
التجدد
دقت مجلة “نيوزويك” الأمريكية المعروفة ، ناقوس الخطر ، بعد أن كشفت وكالة “رويترز” العالمية للأنباء (أوائل) الشهر الجاري عن تقديم امارة “قطر”، طلباً رسمياً للولايات المتحدة الأمريكية من أجل شراء طائرات “إف-35” المقاتلة، لم تعلن واشنطن -حتى الآن- تأكيدها أو رغبتها في بيع هذه الطائرات إلى الدوحة، “نظراً للمخاوف الأمنية والاعتراضات التي تواجهها مثل هذه الخطوة”.

اثنان من أبرز الباحثين في مجال العلاقات الدولية، وهما “جوناثان سباير”، المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليل (MECRA) بالولايات المتحدة، و”بنجامين وينثال”، الزميل الباحث في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” في العاصمة – واشنطن. كـ”مراقبين خارجيين” يناقشان وفي هذا الصدد، ماتوجه اليه العديد من المراقبين حول بيان مدى خطورة تسليم النظام القطري ، مثل هذه المعدات الحربية، وكيف يمكن له أن يستخدمها.
ونشر الباحثان ، مقالاً في مجلة الـ“نيوزويك” يوم 28 تشرين أول- أكتوبر 2020 ، تحت عنوان “لا ينبغي للولايات المتحدة أن تبيع طائرات (اف-35) المقاتلة إلى النظام القطري” ، حذرا فيه من تسليم “نظام تميم”، هذه الطائرات، وفسرا أسباب ذلك.
سياسة (الدوحة) مشبوهة في منطقة الشرق الأوسط
يبدأ الباحثان بتأكيد أن النظام القطري ، يتبع سياسة إقليمية مشبوهة ، تُضاعف أكثر من خطر تسليمه مقاتلاتِ “اف-35″ الأمريكية ، التي تنتجها شركة ” لوكهيد مارتن” الامريكية الشهيرة.
يقول الباحثان : إنه على الرغم من تأسيس أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط داخل قطر بقاعدة “العديد” الجوية، إلا أن الدوحة تقف إلى جانب القوات والمعسكرات المعادية لواشنطن والدول الغربية في المنطقة، كما أنها تسعى لاستغلال علاقاتها مع المعسكرين الموالي والمعادي للغرب بشكل عام ، لتحقيق مآرب دبلوماسية.
فعلى سبيل المثال، يضيف المقال، تمول قطر حركة “حماس” في قطاع غزة، ولديها علاقاتٌ مع “إرهابيين في سوريا وتدعمهم كذلك”، وقد اتضح ذلك بعد أن دفعت لهم أموالاً في وقت سابق (نظير) إطلاق سراح رهائنَ غربيين.
ويوضح المقال أن قطر تنحاز، إلى جانب ذلك، “وبشكل علني” إلى القوى المعادية للغرب الممثلة في إيران وشركائها، حيث إن الدوحة “لديها علاقاتٌ وطيدة بإيران”.
وعلى الناحية الأخرى، تنحاز قطر كذلك إلى تركيا وتدعم “جماعة الإخوان”، كما أن ذراعها الإعلامي ، الممثل بقناة “الجزيرة” لا يتوقف عن التحريض ضد الولايات المتحدة.

شراكة إستراتيجية بين قطر والرئيس التركي أردوغان
ينتقل الباحثان بعد ذلك إلى توضيح طبيعة العلاقة ما بين “قطر وتركيا”، حيث يصفان طبيعة التوجه القطري نحو أنقرة ، بأنه ينبع من “شراكة إستراتيجية متنامية” بين الدوحة والرئيس التركي (أردوغان).
ويشير المقال إلى أن التحالف بين الطرفين الأخيرين ، “ربما يمثل الركيزة الأساسية للسياسة الخارجية القطرية” في ظل دعمهما لـ”جماعة الإخوان المسلمين”، وخاصة بعدما وقعا اتفاقية أمنية في عام 2014 ، تبعها تأسيسُ قاعدة عسكرية تركية لاحقاً على الأراضي القطرية.
ويفسر الباحثان تنامي العلاقات بين الدوحة وتركيا ، بأن ذلك جاء بعدما أعلنت الأولى عام 2018 عن أنها سوف تستثمر ما قيمته 15 مليار دولار في البنوك والأسواق المالية التركية عقب فرض الولايات المتحدة عقوبات على أنقرة، في ظل أزمة اعتقال القس الأمريكي “أندور برانسون”، أي أن الغرض من ذلك كان مساعدة الدوحة لأنقرة على التهرب من العقوبات الأمريكية.
وأرجع الباحثان سبب هذا الإعلان القطري إلى سعي تركيا للتقرب من النظام القطري بعد مقاطعته من جانب الدول العربية عام 2017 “بسبب دعم قطر للجماعات الإرهابية وعلاقاتها الوثيقة للغاية مع إيران”.
نظام الدوحة ساهم في تدمير الأمن بالشرق الأوسط خلال العقد الماضي
يشدد الباحثان على أن النظام الحاكم في قطر ، ساهم في زوال استقرار الأمن الشرق الأوسط خلال سنوات العقد الماضي، وهو ما أكده وزير التنمية الألماني “جيرد مولر” عام 2014 ، حينما قال : إن قطر تمول تنظيم “داعش” الإرهابي في (سوريا والعراق).
ويتطرق الكاتبان “بنجامين وجوناثان” إلى مثالٍ آخرَ ، يتعلق بسعي النظام القطري إلى “زوال الاستقرار في الشرق الأوسط” خلال العقد الماضي، قائلين إن أحدث هذه الأمثلة ، كشفت عنه صحيفة “دي تسايت” الأسبوعية الألمانية في شهرتموز\ يوليو الماضي 2020 ، حينما أكدت أن الدوحة (موّلت) حزب الله اللبناني، الذي يُصَنَّف إرهابياً داخل العديد من البلدان حول العالم، بالسلاح والمال وهو يُعد “الوكيل الإقليمي الرئيس للنظام الإيراني”.
“أمثلة أخرى” على الدعم قطر للإرهاب في دول مختلفة
يتناول الباحثان أمثلة أخرى على الدعم القطري للإرهاب في المنطقة، ومن بين ذلك مساعدته للنظام الإيراني على التواصل ، ودعم أكبر عددٍ ممكن من المجموعات الإرهابية، “سنية” كانت أو “شيعية”. فقطر تحاول بشكل كبير ن الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من النفوذ داخل الإقليم.
وعلى صعيد آخر، تملك قطر علاقاتٍ مع حركة “طالبان”، وقد منحتها ملاذاً آمناً منذ عام 2013 على الأقل، وهو ما أشار إليه القصرُ الرئاسيُّ في أفغانستان ، حينما قال يوم الأحد الماضي إن “صلات طالبان بالشبكات الإرهابية لا تزال قائمة”.
ومن ناحية أخرى، أمدت قطر رئيس المكتب السياسي السابق لحركة “حماس” ، أثناء قيادته للحركة باللازم لتوفير أسلوب حياة فخم وغير عادي في (الدوحة) على الرغم من تصنيف “حماس” كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.

“النظام القطري خطر جسيم على الأمن في الشرق الأوسط والعالم”
يُنهي الباحثان ، مقالاهما ، بالتأكيد على أنه إلى جانب السجل القطري في مجال انتهاك حقوق الإنسان، استغلال العمال بشكل سيء في التحضير لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، والفصل العنصري بين الجنسين على نطاق واسع، فإن “نظام آل ثاني ، يمثل خطراً جسيماً على الأمن الشرق أوسطي والعالمي” في جميع الأحوال.
ويختتم الباحثان ، المقال، بدعوة الولايات المتحدة إلى عدم بيع مقاتلات “اف-35” إلى قطر ، واصفين إياها بأنها “الدولة الراعية للإرهاب”، كما أن بيع هذه الطائرات لقطر سوف يعزز من أعداء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بشكل أكبر.
https://www.newsweek.com/america-should-not-sell-f-35-fighter-planes-qatari-regime-opinion-1542249