التجدد – ترجمة (مكتب بيروت)
خلال زيارة للكنيسة الأرثوذكسية للسيدة “مريم العذراء” في دمشق الأسبوع الماضي، إلى جانب الرئيس السوري “بشار الأسد”، قدم الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” ، فكرة للرجل الذي أنقذه، لماذا لا تدعو الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” إلى القصر الرئاسي؟ وقال “بوتين” إن العلاقات الأمريكية السورية يمكن إحياؤها من سباتها الرهيب. وعندما مازح “الأسد” الرئيس الروسي بأنه مستعد لتوجيه الدعوة، ابتسم “بوتين” ، وأجاب: “سأبلغه”.
ربما ، لم تحظ هذه الحكاية المثيرة للضحك، التي نشرها مراسل القناة 13 من أخبار (إسرائيل)، “إيهود باراك”، باهتمام كبير في واشنطن ، ولا يرى معظم الأشخاص في العاصمة الأمريكية ، أن “ترامب” قد يزور دمشق على الإطلاق ، وستكون الضجة كبيرة، حتى أن الحزب الجمهوري الذي يهيمن عليه “ترامب” ، وصف مثل هذه الزيارة ، بأنها ستكون وصمة عار على الطابع الأخلاقي لأمريكا ، وليس لدى “ترمب”، أيضا، حافز كبير للخروج في هذه الرحلة.
لكن ليس هناك حرج في أن يتساءل المرء ، عما إذا كان “ترمب” سينظر في الأمر، فمن الذي كان يمكن أن يتنبأ في صيف عام 2017، عندما كانت واشنطن و”بيونج يانج” (عاصمة كوريا الشمالية) يهدد كل منهما الآخر بالدمار المتبادل، أن “ترمب” والزعيم الكوري الشمالي “كيم يونج أون” سيتصافحان ، ويتجولان في الحديقة معا في وقت لاحق؟
بالطبع ، لم يكن هناك أحد يتوقع ذلك، مما يجعل لقاء “ترمب” المحتمل بـ “الأسد” ، أكثر من مجرد افتراض نظري.
ويعد “ترمب” شخصية لا يمكن التنبؤ بها، وخلال الأعوام الـ 3 التي قضاها في المكتب البيضاوي، كان غير مقيد إلى أقصى الحدود، وقال أشياء لا ينبغي أن يقولها، واتخذ القرارات على الفور دون دراسة، وأقنع الجنرالات بسهولة بالميداليات اللامعة على صدورهم. وتعد واحدة من أكثر الصفات إثارة للاهتمام حول “ترمب”، مع ذلك، أنه يتوق لإجراء الصفقات الكبيرة. وإذا كان لدى الرئيس خيار، فمن المرجح أنه لن يعير الاهتمام للهواجس الأخلاقية ، وسوف يتحدث مع أي شخص يدعوه ، أو يرسل له رسالة.
ويعد ما حدث مع “كيم يونج أون” ، أبرز مثال على هوس “ترمب” بالصفقات الكبيرة، ولكن هناك آخرون كذلك ، وبالنسبة لإيران، قد يتحدث “ترمب” كثيرا عن إفلاس البلاد، لكنه مد يده إلى الإيرانيين لإجراء مفاوضات مباشرة. وقال “محمود فايزي”، الممثل الخاص للرئيس الإيراني “حسن روحاني”، في اجتماع لمجلس الوزراء عام 2018، إن “ترمب” حاول ترتيب نقاش مع طهران 8 مرات. وعلى الرغم من عدم تأكيد الرقم، إلا أنه لن يكون غير عادي بالنسبة لرجل يسوق نفسه كأفضل مفاوض في العالم. وأراد “ترمب” مقابلة “روحاني” خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي، وهو عرض رفضه الرئيس الإيراني جزئيا.
وقد يكون “نيكولاس مادورو” (رئيس فنزويلا) منبوذا في واشنطن، وأوروبا، وفي معظم أنحاء نصف الكرة الغربي، لكن ذلك لم يمنع “ترمب” من تصور نوع من الحوار معه.نعم، تهدف سياسة إدارة “ترمب” مع فنزويلا إلى تغيير النظام، أي تجويع حكومة “مادورو” من الموارد التي تحتاجها للحفاظ على السيطرة ومنح الدعم الدبلوماسي لـ “خوان جويدو”، لكن إذا كان تغيير النظام يمكن أن يتم دبلوماسيا، فبالتأكيد يفضل “ترمب” ذلك كثيرا.
وترك “ترمب” الباب مفتوحا أمام احتمال الجلوس مع “مادورو” وجها لوجه على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة 2018. ومرة أخرى، لم تحدث هذه الجلسة قط. لكن حقيقة أن “ترمب” كان على استعداد لمثل تلك المقابلة ، أكدت في أذهان كثير من الناس أن “ترمب” لا يتورع عن التحدث إلى أشخاص يعتبرهم مستشاروه للأمن القومي ، مثالا للشر.
وإذا كان “ترمب” على استعداد لدعوة مسؤولي “طالبان” إلى المنتجع الرئاسي في “كامب ديفيد”، في سبتمبر/أيلول الماضي، للتوقيع على اتفاق، فإلى من كان سيتحدث؟
ومع كل هذا، لا ينبغي لنا أن نتوقع بشكل كبير أن يذهب “ترمب” في رحلة إلى دمشق. فيبدو أن الهجمات بالأسلحة الكيميائية، التي قامت بها الحكومة السورية في عامي 2017 و2018، تدمر مصداقية الرئيس السوري في نظر “ترمب”. حتى أنه أراد اغتيال “الأسد” عام 2017 ، ردا على هجوم “غاز السارين” في ضواحي دمشق، الذي أودى بحياة العشرات من الأطفال.
لكن ليس من الجنون ، تصور الرئيسين الأمريكي والسوري ، يجلسان إلى جانب بعضهما البعض مع ومضات الكاميرات حولهما ، فمثل هذه اللحظة، المثيرة للجدل والتاريخية، لن تكون غريبة على “ترمب”.
https://nationalinterest.org/blog/skeptics/would-president-trump-travel-syria-meet-assad-113276