aren

“نظام النكدو- قراطية” في الدول العربية !\\ بقلم : د.فؤاد شربجي
الثلاثاء - 4 - أغسطس - 2020

117077786_399872517660610_727655014562147205_n

يشكل لبنان اليوم ، مختبرا قادرا على فحص أنظمة حوكمة ، كما أنه استطاع ان يخلق بعض هذه الانظمة ، التي يمكن ملاحظتها في معظم الدول العربية.

من هذه الانظمة ، مايمكن ان نسميه “نظام النكدوقراطية” ، حيث يتحكم (النكد) بين التيارات السياسية في جدوى العمل السياسي والحكومي ، بحيث تتعطل سلاسل الحوكمة ، وتضرب آلية العمل بنكد من هذه الجهة السياسية ، تجاه عمل مسؤول في وزارته أو دائرته ، فقط لتعطيله ، أو عرقلته ، لانه ليس من شلتنا أو فريقنا أو جماعتنا أو حزبنا، وكلها مترادفات لنفس العصبية الحاضنة ، والمولدة للنكد – كنظام – يتحكم بآلية العمل السياسي ، والحكومي.

في الحقيقة ، ألهمني هذا المصطلح (النكدو – قراطية) ، حديث لوزير المهجرين اللبناني (السابق) غسان عطالله ، قدم فيه الكثير من المعطيات والحقائق عن مشاريع مفيدة للناس ، وجرى تعطيلها بسبب النكد السياسي ، وأورد “عطالله” أنه عندما سأل النائب (محمد الحجار) المحسوب على كتلة المستقبل النيابية ، لماذا عطلتم مشروع كهرباء “دير عمار” ؟ فأجابه الحجار بكل صراحة (عطلناه بالنكد السياسي) كذلك شرح عطالله ، كيف جرى تعطيل انهاء ملف (المهجرين)، وفق الخطة التي وافق عليها الجميع ، ثم عادت “القوات اللبنانية” لممارسة (النكد السياسي) في تعطيله ، وابقاء قضية المهجرين ، معلقة في شباك الفساد والمتاجرة – كما نوه عطالله – لمشروع سد (بشري) ، ومواضيع ومشاريع كثيرة ، كلها عطلها ، أو عرقلها “النكد السياسي”.

وهذا مالفت نظري الى هذه الآلية في العمل السياسي والحكومي ، الذي ليس صفة لبنانية (فقط) ، بل يكاد يكون سمة عربية مشتركة بين أنظمة الدول العربية . ميزة لبنان انه يمكن فيه ، كشف مثل هذه البلاوي ، بينما تنمو هذه الاورام النكدية ، وتقتل العمل الحكومي الى جانب الفاسد في كثير من الدول العربية دون ان يجرؤ مسؤول او صحفي ، او مثقف على النظر لها ، او الاشارة الى مخاطرها.

النكد السياسي والحكومي ، المتضمن المكاسب الاقتصادية ، يمكن اعتباره شكلا من اشكال صراع الفاسدين بين بعضهم ، حيث بالنكد ، يجري تعطيل أعمال ، وبالصفقات يتم تسييرها ، كما يمكن اعتباره ، آلية من آليات الفاسدين في انجاح فسادهم ، وتحقيق مكاسبهم ، ودائما يكون هذا النكد ، معول هدم لحياة الوطن والمواطن ، ومادة تفجير للحاضر والمستقبل ، تنسف امكانيات أي ارتقاء مجتمعي حضاري وقبل كل شيء ، فان هذا يرد الدولة الى صيغة “صراع مصالح” بين مراكز القوى والاجهزة المتنفذة ، والعصابات المتحكمة بمفاصل الحكم ، وهي الصيغة المؤدية للانهيار المتمادي المستمر.

الدول القوية ، تبنى بالتوافق الاجتماعي السياسي والاقتصادي والثقافي على الارتقاء الشامل . فالى متى تنتظر شعوبنا ، مثل هذا التوافق ، كي تتخلص من أنظمة التكنوقراطية ؟ الى متى ؟ .