aren

مصادر استخبارية أطلسية لـ”التجدد الاخباري” : إيران تهدّد إسرائيل بالرد في حال استهدافها بسورية … وموسكو تلوح لتل أبيب بـ”إجراء رمزي”
الخميس - 23 - يونيو - 2022

خاص \ حصري

التجدد الاخباري – مكتب (بيروت + واشنطن)

إيران أبلغته إلى روسيا، بأن أي اعتداء إسرائيلي على مراكزها في سورية سيتبعه رد مباشر على إسرائيل

تم استخدام مواد خاصة ، أعادت فتح مطار دمشق الدولي في غضون فترة لم تكن متوقعة للعديد من الجهات المتابعة

-نقلة جديدة في علاقة (تل ابيب – موسكو) لم تعد تقتصر على الضباط الروس والإسرائيليين ، الذين ينسقون مع بعضهم البعض في سورية، بل إن القرار ذهب إلى المستوى الأعلى السياسي، على مستوى القادة ، ورأس الهرم

(الأوليغارشية) -الروسية ، القريبة من إسرائيل ، فقدت سلطتها عند الرئيس “فلاديمير بوتين”، خصوصاً بعد تدفق المساعدات العسكرية والتقنية الإسرائيلية إلى (كييف).

مطار دمشق الدولي

ثمة تطور جديد ساقه الاعتداء الصارخي الاخير على مطار دمشق الدولي ، والذي أخرجه عن الخدمة (موقتاً)، بعد 7 أعوام من استهداف مواقع في داخله ومحيطه ، بذريعة اسرائيلية فحواها : وجود مخازن لأسلحة متقدمة أحضرتها إيران، وهي تتعلق بصواريخ مضادة للطائرات وصواريخ دقيقة الإصابة (أرض – أرض)، ومسيرات حديثة متعددة المهام.

وفق مصادر التجدد ، فان هذا التطور ، “تمثل بتهديد من إيران أبلغته إلى روسيا، بأن أي اعتداء إسرائيلي على مراكزها في سورية سيتبعه رد مباشر على إسرائيل”. ولذلك، فقد استدعت موسكو السفير الإسرائيلي لديها، لتبلغه أن الاعتداء على مطار دمشق “شكل خرقاً لكل الخطوط الحمر وأنها ستأخذ القضية إلى مجلس الأمن لتدين انتهاك إسرائيل للقانون الدولي”.

وكانت موسكو تعهدت لحكومة دمشق، أن مطارها الرئيسي لن يكون عرضة لأي هجوم إسرائيلي، إلا أن ذلك لم يحصل، واستمرت إسرائيل بهجماتها من دون تعطيل المدارج وحركة الملاحة الجوية المدنية والعسكرية، والتي لم تتوقف يوماً منذ العام 1970 وحتى طيلة أعوام الحرب.

فقد تمادت (تل ابيب) في الأسابيع الأخيرة بضرب المدرج (الشمالي والجنوبي) مراراً وتكرارا لأخراج المطار من الخدمة ، وقد أعلنت ذلك دمشق رسمياً عندما كشفت أن مطارها تضرر بشدة ، وتوقف عن العمل.

وبحسب مصادر خاصة لـ(التجدد الاخباري) ، فقد تم استخدام مواد خاصة ، أعادت فتح المطار – فتح المطار صباح اليوم لمتابعة كافة أعماله الملاحية الجوية – في غضون فترة لم تكن متوقعة للعديد من الجهات المتابعة. وتضيف مصادر التجدد انه ثمة “التزام روسي جديد وواضح، بأن أي اعتداء مستقبلي عليه (المطار) سيجابه بالرد المماثل عبر قصف مباشر لإسرائيل”.

بالتوازي ، نقلت موسكو، ملف الاعتداء الإسرائيلي، إلى مستوى آخر بإبداء نياتها تقديم مشروع قرار الى مجلس الامن الدولي يدين العدوان ، وترى (جهات متابعة) انه حتى ولو استخدمت الولايات المتحدة ، حق النقض (الفيتو)، يؤشر التلويح الروسي، إلى أن موسكو تعتقد أنه حان وقت إنذار “إسرائيل” لتوقف تماديها ، خصوصاً أنها اتخذت موقعاً معادياً للكرملين في العملية العسكرية الأوكرانية.

فقد اعتبر استدعاء السفير الإسرائيلي في موسكو، وطلب توضيحات منه ، نقلة جديدة في علاقة لم تعد تقتصر على الضباط الروس والإسرائيليين ، الذين ينسقون مع بعضهم البعض في سورية، بل إن القرار ذهب إلى المستوى الأعلى السياسي، على مستوى القادة ، ورأس الهرم.

وشكل هذا التطور (موقفاً لافتاً وغير مسبوق ومتقدم) ، تقوم به روسيا بإدانتها إسرائيل، بعدما غفرت لها مئات المرات حتى عندما تسببت إحدى الغارات الإسرائيلية بإسقاط طائرة روسية على متنها 15 ضابطاً في أيلول\ سبتمبر العام 2018.

وتؤكد روسيا للإسرائيليين أن اعتداءاتهم على مطار دمشق ، تقوّض الاستقرار وتنتهك سيادة سورية، وعليه فإن موسكو ستطالب بمحاسبة المسؤولين، لأن القصف يمنع مساعدة سورية على المستوى الإنساني.

ويعتبر هذا ، “استيقاظاً ولو متأخراً”، لأن إسرائيل أعلنت أنها قامت بأكثر من 1500 غارة على سورية في الأعوام الأخيرة، أكثرها أثناء وجود القوات الروسية منذ 2015، وتدعي أنها مسؤولة عن 400 ضربة ضد أهداف إيرانية في سورية.

وفي هذا الاطار ، كشفت لـ(التجدد) مصادر إيرانية في سورية ، ان “هذا الرقم ملفق وغير دقيق”، وأن ضربات كثيرة أصابت أهدافاً متكررة من دون قيمة ، أو مطابخ ، أو مواقع خاوية ، وأحيانا كثيرة مواقع أخرى ، تحوي مخازن أسلحة.

الا ان اللافت في مستوى التوتر الاخير ، أن موسكو أعلنت بأن تبريرات السفير الإسرائيلي (غير مرضية ولا مقنعة) ، إذ تدعي تل أبيب أنها تهدف إلى إضعاف التحالف الإيراني – السوري، إلا أنها لم تنجح بإحداث تباعد بين الدولتين، وقد تجلى ذلك بالزيارة الأخيرة للرئيس بشار الأسد الى إيران (في أيار\ مايو الماضي) والتي أنتجت مباشرة وصول ناقلتي نفط إيرانيتين إلى مصفاة بانياس لمساعدة دمشق في أزمتها النفطية القاسية.

من جهة ثانية ، أماطت تقارير استخبارية غربية ، اللثام عن تقديرات أمنية حديثة خاصة بها ، تتعلق بمجال العلاقات الروسية – الاسرائيلية في ظل العملية العسكرية باوكرانيا ، وقد اتيح لـ(التجدد) ، الاطلاع على بعض تلك التقييمات الاستخباراتية.

حيث تلفت هذه التقارير “شديدة السرية ومحدودة الاطلاع” ، أن (الأوليغارشية) الروسية ، القريبة من إسرائيل ، فقدت سلطتها عند الرئيس “فلاديمير بوتين”، خصوصاً بعد تدفق المساعدات العسكرية والتقنية الإسرائيلية إلى كييف ، هذا بالإضافة إلى الإنذار الذي أصدرته إيران في شكل جدي، بأن أي ضربة إسرائيلية موجهة ضدها في سورية ، سترد عليها ، ولن تكون في الجبهة وحدها، لأن لبنان وسورية ، هما جزء من (محور المقاومة)، المعني بالرد أيضاً.

وتشير تلك التقارير أيضا ، الى انه لماكانت موسكو دائماً بعيدة عن الصراع الإيراني – الإسرائيلي في سورية، إلا أن الضربات الإسرائيلية ، كانت تهدف إلى شل المرافئ الاقتصادية (المرفأ والمطار) ، وضرب البنية التحتية ، وليس فقط شحنات السلاح ، التي تتدفق يومياً من إيران إلى سورية عبر الحدود البرية.

كما تكشف تلك التقارير في هذا السياق ، عن ان إيران قدمت مصانع للصواريخ الدقيقة، وعرضت تقديم منظومات دفاع جوي إلى سورية ، خصوصاً بعد التباطؤ الروسي في استبدال المنظومات ، والتي تضررت من خلال الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة.

مصادر إيرانية في دمشق ، قالت لـ(موقع التجدد الاخباري) : ان “إسرائيل لا تفهم إلا منطق القوة وأن رئيس الوزراء نفتالي بينيت فشل – كما فشل من سبقه – بإبعاد إيران عن سورية ، بل على العكس، فإن العلاقة أقوى بكثير اليوم، وتالياً فإنه ينبغي على دمشق البحث عن كيفية إعادة التوازن وفرض توازن الردع مع إسرائيل”.

وعن الاحتمالات المرجحة لاندلاع حرب جديدة ، تذكر التقارير الصادرة من أكثر بلد شرق أوسطي ، ان اولوية دمشق الآن ، هي تركيز القوات السورية على منع دخول تركيا (شمالاً)، خاصة وأن تهديد “الجهاديين” وحلفاء تركيا في (إدلب ومحيطها) لم يتوقف يوماً، وكذلك هجمات بقايا تنظيم “الدولة الاسلامية – داعش” ، وتالياً فإن تل أبيب ، تقرأ أن دمشق ليست في وارد الدخول في حرب معها.

إلا أنه وبحسب تلك التقارير ، فان إيران غير معنية ، وتستطيع الرد على إسرائيل بأساليب مختلفة وفي مسارح عدة وبالمباشر عندما يتطلب الأمر، ولذلك أرسلت الإنذار الأخير إليها عبر موسكو.

وفي قراءة لفهم تعقيدات المشهد سياسيا – عسكريا ، ومآلاته ، يجيب عدد من الاستراتيجيين والخبراء بالصراع في المنطقة ، ان علة الفهم الاسرائيلي ، قائم على أن (تل ابيب) ، تعلم بانها محمية دولياً، وأنها لم تتعلم سوى لغة الحرب والقتل، وهي تهاجم أي دولة تحت عنوان الضربات الاستباقية ، فهي ضربت مرفأ اللاذقية ومطار المزة ومطار حلب ومطار دمشق، وتضرب أهدافاً عسكرية ، ومدنية، واستخدمت الأراضي السورية ، كحقل تدريب ، ومناورة لسلاح الجو ، ولصواريخها بعيدة المدى.

ويضيف هؤلاء ، بينما روسيا تريد من دمشق ، أن تضع جميع (بيضها) في سلتها، وهذا غير ممكن حتى ولو ضربت إسرائيل وأمريكا (من خلال العقوبات) ، اقتصادها ، كما انه لموسكو مصالح مع الدول لا تلتقي دائماً مع مصلحة دمشق.

أثناء تصدي الدفاعات الجوية السورية لاعتداء صاروخي اسرائيلي

وأخيرا ، تضع هذه التقارير تفسيرات محددة ، لتساؤلات يعاد طرحه مع كل اعتداء اسرائيلي جديد فبعد 10 أعوام من العدوان ، ماذا حققت إسرائيل ؟

لترد تلك التقارير وعبر مصادر معنية بالقول : إنه “الإزعاج وليس الإنهاء للقوات الإيرانية وحلفائها الذين يستبدلون شحنات السلاح بشحنات أخرى ويذهبون إلى الطرق الجبلية إذا ضربت إسرائيل الطرق السريعة”.

“تضرب إسرائيل مواقع فوق الأرض ، فتذهب إيران لبناء منشآت تحت الأرض، بينما لا يستخدم محور المقاومة أسلحته الخاصة الجاهزة للاستعمال في زمن الحرب، لأنها تؤثر على معنويات العدو وعلى انكفائه وفرض وقف إطلاق النار عندما يتعرف على أسلحة فتاكة جديدة”.

أما على المسار السياسي ، فقد ساهمت (إسرائيل) و(روسيا) في تقريب دمشق من طهران ، أكثر من أي وقت مضى، وتالياً فإن موقف موسكو الجديد لن يغير الكثير في التصرفات الإسرائيلية، إلا عندما تبدأ الصواريخ الإيرانية تسقط داخل إسرائيل ، أو توجه لها ضربة قوية.

ختاما ، هكذا قرار بيد “سورية – ايران – حزب الله – الحشد الشعبي – الحوثيون \ محور المقاومة ” ، ولا أحد غيره ، لفرض” معادلة الردع” عبر فرضه برد الضربات ، والإعلان عن مسؤولية كاملة.