aren

\ مذكرات داوني \ “الخبر أهم شيء : (واشنطن بوست)، والسياسة والأخبار”
الخميس - 22 - أكتوبر - 2020

(خاص)

التجدد الاخباري – بيروت

رئيس تحرير الـ«واشنطن بوست» – سابقا

* مذكرات في صورة قصص خبرية، واحدة بعد الأخرى، وكانت كل واحدة تقريراً (قائماً) بذاته

* بسبب الصحافة الإلكترونية، والتواصل الاجتماعي، اهتزت صحف ورقية تاريخية عريقة، ويبدو أن مستقبلها ليس باهراً

من حي فقير في كليفلاند (ولاية أوهايو)، إلى رئاسة تحرير واحدة من أشهر ، وأهم الصحف في العالم، صحيفة الـ«واشنطن بوست»، يحكى “ليونارد داوني”، قصة حياته في كتاب مذكراته ، الذي صدر مؤخراً تحت عنوان : (الخبر أهم شيء: «واشنطن بوست»، والسياسة والأخبار).

هذه مذكرات في صورة قصص خبرية، واحدة بعد الأخرى، وكانت كل واحدة “تقريراً” ، قائما بذاته. هذه مذكرات 44 عاما في صحيفة الـ«واشنطن بوست»، منها 17 عامًا كرئيس تحرير (رئيس تحرير تنفيذي)، حتى طلب منه أن يتقاعد، في عام 2008.

يمكن تلخيص ما وراء السطور في هذه المذكرات بنقطتين:

الأولى: نزاهة العمل الصحافي، وقوة الصحافة، وحمايتها للحرية.

الثانية، بسبب الصحافة الإلكترونية، والتواصل الاجتماعي، اهتزت صحف ورقية تاريخية عريقة، ويبدو أن مستقبلها ليس باهرا.

غلاف الكتاب

هذه عناوين بعض فصول الكتاب:

«واشنطن بوست» بالصدفة. واشنطن تحترق (فضيحة ووترغيت). سر «الحنجرة العميقة». مذبحة جورجتاون (انتحار مئات الأميركيين في غيانا). مراسل أجنبي. المشاهير بين العام والخاص. مواجهة ترمب وزوجته. هجمات 11 سبتمبر (أيلول). أفغانستان. العراق. كشف أسرار «سي آي إيه»(وكالة الاستخبارات المركزية).  الوداع. ما تبقى من المستقبل.

ولد داوني عام 1942 في كليفلاند (ولاية أوهايو)، لعائلة من الطبقة العاملة. كتب في مذكراته ، أنه كان طفلاً ذكيًا، و«شبه انطوائي»، وأيضا «طويلا جدا». ويعترف:«ما كنت ناجحا في جذب البنات..لا في المدرسة الثانوية ولا في الجامعة». ربما لهذا ، أحب الصحافة منذ أن كان في المدرسة الثانوية، وصار يكتب في صحيفة المدرسة.

في عام 1960، درس في احدى جامعات ولاية “أوهايو”، وفي نفس العام، تزوج صديقته ، منذ المدرسة الثانوية. لكنه، بسبب ظروف عائلته الاقتصادية لم يقدر على دخول جامعات مشهورة رغم انه كان قد نال القبول فيها. لحسن حظه، كانت عائلة زوجته ثرية، ووفرت لهما سكنا جامعيا. وتلقى منحة دراسية من الجامعة.

في عام 1964، حصل على أول وظيفة: متدربا في صحيفة الـ«واشنطن بوست».ومنذ أول يوم، أحس بأن جامعة أوهايو ، التي تخرج منها ، لن تساعده في مواجهة خريجي جامعة : هارفارد، وبرنستون، وكولومبيا (خاصة كلية الصحافة فيها).

وسريعا، صار لقبه ، هو «منحة» (درس في منحة جامعية)، بينما كان لقب زميله (دان مورغان)، خريج جامعة هارفارد، هو «بلمي»(أرستقراطي).

ليونارد داوني في الـ”واشنطن بوست”

شارك، وهو محرر صغير، في تغطية «فضيحة ووترغيت»، التي انتهت باستقالة الرئيس نيكسون (عام 1974). وكتب داوني عن ذلك : «كان السر هو أن بعض مراسلي قسم الأخبار المحلية (هو واحد منهم) ، هم الذين كشفوا الفضيحة، قبل أن يتولاها قسم الأخبار الوطنية (بوب وودورد، وكارل بيرنشتاين).فجأة وجدنا أنفسنا ، وقد نلنا كثيرا من الاحترام من القراء، ومن مصادرنا. صاروا يتحدثون معنا كل يوم، ويعرفوننا حسب أسمائنا. وفجأة دخل علينا العمالقة، وقالوا إن «ووترغيت»خبر وطني، بل عالمي، ولا يتبع لقسم الأخبار المحلية».

وأضاف:«صرنا مثل صبيان فريق كرة البيسبول في الحي، نلعب ونمرح. ثم يأتي صبيان أكبر منا سنا وحجما، ويخرجوننا من الملعب». لكن، احترم داوني ، جهود (وودوورد، وبيرنشتاين)، بعد أن صارا يقودان فريق التحقيق في فضيحة «ووترغيت».

رغم كل جدية داوني الا انه في كتاب مذكراته، هناك ( تندر، ونشر إشاعات، وحيلا، ومنافسات شخصية)، منها مثلا: غضب “دونالد غراهام”، ناشر الصحيفة، لأن الذين أخرجوا فيلم «كل رجال الرئيس»عن دور صحيفة الـ«واشنطن بوست»في استقالة الرئيس نيكسون، لم يعرضوا عليه ، دورا في الفيلم.

أيضا : غضب “باري سوسمان”، محرر في كشف «فضيحة ووترغيت»، وكان الثالث بعد (وودورد، وبيرنشتاين)، لأنه استبعد من صفقة نشر كتاب «كل رجال الرئيس».

كذلك : قدم “إيزاك توميسون”، مدير قسم الأخبار الوطنية، اقتراحات لتحسين القسم. لكن، “برادلي” نفسه ، وكان حينها يعمل كمدير تحرير تنفيذي، رفضها. وفي عطلة نهاية الأسبوع، خلال منافسة ودية بكرة القدم للعاملين في الصحيفة، تعمد (توميسون)، الهجوم على (برادلي) بقوة لأخذ الكرة منه، وذات مرة ، دفعه أرضا، وكأنه ينتقم. بعد أسبوع، سينقله برادلي إلى قسم آخر.

داخل الـ”واشنطن بوست”

ورغم أن داوني أشاد بـ”بوب وودوورد“، بطل كشف «فضيحة ووترغيت»، فقد قال إن كتاباته ، كانت «خشبية، مرات كثيرة، طوال سنوات عمله. وتحتاج إلى مراجعة مكثفة، وإعادة كتابة، بواسطة المحررين، وأنا واحد منهم».

وانتقد داوني “برنشتاين“، ووصفه بأنه ، كان «جريئًا، ومتعجرفا، وأنانيًا، وغير مسؤول في عاداته في المكتب، وفي تعامله مع المال، وفي علاقاته مع النساء». لكنه «كان ينضح بسحر صبياني يمكن أن يرضي أي شخص».

في الكتاب، اعترف داوني بأخطاء، ولحظات ضعف:

مثلا: تركته زوجته الأولى، بعد أن وقعت في حب زميل له في المكتب. وأخذت ولديهما، وتزوجها الزميل.

مثلا: تزوج مرتين بعد ذلك، وكان الزواج الثاني فاشلا، بسبب ضباب الزواج الأول.

مثلا: تعالج، مرات، بسبب مشاكل البيت والعمل، عند طبيب أمراض نفسية.

مثلا: توتر أكثر عندما طلب منه دون غراهام، ناشر الصحيفة، التنحي عن رئاسة التحرير (بعد 17 عاما).

مبنى الـ(واشنطن بوست)

كان ذلك في عام 2008، عام الانتخابات الرئاسية. ودعاه غراهام (الناشر) إلى منزله، وفي حديقة المنزل، وهما وحيدان، قال له غراهام ، إنه طلب منه التنحي ، لأن عام الانتخابات الرئاسية (عادة)،هو عام توتر وإجهاد. ويبدو أن داوني متوتر ، ومجهد من قبل ذلك.

وختم داوني، بالقول : «مسكنا أيدينا، وبكينا دون خجل».