aren

نساء يقتربن من عرش “أوروبا”
السبت - 19 - يونيو - 2021

(خاص)

التجدد الاخباري

وسط التغيرات الكبيرة التى يمر بها العالم، بسبب جائحة «كورونا»، وما تبعها من تحديات اقتصادية كبيرة؛ توضح المؤشرات العالمية أن خريطة أوروبا السياسية على موعد مع تحولات محورية؛ خصوصا بعد صعود أسهم امرأتين حديديتين، هما: «مارين لوبان»؛ التى تستعد بقوة لانتخابات 2022 ، كأول سيدة محتملة تحكم فرنسا، والتركية «ميرال أكشينار»؛ التى أعلنت عن تحديها لـ«إردوغان» فى العام 2023..

وفى السطور التالية يرصد موقع “التجدد الاخباري” ، أبرزَ المعلومات حول «لوبان» الفرنسية و«ميرال» التركية؛ بهدف رسم صورة أوضح عن مستقبل القارّة العجوز.

ملف – تعقد رئيسة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف (التجمع الوطني) وعضو البرلمان مارين لوبان مؤتمرا صحفيا في باريس يوم 9 مارس آذار 2021.

مارين لوبان

مثيرة للجدل والانتقاد.. تصريحاتها لاذعة.. نظراتها حادّة وماكرة.. منهجها متشدّد.. هكذا تبدو مارين لوبان؛ السيدة القوية والمحامية العاشقة للعمل السياسى، والمنافس الأوفر حظّا لـ«ماكرون» فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2022.

عندما سألها مراسل «نيويورك تايمز» فى فرنسا عام 2011 عن أكبر حادث ساهم فى تكوين شخصيتها، قالت: «بعد تدمير واجهة البناية التى كنت أسكنها وعائلتى بعبوة ناسفة تزن عشرين كيلو من ديناميت.. وقتها عرفت أن السياسة مهنة شديدة الخطورة قد تكلفك حياتك».

ورثت «مارين» أو «شقراء اليمين» كما يُلقبونها، عن أبيها «جون مارى لوبن» المنهج نفسه، إذْ كانت ذراعه اليُمنَى، ولكن قبل أن تتحول الأمور وتقف أمامه فى ساحات المحاكم؛ تتهمه بالإضرار بمصالح الحزب والسير عكس توجهاته؛ بعد اتهامه بالعنصرية واللا ساميّة، فى تصريحاته عن اليهود والمسلمين عندما قال: «أحبهم؛ ولكن فى ديارهم ليبتعدوا عنّا».

مصرية قبطية

عانت «مارين»، التى تبلغ من العمر 52 عامًا، ذات الأصول المصرية (والدة جدتها قبطية من أسيوط)؛ الكثير من الفضائح والانكسارات، بعد ما تعرضت له من التمييز، وهى صغيرة بسبب مواقف أبيها السياسية، ومن فضيحة ظهور والدتها عارية على صفحات إحدى مجلات الفضائح انتقامًا من والدها السياسى المخضرم، واتهمت بقضايا فساد وتمويل حزبها بأموال الاتحاد الأوروبى والاحتيال وخيانة الأمانة؛ بزَعْم وجود مساعدين وهميين، والحصول على رواتبهم.

فى السياق نفسه، عاشت «لوبان»، حياة زوجية مضطربة مليئة بالخيانات وطلقت مرتين، فضلًا عن كونها «أمّ» لثلاثة أبناء، فيما تعيش حاليًا مع عضو البرلمان الأوروبى «لويس إليو».

لم يكن هدف «مارين» فى انتخابات 2012 الفوز، فقد كان مستحيلًا بعد اتفاق «نيكولا ساركوزى» و«فرانسوا هولاند»؛ عشيقها السابق على التصدّى لها، لكن الهدف الأسمَى الذى نجحت فى تحقيقه هو تحويل حزبها من مجرد كيان أيديولوجى إلى حزب حقيقى له ثقل، وقادر على دخول الإليزيه، كبديل لطبقة سياسية فاسدة «يمين ويسار»، وطرح نفسها كوجه سياسى له ثقله.

لوبان مع والدها

عملت «لوبان» على تحسين صورة الحزب وصورة أعضائه، الذين صنّفهم الفرنسيون كمُعادين للهجرة، ومتعصبين وفاشيين، فاستطاعت توسيع دائرة أنصار الحزب، خارج الشرائح التقليدية من عمال وكبار السّن والفلاحين.

رُغْمَ زعمها أنها دافعت كثيرًا عن مهاجرين غير شرعيين، عندما كانت تمارس المحاماة فى باريس؛ فإن «لوبان» تكنُّ عداءً شديدًا للمهاجرين: «لا أرفض الهجرة كظاهرة.. المهاجرون مُرَحَّب بهم بشروط الاندماج فى الثقافة الفرنسية والانتباه لخطر الإسلام الشمولى، إنه مثل العولمة يهدد علمانيتنا وحريتنا»، وفى عام 2010 شبّهت صلاة المسلمين فى الشارع بالاحتلال النازى!

مع بداية انطلاق جولتها الانتخابية الأولى، قبل 18 شهرًا من انتخابات الرئاسة الفرنسية، والمزمع عَقدها عام 2022؛ أظهرت استطلاعاتُ الرأى الحديثة للناخبين الفرنسيين أن «مارين لوبان»، زعيمة حزب التجمع الوطنى اليمينى المتطرف، زادت شعبيتها منذ انتخابات عام 2017 وأنها والرئيس «إيمانويل ماكرون» المتنافسان الأكثر حظّا، مع وجود سياسيين آخرين خلفهم بفارق كبير.

كما نقل عن «فريدريك دابى»، نائب المدير العام لمؤسَّسة إيفوب قوله فى صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» ، إن لوبان «قد تكون الفائزة فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية».

هذه المؤشرات جاءت مع تراجُع تقييمات «ماكرون» وتدنى شعبيته، هو ورئيس الوزراء «جان كاستكس»، فى الأسابيع الأخيرة بسبب البطالة وسوء الأحوال المعيشية وعجز الحكومة عن احتواء أزمة ازدياد حالات الإصابة بفيروس «كورونا»، التى وصلت إلى مستوى قياسى، بينما تحاول تجنُّب الإغلاق الثانى على مستوى البلاد، واندلاع الاحتجاجات فى مرسيليا، ثانى أكبر مدينة فى فرنسا، بعد قرار الحكومة إغلاق الحانات والمطاعم ومواجهة باريس، إجراءات أكثر صرامة، إضافة إلى اتباع «ماكرون»، نهج «لوبان» فى خطابه ضد الإرهاب الدينى، فى فرنسا مثله مثل نماذج لسياسيى الوسط فى أوروبا المتوددين لليمين المتطرف؛ لجذب المزيد من أصوات الناخبين.

وقالت لوبان: «ماكرون يستعد من الآن.. ولن أسمح أن يمضى قُدُمًا.. لقد فشل حتى فى حماية الفرنسيين».

لن يكون وصول «لوبان» إلى الإليزيه، حادثًا فريدًا أو معزولًا فى أوروبا؛ فالأزمات الاقتصادية العاصفة، سمحت لأحزاب التيار اليمينى؛ خصوصًا فى سويسرا وإيطاليا واليونان وهولندا بالصعود السياسى الكبير.

ميرال أكشينار

 العالم ينتظر حلول عام 2023، موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى تركيا، إذ تتوجه الأنظارُ لفَرَس الرّهان الرابح للمعارضة «ميرال أكشينار»، زعيمة حزب الخير، الذى تم تأسيسه فى العام 2017، وينتظرها ملايين الأتراك؛ لإصلاح العطب الذى صاب المعارضة التركية، بسبب جنون «إردوغان» وأطماعه الاستعمارية فى المنطقة.

تاريخ «أكشينار» السياسى، ملىء بالعَقبات والتحديات؛ فهى ابنة مهاجرين يونانيين مسلمين، عانى أسلافها كثيرًا من حروب البلقان، ثم جاءوا إلى تركيا وعمرها عام ونصف، واستقروا فى بلدة قوجة.

والد «ميرال» ليس بعيدًا عن العمل السياسى، فقد كان عضوًا فى حزب الشعب الجمهورى، وتزوجت «ميرال» من «توجو أكنير»، ولديها ابن يُدعَى «فاتح»، الذى تزوج عام 2012، ومن مفارقات القدَر أن يكون «رجب إردوغان» شاهدًا على الزفاف فى قصر بيلربى!، ولديها حفيد واحد هو «أحمد».

عملت «ميرال» كأستاذة جامعية بعد حصولها على دكتوراه فى التاريخ، ومع فوزها بمقعد فى البرلمان التركى تركت العمل الأكاديمى لتتفرّغ للسياسة.

يقارن السياسيون «أكشينار» برئيسة الوزراء «تانسو تشيللر»، المرأة الأولى والوحيدة التى ترأست حكومة تركية ائتلافية بين عامَى  1994و1996، كما شغلت منصب نائب رئيس وزراء فى حكومة أربكان.

انضمت «أكشينار» إلى حزب العدالة والتنمية، لكنها استقالت سريعًا؛ منتقدة الحزب وأسلوب إدارته كامتداد سيئ لحزب «الرفاة»، وبعد أفول نجم حزب «الطريق القويم»، دخلت البرلمان عبر حزب «الحركة القومية»، الذى تركته لاحقًا فى حركة انشقاق.

أكراد لبنانيون يحملون لافتة تحمل صورة (أردوغان) في 26 كانون الثاني – يناير 2018 ، خلال مظاهرة بالقرب من السفارة التركية في بيروت ، ضد الحملة العسكرية التركية المستمرة على منطقة “عفرين” السورية .



واستمرت ألاعيب «إردوغان» ومعاونيه بوضع العراقيل أمام «أكشينار»؛ لحرمان الحزب الجديد من تنظيم صفوفه، ومنعه من التوسع حتى إن دعوته لإجراء انتخابات مبكرة، كانت بهدف اللعب على ضيق الوقت؛ لمنع «أكشينار» من ترتيب أوراقها واختيار مرشحيها المناسبي ن، وترتيب حملتها الانتخابية.

ويقول المراقبون للشأن السياسى فى تركيا إن «ميرال أكشينار» (64 عامًا) هى الوحيدة التى تمتلك الكاريزما والقوة الكافية؛ للوقوف فى وجه «إردوغان» وتحدّيه، فهى خصمٌ من نوع مختلف عن خصمه التقليدى «كليجدار أوغلو»، مرشح الحزب الجمهورى، تعرّف كيف تلعب وفق قواعده، وقادرة على اجتذاب شرائح متعددة من الناخبين لأنها ملتزمة دينيّا، وخطاباتها مليئة بالأمثال الشعبية والمواعظ تعجب رجل الشارع والبسطاء.

وتهتف «أكشينار» دائمًا أمام داعميها وتجمُّعات أنصار الحزب: «لستُ رئيسة وزراء، بل رئيسة جمهورية»، مؤكدة أنها ماضية فى طريقها للإطاحة بـ«إردوغان»، فيما يتوقع السياسيون أنه حال وصول «أشكينار» للجولة الثانية؛ بإمكانها الحصول على دعم وأصوات المعارضة جميعًا فى مواجهة الرئيس التركى.