استعصاء الحل السياسي وفق القرار(2254) ، يدفع “روسيا وسورية”، لاجتراح مسارات تتوازى مع روحية هذا القرار، ولا تتعارض معه ، لتجاوز العقبات، التي تؤخر انهاء الازمة السورية.
فماهي هذه العقبات ؟ وماهي ملامح المسارات الساعية ، لانجاز الوصول الى الحالة الطبيعية في سورية ؟
حقائق الواقع ، التي استوجبت القرار 2254 في العام 2015 ، تغيرت بشكل جذري. استعادت الحكومة السورية ، سيطرتها على معظم الاراضي السورية ، وكسرت الحكومة السورية بجيشها ، ودعم حلفائها ، القوة الاساسية للارهاب . تلاشت القوى ، التي كانت تقوم بدور (المعارضة) ، وتبعثرت وتشرذمت ، وتهافت دورها ، ليظهر مكانها الدول التي كانت تدعمها مباشرة ، وآلت كل المسارات الى الحقيقة الواضحة ، حيث باتت مساحة الصراع تضم الحكومة من جهة ، ودول أجنبية ( تركيا – امريكا) من جهة .
والحكومة السورية ، تريد أن تظهر هذه الحقيقة ، وتبرز ان الصراع في سورية ، بات بين سورية (الحكومة) من جهة ، وامريكا التي تدعم فصائل انفصالية في الجزيرة السورية ، وتركيا التي تدعم فصائل مسلحة في (ادلب ومحيطها) .
وتصر الحكمة السورية على التمسك بحكم الواقع ، الذي يقول ان من يقف في طريق استعادة الحياة الطبيعية في سورية ، هو (تركيا وامريكا)، وأطماعمها ومصالحهما في سورية ومن سورية . وكل ذلك لم يلحظه 2254 ، لذلك تعمل (سورية وروسيا) على اجتراح مسارات من وحي 2254 ، وتسرع الحل للوصول الى الخلاص ، واستعادة العافية لاستعادة الدور .
من أهم (المسارات التفيعلية) : “مؤتمر سوتشي” للحوار بين السوريين ، الذي نتج عنه (اللجنة الدستورية)، والآن يأتي “مؤتمر اللاجئين” في دمشق ، ليكمل الطريق ، ولكن حتى هذه المسارات لم تسلم من تأثير الدول ، التي تحتل الارض السورية ، وتغتصب تمثيل وادارة بعض الفصائل . وهذا مازال يعطل أعمال اللجنة الدستورية ، ومحاولة توجيه عمل اللجنة ، لاخضاع الدولة السورية عبر الدستور ، بدلا من انجاز تعديلات ، أو اصلاح دستوري ، يسهل الحل ، ويفتح أبواب الخروج من الازمة.
لذلك ، فان على جميع السوريين ، وحتى ممن يزال تحت سيطرة الدول الاجنبية (تركيا – امريكا)، السعي لتسهيل أعمال اللجنة الدستورية ، كمسار للحل ، لا كطريقة لاسقاط الدولة ، لان استمرار العمل لاسقاط الدولة ، يعني استمرار الحرب الالغائية ، ونسف أي امكانية للحل.
والآن ، يأتي “مؤتمر اللاجئين” كمسار تفعيلي للحل ، وللعودة الى الحالة الطبيعية في سورية عن طريق استعادة أبناءها ، الذين اضطروا للجوء هربا من الارهاب ، ومافرضه من حالة حرب دامية .
وكما تصر سورية ، وكما يصر السوريون على وحدة أرضهم وسلامتها الاقليمية ، فانهما يصران كذلك على وحدة الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وأقوامه ، ولاتكتمل السيادة -وفق النظرة السورية – الا باستكمال وحدة الشعب ، لان هذه الوحدة ، هي مايجعل وحدة الارض، وطنا.
هذه النظرة السورية الحضارية ، والعريقة تاريخيا ، هي مايفرض على السوريين جميعا ، ضرورة العمل على لم شمل العائلة السورية ، واستعادة أبنائها ، وانهاء معاناتهم جراء اللجوء ، والابتعاد عن البيت والبلدة ، واستعادة الاحساس بطمأنينة العيش في الوطن.
ان تفعيل عمل “اللجنة الستورية” ، يستوجب من السوريين كافة (معارضة وموالاة) ، أن تبتعد وتتخلص من التدخلات الخارجية ، والعمل على جعل فعالية هذه اللجنة ، التوصل الى حل سياسي ، وعقد اجتماعي ، يعيد سورية الى حالتها الطبيعية ، لتستعيد دورها الحضاري والاقليمي ، والدولي .
كما ان تفعيل عمل “مؤتمر اللاجئين” في لم شمل العائلة السورية بوطنها ، يستدعي من الجميع ، تجاوز ظروف الحرب ، وتسهيل استعادة تفاعل اللاجئين مع اهلهم ، وممارسة دورهم في استعادة العافية السورية .
ولذلك ، فان الجميع مطالب بالتخلي عن الحزبيات والخلافات السياسية ، والتأثيرات الطائفية والاقوامية ، كما على الجيمع العمل على اطلاق التفاعل بين الجميع ، لانجاز الانتقال الى الحياة الطبيعية ، التي توفر عند استقرارها ، امكانية عمل كل فرد من أجل الارتقاء السياسي الشامل.
السؤال الآن : كم تتوفر فرص لنجاح هده (المسارات التفعيلية)، التي تشقها سوية (سورية وروسيا) لانجاز الحل ، واستعادة الحياة الطبيعية ؟
انه التحدي المفروص على السوريين ، وهو التحدي الذي لايجوز للسوريين ، الا النجاح لتجاوزه ، ولتحقيق العودة الى الحياة الطبيعية ، تمهيدا لاستعادة الدور الحضاري والاقليمي ، والدولي.