aren

أنقرة تغرق بالمستنقع السوري : هجوم “تل أبيض” … يرسم الفشل التركي في سوريا
الإثنين - 4 - نوفمبر - 2019

20191102151414afpp--afp_1ly0mo.h_0

\خاص\

التجدد الاخباري – مكتب اسطنبول 

أدى انفجار سيارة مفخخة بمدينة “تل أبيض” السورية إلى وقوع عشرات الضحايا بين قتيل وجريح ، وذكرت وسائل إعلام تركية ، ومصادر اعلامية (أخرى) ، أن 12 شخصا على الأقل ، قتلوا وأصيب 30 آخرون (السبت) ، إثر انفجار سيارة في سوق بمدينة تل أبيض السورية الحدودية ، وذلك في حصيلة أولية ، قابلة للارتفاع في أية لحظة ، نظرا لوقوعه في سوق بالمدينة ، التي احتلتها تركيا في الفترة الأخيرة.

وبينما لم تعرف الجهة،التي نفذته، وما إذا كان (الهجوم) من تنفيذ الوحدات الكردية، التي تصنفها أنقرة وحلفاؤها الغربيون، تنظيما “إرهابيا”، وامتدادا لحزب العمال الكردستاني ، فقد قالت أنقرة ، إن “وحدات حماية الشعب الكردية”، هي المسؤولة عن الهجوم ، وتستهدف تركيا الوحدات في توغلها العسكري بشمال (شرق سوريا)، الذي بدأته الشهر الماضي ، وقالت وكالة “الأناضول” التركية الرسمية للأنباء ، إن الانفجار نتج عن سيارة محملة بمتفجرات وأودى بحياة 13 شخصا في أحد الأسواق بالمدينة.

و”تل أبيض” ، هي إحدى مدينتين رئيسيتين على الحدود ، شهدتا أعنف المعارك ، منذ بدأت تركيا توغلها العسكري في التاسع من تشرين أول \ أكتوبر ، لانتزاع أراض من الوحدات في شمال سوريا، وظلت الوحدات متحالفة لسنوات مع الولايات المتحدة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية \ “داعش”.

ووقع التفجير بعد أسبوعين من الهدوء النسبي في شمال شرق سوريا ، وبعد يوم واحد فقط ، من بدء قوات (روسية وتركية) دوريات مشتركة ، بموجب اتفاق بين البلدين ، أرغم الوحدات على الانسحاب من المنطقة القريبة من الحدود التركية.

وقالت وزارة الدفاع التركية على تويتر “نندد بهذا الهجوم المجرد من الإنسانية لإرهابيي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب المتعطشين للدماء الذين هاجموا المدنيين الأبرياء في تل أبيض بعد أن عادوا إلى ديارهم وأراضيهم نتيجة عملية نبع السلام” – بحسب وصف تركيا لهجومها في شمال سوريا- فيما وجه المتحدث الرئاسي التركي ، (إبراهيم) كالين ، أصابع الاتهام للوحدات أيضا. ولم يتسن بعد الوصول إلى متحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية – قسد ، التي تضم وحدات حماية الشعب ، للتعقيب.

 

بيما نشرت وزارة الدفاع التركية ، صورا لقطع خرسانية ، وحطام متراكم في أحد شوارع المدينة، وذكرت وكالة (الأناضول) أن بعض المصابين ، يتلقون العلاج في مدينة “شانلي أورفا” التركية ، الواقعة على بعد 50 كيلومترا إلى الشمال. فيما شوهد في موقع التفجير ، رجل بدا وجهه محترقا ، تنقله شاحنة صغيرة ، عندما كان رجال ، يحاولون إخماد النيران ، التي اندلعت في دراجات نارية مستخدمين مشروبات غازية ، وقطع من القماش، فيما كان الدخان الأسود يتصاعد من أكوام الحطام ، التي خلفها الانفجار ، وبدت الصدمة والحزن على وجوه السكان الذين وقفوا يشاهدون حجم الدمار ، وضحايا التفجير.

وكانت سيطرت أنقرة على مدينة (تل أبيض)، الواقعة على الحدود مع تركيا ، إضافة إلى بلدات أخرى الشهر الماضي، خلال هجوم بدأته في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا، وهي العملية العسكرية” الثالثة”، التي تشنها أنقرة في سوريا ، والتي تهدف من ورائها ، لإقامة منطقة آمنة على عمق 30 كيلومترا ،حتى توطن فيها مئات آلاف اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها.

وبعد أيام من قرار الرئيس الأميركي (دونالد) ترمب ، المفاجئ في السادس من أكتوبر\ تشرين أول  ، سحب قواته من شمال (شرق سوريا)، شنت تركيا وفصائل سورية حليفة لها ، هجوما عبر الحدود وسيطرت على (تل أبيض) ، وشريط بامتداد 120 كيلومترا تقريبا على الحدود ، ليتسبب الهجوم التركي في نزوح نحو 300 ألف شخص ، ومقتل 120 مدنيا. كما ، وأسفر الهجوم ، الذي نددت به عشرات الدول في الغرب والشرق الأوسط عن سيطرة جماعة “الجيش الوطني السوري “، المدعومة من أنقرة على (تل أبيض).

وقالت موسكو ، إن وحدات حماية الشعب الكردية ، انسحبت حتى 30 كيلومترا على الأقل من الحدود التركية ، وفقا للاتفاق ، لكن أنقرة عبرت عن تشككها ، ولم تستبعد إمكانية شن هجمات جديدة ، إذا بقي أعضاء من الوحدات في المنطقة.

20191102144901afpp-afp_1ly0mq.h

جهات استخباراتية “غربية – أطلسية” ، وفي “تحليل خاص” بها ، لهذا الانفجار الذي وقع (يوم السبت) بمدينة (تل أبيض) شمال شرق سوريا ، كشفت ان هذا الـ(هجوم الدموي) ، “يلقي الضوء على حجم التحديات ، التي تواجهها أنقرة بعد عدوانها الأخير على مناطق سيطرة الأكراد”.

وفي تقدير هذه الجهات ، ان هذا ، “هو أسوأ هجوم تتعرض له منطقة تحت سيطرة أنقرة ، منذ إعلان تركيا في 23 تشرين الأول\ اكتوبر”، بعد ان تم إيقاف هجومها اثر وساطة أمريكية ، واتفاق مع روسيا ، نص على أن تسهل موسكو ، انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية من منطقة بعمق 30 كيلومترا من الحدود التركية ، كما تم الاتفاق على تسيير دوريات مشتركة قرب الحدود، تستثني بشكل أساسي مدينة (القامشلي).

ووفق تلك الجهات الاستخباراتية ، فمن المتوقع ، “أن تواجه تركيا ، المزيد من الهجمات في المنطقة ، التي تسيطر عليها في شمال شرق سوريا “، وذلك استنادا الى ما سبق وأشارت اليه ، تقارير غربية ، إلى أن الاحتلال التركي ، لأجزاء من سوريا ، ضمن مطامع توسعية ، سيغرق أنقرة في المستنقع السوري.

وتهدف أنقرة إلى إبعاد المقاتلين الأكراد من حدودها ، وإنشاء منطقة “آمنة” تنقل إليها قسما كبيرا من 3.6 ملايين لاجئ سوري لديها ، حيث سيّرت القوات التركية والروسية (يوم) الجمعة ، دوريات مشتركة للمرة الأولى ، لضمان الانسحاب الكامل للأكراد.

لكن هجوم أول (أمس) السبت ، يؤكد وجاهة تحذيرات دولية من تعريض تركيا ، حياة آلاف الاجئين السوريين للخطر في حال قامت بترحيلهم للمنطقة الآمنة ، التي لا يبدو أنها ستكون آمنة كما يزعم الرئيس التركي رجب (أردوغان)، وكبار المسؤولين في نظامه.

وفي مدينة “القامشلي”، الخاضعة لسيطرة الأكراد على بعد أكثر من مئتي كيلومتر ، نحو شرق تل أبيض، تظاهر آلاف الأكراد (السبت)، تنديدا بالوجود التركي في المنطقة ، وردد المتظاهرون “لا للاحتلال التركي” وذلك بعد انتشار قوات تركية وفصائل موالية لها في مناطق ، كانت خاضعة للإدارة الذاتية الكردية في أعقاب الهجوم التركي.

وقال المتظاهرون أيضا “نعم للمقاومة وتعيش قسد”، في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية ، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية، عمودها الفقري، واضطرت إلى الانسحاب من مناطق حدودية إثر الهجوم التركي.

وهذه أيضا، هي (أول) انتفاضة كردية سلمية ، ضد الوجود التركي ، وضد عملية التغيير الديمغرافي ، التي تنفذها تركيا ، بسعيها لتوطين اللاجئين السوريين لديها في مناطق ، تعتبر تاريخيا ، معاقل للأقلية الكردية في سوريا.