aren

نتنياهو دفع إسرائيل للحظة خطيرة.. ولن نقف مكتوفي الأيدي \\ بقلم : مارغريت هودغ
الأحد - 5 - مارس - 2023

نحن نشهد الآن اندلاع أسوأ أعمال العنف منذ سنوات عديدة في غزة والضفة الغربية، وقد عدت لتوي من رحلة استمرت لمدة أسبوع في إسرائيل، هي الأولى لى منذ عام 1994، وهي الزيارة التي مكّنتني من رؤية ما تغير هناك.

وعلى الرغم من أننى لطالما دافعت عن حل الدولتين، بشكل يضمن وطنًا مستقرًّا وآمنًا للفلسطينيين والإسرائيليين، على حد سواء، ولكن هذا الحل يبدو وهمًا فى هذه اللحظة، وذلك في ظل وجود احتمال ضئيل لتطوره إلى واقع سياسى، فالتوترات باتت تزداد، ومع ذلك فإن المجتمع الدولي، المنشغل بأزمات أخرى، لا يفعل أكثر من الإعراب عن القلق إزاء تصاعد العنف.

ومن وجهة نظري المتواضعة، فإن عدم القيام بشىء هو أمر لا يصب فى مصلحة الإسرائيليين أو الفلسطينيين. فالمقترحات المعادية للديمقراطية، والتي تدرسها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة الجديدة، إلى جانب الهجوم المتجدد على المنازل وأهم الحقوق الأساسية للفلسطينيين، الذين يعيشون فى الأراضى المحتلة، لن تؤدى إلا إلى تعميق الانقسام وزيادة التوترات.

وتخطط حكومة نتنياهو لتقويض استقلال القضاء من خلال إقرار التعيين السياسى للقضاة، وإدخال بند جديد يسمح بإلغاء أي قرار تتخذه المحكمة العليا فى إسرائيل بأغلبية بسيطة فى الكنيست، وهو ما يقضى على استقلال القضاء، كما أن الأمر يبدو خطيرًا بشكل خاص لأن إسرائيل ليس لديها دستور مكتوب، وتعتمد على قوانينها الأساسية، التى يدعمها القضاء المستقل لحماية الحقوق الأساسية، وتفتخر إسرائيل بأنها الديمقراطية الحقيقية الوحيدة فى المنطقة، ولكن لا توجد ديمقراطية ذات مصداقية تقوض استقلال القضاء بهذه الطريقة.

وقد حصل نتنياهو على منصبه بعد الانتخابات الأخيرة من خلال تشكيل ائتلاف مع اليمين المتطرف، ثم قام بمكافأة اثنين من أكثر قادته تطرفًا، وهما إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، بوظائف تجعلهما مسؤولين عن الأمن القومي والدفاع.

وصحيح أن نتنياهو حصل على منصبه فى انتخابات ديمقراطية، وهو ما يجعل الكثيرين يشككون فى حق الآخرين فى التعليق، ناهيك عن التدخل فى الوضع الحالى، ولكن هذه لحظة خطيرة للغاية بالنسبة لإسرائيل يمكن أن تدفعنا بسهولة إلى انتفاضة ثالثة، فهل يمكننا أن نقف على الهامش لنتابع ما يجرى؟.

فالجالية اليهودية الإسرائيلية منقسمة تمامًا، والمظاهرات الحاشدة ضد نتنياهو وداعميه باتت جزءًا من اليوم، كما باتت أحزاب اليسار فى حالة من الفوضى، وغير قادرة على تقديم معارضة فعَّالة، والمفاوضات بين السلطة الفلسطينية والسلطة التنفيذية لنتنياهو أصبحت مستحيلة.

ولا تزال التهديدات من إيران تهيمن على الأوضاع، حيث يعتقد الكثيرون أن الهجوم على القدرة النووية الإيرانية هو أمر لا مفر منه، ولذا فإن إسرائيل فى الوقت الحالي ليست فى وضع مناسب للمضى قدمًا بطريقة سلمية.

وقد زرت حي الشيخ جراح، وهو حى فقير في القدس الشرقية، وجلست فى حديقة عائلة مكونة من 20 فردًا من الفلسطينيين، الذين عاشوا فى منزلهم المتواضع على مدى ثلاثة أجيال، ولكنهم تعرضوا الآن للتهديد بالإجلاء من قِبَل الإسرائيليين، كما قام وزير الأمن، بن غفير، بإقامة شرفة مراقبة صغيرة على جزء من الحديقة الواقعة أمام منزل هذه العائلة، زاعمًا أنها مكتبه، ولكن فى الواقع كان هذا بمثابة تأكيد استفزازى لسلطته على المنطقة وسكانها.

وفي ظل المشهد السياسي المدمر والحكومة، التي تركز على الإجراءات، التى لا تؤدى إلا إلى ترسيخ الانقسام والكراهية، ما الذي يمكن فعله؟

هناك حاجة إلى الضغط الدولي، وخاصة من اليهود فى الشتات، للحد من تجاوزات الحكومة الحالية، كما أن هناك حاجة أيضًا إلى تدخل دولى من الخارج وعملها بنشاط لتسهيل المفاوضات بين الطرفين.

وصحيح أن حل الدولتين يبدو مستحيلًا سياسيًّا في الوقت الحالي، لكننى أعتقد أنه أمر حتمي، ويجب أن نؤدى دورنا فى الوصول إلى هناك دون المزيد من الكراهية غير الضرورية وإراقة الدماء.

عضو برلمان المملكة المتحدة

“المصري اليوم”