولية» لإعلان حياد لبنان من أجل «تجنّب» الانخراط في سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، والحؤول دون تدخّل الخارج في شؤون لبنان» كما قال في عِظة قداس الأحد الفائت، الأمر الذي يأخذ المشهد اللبناني المعقّد والمُحتقِن والقابل للانفجار الاجتماعي (وغير الاجتماعي) في أي لحظة، وبخاصة أن الذين تلقّفوا دعوة الكاردينال هم أنفسهم الذين كانوا انتظموا بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في فريق 14 آذار، ثم ما لبثوا أن تفرّقوا وأوقعت بينهم الخلافات ذات الأبعاد الشخصية، وخصوصاً التنافس على تصدُّر الصفوف والجلوس على كرسي الزعامة. ما أسهم ضمن أمور أخرى في تمزّق صفوف هذا الفريق ودخوله مرحلة «التصفية» التي حالَت وتحول دون بروز «معارضة» موحّدة، تتوافق على برنامج سياسي واقتصادي يُنقذ لبنان وشعبه من السقوط في هاوية الإفلاس والانهيار الشامل. وهو ما تُركّز عليه معظم الدول الغربية وبعض العربية، التي ترى الفرصة سانحة أمامها لفرض شروط سياسية وأخرى ذات طابع مرتبط بلعبة المحاور وأخذ بلاد الأرز إلى جانبها، وما تقوم به فرنسا جزء من هذا الجهد، الذي يتحرّك وفق استراتيجية تقوم على تكثيف الضغوط على لبنان كحكومة وخصوصاً التصويب على رئيس الجمهورية المُتحالف مع حزب الله..

وإذا كانت دعوة النأي بالنفس التي تبنّاها الفريق السياسي المناوئ لحزب الله، وخصوصاً تحالفه مع التيار الوطني الحر الذي كان يرأسه الجنرال عون قبل وصوله إلى قصر بعبدا رئيساً للجمهورية، لم تجد آذاناً صاغية من قِبل المؤيدين بحماسة وانخراط ميداني في الأزمة السورية في «عزّ» احتدامها، فإن دعوة «الحياد» الأخيرة التي يتصدرها البطريرك الماروني رغم أنها لاقت تأييداً ودعماً من قوى سياسية وحزبية وأطراف مُشاركة في الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في السابع عشر من تشرين أول الماضي، وما تزال تتواصل وإن كان تواصلها بوتيرة أقل وبحماسة بدأت بالفتور، فإنها (دعوة الحياد) لن تختلف في النهاية عن دعوة النأي بالنفس كون الطرف المعني بها مباشرة هو حزب الله والقوى المُتحالفة أو المساندة له، الذي يتعرّض لهجمة أميركية شرسة ومعلَنة تروم تجفيف منابع تمويله وتحريض قاعدته الشعبية، عبر العقوبات المفروضة عليه وتلك التي يتمّ التلويح بها في وجه الذين يدعمونه، خصوصاً بعد دخول «قانون قيصر» الأميركي حيّز التنفيذ. فضلاً عن محاولات محمومة لا تنتهي تقودها إسرائيل، التي تدعو إلى إدخال تغيير على مهمة قوات اليونيفيل الدولية العاملة في جنوب لبنان، وخصوصاً وضع نقاط مراقبة أممية على الحدود السورية/اللبنانية، بذريعة إغلاق المعابر غير الشرعية ومنع تهريب المشتقات غير النفطية والمواد الغذائية..

من المُبكر التكهّن بمدى الدعم لدعوة إعلان حياد لبنان، بعد مناشدة الراعي رئيس الجمهورية العمل على «فكّ الحصار عن… الشَرعِية والقرار الوطنِي الحرّ». خصوصاً أن القرارالنهائي للمحكمة الدولية بشأن اغتيال الحريري سيصدر في 7 آب القريب.

“الرأي”الأرنية