
التجدد الاخباري +(روزاليوسف)
– لا أعتبر هذا الكتاب ، كتابي الشخصي … هو كتاب «هيكل» حيث قمت فقط بإعداد منهجي وأكاديمي لكتاباته وأحاديثه الصحفية.
– السادات قال لـ”هيكل” : «أنت مش عايز تبقى كيسنجر بتاعي؟»… ومن هنا بدأت أزمة الخلاف بينهما
-حسني مبارك أخبر “هيكل” انه لا يبالي بما تقوله الصحافة، وقال : «الصحفيين شوية هجّاصين»، فكانت صدمة لـ«هيكل» بأن يسمع رئيسَ الدولة يتكلم عن الصحافة بهذا الشكل، وهو واحدٌ من أعمدة الصحافة العربية ، ويقدس المهنة، كما يعتبر الصحافة ، أحدَ الأسلحة الاستراتيجية للبلاد.
– عام 1963م منع “هيكل من الكتابة في الأهرام لمدة 13 يومًا بعد كتابته لمقال أغضب المشير «عبدالحكيم عامر»، عقب انفصال مصر عن وحدة سوريا، ولم يتكلم «هيكل» عن هذا الأمْر خلال حواراته.
– عام 1968م تعرض “هيكل” أمامَ مبنى الأهرام، لمحاولة اغتيال ، ولم يتحدث عنها أيضًا من قبل.
هنا، تفاصيل الندوة
قد تختلف أو تتفق معه، لكنه يبقى الصحفي المثير للجدل، والكاتب المشاغب، والمذيع الجرىء..، هو «محمد الباز»، رئيس مجلسَي إدارة وتحرير (مؤسَّسة الدّستور)، الذي استضافته «روزاليوسف» في صالون «إحسان عبدالقدوس»، بمناسبة طرح كتابه الأخير «هيكل.. المذكرات المخفية»؛ ليكشفَ الكثيرَ من الحقائق ، والأسرار.
الندوة، التي لم تخل من المفاجآت، ناقشت الكتابَ الجديد ، الذي يحوي دراسة معمقة عن الأستاذ «محمد حسنين هيكل» ، ومشواره الصحفى، والكثير من كتاباته التي كشفت خباياه النفسية ، ووجهات نظره ، وسماته الشخصية.. لذلك ، كانت الدراسة كافية للإجابة عن السؤال الأكثر إثارةً في الوسط الصحفي لعُقود طويلة، وهو: كيف تحوَّل هذا الصحفي الشاب، الذي بدأ حياته المهنية في أربعينيات القرن الماضي، إلى ظاهرة صحفية ، استمر تأثيرُها على أجيال وأجيال من العاملين في بلاط صاحبة الجلالة؟.
بدأنا الندوة بترحيب واسع، ثم عتاب واجب؛ حوْل ما صَرَّح به «الباز» سابقًا عن إغلاق مؤسَّسة «روزاليوسف»، لكن سرعان ما تبدّد هذا العتاب، بعدما قال ضيفنا: «روزاليوسف مَدرسة عريقة، وأعتبر نفسي تلميذًا من تلاميذها في الصحافة المصرية، فقد بدأتُ مشواري الصحفي على يد أستاذ «إبراهيم عيسى» ، ثم أستاذ «عادل حمودة»، وهما من أبناء هذه المؤسَّسة العريقة».

«قدس أقداس الصحافة المصرية والعربية».. هكذا وصف «الباز» مؤسَّسة «روزاليوسف»، مضيفًا: «ما قلته في السابق عن المؤسَّسة فُهِمَ بشكل خاطئ؛ حيث صرّحتُ وقتها بأن أي مؤسَّسة صحفية ، يتم إغلاقها تتحول لجزء من تاريخ الصحافة العربية، وذكرتُ على سبيل المثال جريدة «المصري»،عندما تم إغلاقها قبل ثورة 1952م، إذْ كانت من أهم الصحف السياسية في هذا التوقيت، وتحوَّلتْ إلى جزء من تاريخ الصحافة العربية، ثم ضربتُ مثالًا عن مؤسَّسة روزاليوسف.. لكن الأمر فُهِمَ وفُسِّرَ بشكل خاطئ، وأعتذر عن هذا اللبس لأبناء المؤسَّسة».
سألناه.. أكدت أنك أحد تلاميذ «روزاليوسف».. فما أثرُ ذلك على مشوارك الإعلامي والصحفي؟
– أجاب «الباز»: أنا ضد نظرية «الرؤية السائدة»، ففي السابق ، كان يتردد أن «روزاليوسف» ، هي مَدرسة الرأى، وجريدة الأخبار «مَدرسة الخبر»، وهذا كلامٌ غير دقيق؛ لأن مَن صَنع جريدة الأخبار، وهما الأستاذان : علي أمين ومصطفى أمين؛ تتلمذا أولًا في «روزاليوسف»، وأرى أن السيدة «فاطمة اليوسف» ، وضعت بذرة الصحفي الشامل واستمرت تلك البذرة ، تورَّث لكل تلاميذ هذه المَدرسة حتى وقتنا الحالي؛ حيث كانت «الست فاطمة» كما كان يُطلق عليها، تَعتبر الصحفي مثل الممثل المحترف ، الذي يستطيع القيام بكل الأدوار، وكذلك صحفيو «روزاليوسف» لا يسيرون عبر منهج التخصصية؛ بل يستطيعون الكتابة في كل المجالات، وهذا ما شاهدناه ، ونشاهده عبر أجيال الصحافة السابقة والحالية من أبناء المؤسَّسة، وهو ذات التأثير الذي امتد لي باعتباري تلميذًا لتلك المَدرسة الصحفية.
سبق أن تناولت سيرة «هيكل» في كتاب «كهنة المَعبد».. فما الذي تضيفه في كتابك الجديد؟
– كتاب «كهنة المَعبد» ، يناقش قضية صراع الصحفيين للسيطرة على عقل الرئيس، وهو وجهة نظر شخصية لى، أمّا كتابي الأخير ، فهو كتاب «هيكل» ، وليس كتابي؛ حيث قمت فقط بإعداد منهجي وأكاديمي لكتاباته ، وأحاديثه الصحفية، لذلك لا أعتبره كتابي الشخصي.
هنا علّقَتْ د. «فاطمة سيد أحمد»، قائلة لـ«الباز»: «الكتاب يُعَبّر عن رؤية الكاتب، وبالتالي فهو بالتأكيد كتابٌ شخصىٌّ ، ويحمل رؤيتك الشخصية عن هيكل، فعلى سبيل المثال ، كتاب «البحث عن الذات» يتضمن المذكرات الشخصية للرئيس الراحل أنور السادات، وكتاب «خريف الغضب» لمحمد حسنين هيكل ، كذلك عن السادات، وكلاهما يتناول نفس القضايا لكن برؤية مختلفة، وهذا ما يتضح أيضًا في كتابك الجديد».
في رأيك.. هل فكرة الصراع حول محاصرة عقل الرئيس يمكن أن تحدث خلال الوقت الحالي؟
– الأمْرُ مختلفٌ في الوقت الحالي، فهناك تحديات وتعقيدات ضخمة في الحياة السياسية ، والصحفية أيضًا، ونحن لا نستطيع أن نكون دائمًا أسرَى لتجارُب الماضي، وعلى سبيل المثال ، علاقة الأستاذ هيكل بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر ، كان لها أبعاد أخرى، ففي تلك الفترة ، كانت مؤسَّسات الرئاسة لاتزال في مرحلة البناء، ولا يوجد ترمومتر للصحافة ، سوى الأستاذ هيكل، وكان هو المسؤول عن إعداد تقرير يومي ، بما تتناوله الصحف الأجنبية عن مصر للرئيس الراحل، أمّا الآن فالوضعُ مختلفٌ بشكل كبير ، وواضح.
وتداخلت د. «فاطمة سيد أحمد»، قائلة: «الأمْرُ يختلفُ باختلاف شخص الرئيس؛ حيث يوجد رئيسٌ يريد أن يعرف نبضَ الناس والشارع عنه، والصحفي هو حلقة الوصل بين الشعب والإدارة، وبالتالي يقع على عاتقه ، توصيل الفكرة للرئيس، وفي المقابل يجب على الصحفي أن يوضّح فلسفة الإدارة للشعب، وهذه هي قدسية المهنة، ويجب أن يكون بين الصحفي والرئيس توأمة فكرية لتوصيل هذه المعلومات لكل أطياف المجتمع».

كيف أعاد السادات صياغتى؟.. كان عنوانًا لأحد فصول كتابك الأخير.. حدّثنا عنه؟
– يتناول هذا الفصل ، علاقة الأستاذ هيكل بالرئيس الراحل محمد أنور السادات، وقد قابلتُ الأستاذَ ، ثلاث مرّات سابقة، وطرحت عليه سؤالًا افتراضيّا، وهو: «ماذا كان سيحدث لهيكل إذا لم يختلف مع الرئيس السادات ويترك رئاسة مؤسَّسة الأهرام عام 1974م؟»، وكان رد «هيكل»: «أعوذ بالله»، مؤكدًا أنه لولا قرار «السادات» لما كان استطاع إنشاء «مؤسَّسة هيكل» الشخصية، ولما كان وصل إلى ما وصل له قبل رحيله. مضيفًا إن الرئيس السادات قد خدمه بشكل كبير عندما طلب منه ترك رئاسة الأهرام.
لكن ماذا عن هجوم «هيكل» على الرئيس السادات قبل وفاته؟
– هذا اختلاف في وجهات النظر، وكان الرئيس السادات ، يشيد بجرأة «هيكل» في معارضته له من داخل البلاد وليس من خارجه، لكن الأستاذ أوضح أن تركه لمناصبه الصحفية في مصر ساهم كثيرًا في تخليده كـ«أيقونة للصحافة العربية».
ولم تتفق د. «فاطمة سيد أحمد» مع «الباز» في هذه النقطة، قائلة: «الأستاذ هيكل سافر خارج البلاد في سبعينيات القرن الماضي لمدة 10 سنوات، وكان ضمن جماعة «الصمود والتصدي» المعارضة للسادات، ووقتها كتب مقالاته وهو في الخارج وليس في داخل مصر».
حدّثنا عن مكانة «هيكل» في كل حقبة رئاسية؟
– خلال فترة الرئيس جمال عبدالناصر، كان لـ«هيكل» قيمة ومكانة كبيرة، وكذلك في فترة حُكم الرئيس أنور السادات؛ حتى في أوقات الخلاف والمشاحنات، وكان الأخير يريد أن يخلع «هيكل» عن الصحافة في مقابل توليه منصب مستشار الرئيس، وقال له: «أنت مش عايز تبقى كيسنجر بتاعي؟»، ومن هنا بدأت أزمة الخلاف بينهما.

ومع تولى الرئيس الأسبق حسنى مبارك الحُكم، طلب منه «هيكل» ، تأجيل موعد مقابلتهما الأولى، وعند سؤال «مبارك» عن السبب، أوضح له أن هذه الفترة ، هي وقت المشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، وأن طلب التأجيل جاء حتى لا يلتبس الأمْرُ مع الصحافة في توقيت المقابلة، أو إشاعة ترشُّحه لتولى منصب وزاري، فكان رَدُّ الرئيس الأسبق ، بأنه لا يبالي بما تقوله الصحافة، وقال تحديدًا: «الصحفيين شوية هجّاصين»، فكانت صدمة لـ«هيكل» بأن يسمع رئيسَ الدولة يتكلم عن الصحافة بهذا الشكل، وهو واحدٌ من أعمدة الصحافة العربية ، ويقدس المهنة، كما يعتبر الصحافة ، أحدَ الأسلحة الاستراتيجية للبلاد.

وماذا عن علاقته بالرئيس السيسي؟
– بدأت علاقة «هيكل» بالرئيس عبدالفتاح السيسي بعد أحداث يناير؛ حيث كان المجلس العسكرى يقيم بعض اللقاءات التي تضم مجموعة كبيرة من الكُتّاب والصحفيين والسياسيين؛ لتوضيح الصورة الكاملة للمؤامرات الخارجية التي يتعرض لها الوطنُ، وقد استشهد الرئيس السيسي- وكان يتولى حينها منصب رئيس المخابرات الحربية- ببعض مقولات «هيكل» في كُتُبه، الأمْرُ الذي دفع الأخيرَ فور علمه بذلك إلى طلب مقابلة «السيسي»، واستمر اللقاء نحو 6 ساعات استوضح خلالها «هيكل» العديد من الأمور والمعلومات عمّا يحدث داخل مصر، ثم قال بَعدها في أحد حواراته: «قابلتُ لواء من الجيش.. مختلف».
وفى عام 2012م، كان اللقاء الثانى الذى جمعه بالرئيس السيسى؛ وذلك أثناء تولى الأخير منصب وزير الدفاع؛ حيث كان من المفترض إقامة احتفالية لـ«هيكل» بمناسبة عيد ميلاده التسعين، وكانت جماعة الإخوان الإرهابية تتولى حُكم البلاد، فرفض مكتب الإرشاد هذه الاحتفالية، لكن «السيسى» أصر على تكريم «هيكل»، وبالفعل تم الاحتفال به، ثم جمعهما لقاءٌ ثالث بعد ثورة 30 يونيو وتولى «السيسى» الحُكم.
أمّا عن آراء «هيكل» قبل قيام ثورة 30 يونيو؛ فتحدثت د. «فاطمة سيد أحمد»، قائلة: «هيكل يُعتبر مؤسّسَ التيار اليسارى فى مصر منذ عام 1952م، وحتى آخر عمره كان يروّج لليسار، وفى المقابل يروّج له التيار، وجماعة الإخوان الإرهابية كانت تسعى دائمًا لتصدير صورة تقرّبها من التيار اليسارى.. وأتذكر أنه أثناء فترة حُكم الإخوان، كانت الجماعة تريد إقامة احتفال عيد ميلاد «هيكل» التسعين مع تكريم الفريق «سعد الدين الشاذلى»، إلا أن الرئيس السيسى حينها طلب عمل نقطة نظام، وأقام احتفالية خاصة بـ«هيكل»، ثم أقام احتفال تكريم آخر لأسرتَى «السادات» و«الشاذلى».

وصفتَ «هيكل» فى كتابك بـ«الساحر».. ما الذى دفعك لهذا الوصف؟
– الأستاذ «هيكل» كان عبقريّا فى استخدام أدواته الصحفية، وحتى مع خصومه كان يتمتع بذكاء شديد، وهناك واقعة حدثت عام 1948م، خلال عمله فى جريدة أخبار اليوم؛ حيث ذهبت مجموعة من الصحفيين للأستاذ «على أمين»، رئيس مجلس إدارة المؤسَّسة، وقالوا له أنهم سيتركون الجريدة ويذهبون للعمل بجريدة «المصرى» بسبب «هيكل»، مُدّعين أن الأخير يقوم بفبركة بعض الأخبار، فما كان من «أمين» إلا أن طلب منهم إثبات ما يقولونه، فكان رَدّ الصحفيين: «هيكل حَذِر لا يمكن أن يترك دليل وراه».
كما أن «هيكل» اخترع آلية جديدة فى الصحافة، وهى «تصفية الخصوم بالوثائق»، وكان من الشخصيات شديدة الانتقام من خصومه أو بالمعنى الصحيح «غِلّاوى»، لذلك نرى عشقه لجَمْع الوثائق خلال مشوار حياته.
فى رؤيتك.. كيف ساهمت هذه الوثائق فى رحلة «هيكل»؟
– «هيكل» كان يسعى دائمًا لأن يكون هو فقط صاحب المَجد الأعظم فى الصحافة، وحتى يومنا هذا لا توجد علامة فارقة أو مَدرسة صحفية بقوة «هيكل»، وهو اختار أسلوبَ جمع الوثائق لتثبيت هذه الفكرة عند قرّائه، وبالفعل نجح فى هذا، فنرى مثلًا العديد من المدارس الصحفية مثل مَدرسة مصطفى أمين ومَدرسة إحسان عبدالقدوس، البارعَيْن فى الكتابة والتحليل، ورُغْمَ ذلك بقى اسم «هيكل» شعلة الصحافة العربية حتى الآن.
ما تقييمك لما أثير حول تسبُّب «هيكل» فى حالة الجفاء بين جمال عبدالناصر وإحسان عبدالقدوس؟
– هذا صحيحٌ جدّا.. إحسان عبدالقدوس أول «مليونير فى الصحافة»، فهو أول رئيس تحرير توزع صحيفته مليون نسخة فى مصر، أثناء فترة توليه رئاسة تحرير الأهرام، كما أن مَدرسة إحسان فى الصحافة لها تأثير قوى وعلامة فارقة، إلا أن «هيكل» ساهم فى حجب أسماء كثيرة لها بَصْمَتُها فى الصحافة المصرية، وكان «إحسان» يشتهر بمقولة «هيكل عندما يدخل إلى مكان يبدأ فى السيطرة على الرأس الكبيرة فيه»، وفى حالة فشله فى تلك السيطرة، يبدأ مرحلة الهجوم مثلما حدث مع إحسان عبدالقدوس ومصطفى أمين، على سبيل المثال وليس الحصر.

أين ذهبت وثائق وملفات «هيكل» السِّرّيّة؟
– «هيكل والوثائق» أسطورة روّج لها، فكان مُغرمًا بتجميع الوثائق المهمة؛ خصوصًا خلال فترة تقرُّبه من عبدالناصر والسادات، وبسبب قربه الشديد من الرّؤساء كان يطلع على وثائق سرّيّة ذات أهمية كبيرة، إلا أنّ كَمَّ التهويل حول امتلاكه وثائق مهمة ومُحتفظ بها خارج البلاد، فهي حالة من صناعة «هيكل» نفسه، وهناك عددٌ من الوثائق اُحترقت أثناءَ حادث حريق منزله في برقاش عام 2014م.

تَعتبرُ كتابَك قراءةً في فكر «هيكل» أَمْ مجرد عرض لما كتبه؟
– الأستاذ «هيكل» له فكرٌ مختلفٌ، ففى عام 1972م كانت أول مَرَّة يتحدث فيها عن شىء شخصي، وذلك بمناسبة مرور 30 عامًا على عمله في الصحافة، فكتب مقال «علامات على طريق طويل»، وقبل ذلك كان يروي مواقف في حياته فقط، وهذا ما أوضحتُه في منهجية الكتاب؛ حيث جاءَ تقسيمُ الكتاب من خلال مقدمة ، تتضمّن دراسة عن «هيكل»، وتشمل جزء «كل هذه المناطق الرمادية»، أمّا باقي الكتاب فهو «هيكل يحكي بمفرده»، ويشتمل هذا الجزء على ترتيب الأحاديث والمواقف بصورة منهجية منذ طفولته حتى وفاته.
وما هي «المناطق الرمادية» في حياته؟
– هي دراسة توضّح بعضَ الأحداث ، التي لم يسترسل «هيكل» فيها ، أو يكتب عنها الكثير، مثلما فعل خلال فترة عمله بمؤسَّسة «روزاليوسف»، التي استمرت لمُدة 17 شهرًا ، تخللتها 10 مقالات، كانت بدايتها مقالة عن المَلك فاروق بعنوان «ليتني كنتُ معهم»، وتناول فيها قصة لقاء المَلك مع مجموعة من الشباب، وآخر أعماله في «روزاليوسف» ، كان حوارًا مع «إسماعيل صدقي» رئيس الوزراء (آنذاك)، وهذا مُعدّل بسيط بالنسبة لتاريخ «هيكل»، لكنه لم يتحدث عنه كثيرًا، وهذه «منطقة رمادية» في مشواره الصحفي، رُغْمَ أنّ «روزاليوسف»،هي مَن أعادت إحياء «هيكل» في تسعينيات القرن الماضي.
كذلك كان هناك موقفٌ عام 1963م، وهو مَنْعه من الكتابة في الأهرام لمدة 13 يومًا بعد كتابته لمقال أغضب المشير «عبدالحكيم عامر»، عقب انفصال مصر عن وحدة سوريا، ولم يتكلم «هيكل» عن هذا الأمْر خلال حواراته، بالإضافة إلى تعرُّضه لمحاولة اغتيال عام 1968م أمامَ مبنى الأهرام، لم يتحدث عنها أيضًا من قبل.. وهناك الكثير من تلك المناطق الرمادية في حياة «هيكل».

ولماذا كانت «روزاليوسف» نقطة رمادية في تاريخ «هيكل»؟
– «روزاليوسف» كانت أول تجربة لـ«هيكل» في الصحافة العربية، ويمكن أن نعتبر أن وجودَ علامات قوية مثل السيدة «فاطمة اليوسف» و«إحسان عبدالقدوس» كانت عائقًا أمام تحقيقه لطموحاته الكبيرة؛ خصوصًا أنه لم يستطع فرضَ سيطرته على عقولهما.
هل أوصاك «هيكل» بكتابة مذكراته الشخصية أمْ السياسية؟
– في لقائي الأول بـ«هيكل»، طلبتُ منه أن أكتب مذكراته الشخصية مع الرؤساء، وأوضحتُ له أنني أريد أن أقدّم جزءًا من شخصيته للأجيال القادمة، وراقت له الفكرة، وقال إنه قدّم مجموعة من الحوارات مع “مفيد فوزي” ، تلقي الضوءَ على بعض من جوانبه الشخصية، لكنه يفضل أن يقوم شخصٌ بجَمع الحوارات ، التي تعكس شخصه ووجهة نظره ، ويقدمها للناس، وهذا ما اعتبرته وصية «هيكل» لي.
تواصلتَ مع أسرة «هيكل» حول المذكرات.. فما كان رَدّها؟
– أرسلتُ لزوجته نسخة بعد طباعة الكتاب، ولم يكن لديها تحفُّظ على الكتاب.. ، وسألتْ فقط إذا كان المحتوى هجومًا على «هيكل» أمْ لا.. مؤكدة أنها لا تفضّل قراءة الهجوم عليه.
إلى هنا انتهت الندوة.. لكن يبدو أن الجَدَل حوْل شخصية «هيكل» وتاريخه ومواقفه سيمتد ويتسع.. وكأن «الباز» نجح في إعادته إلى الساحة من جديد وبقوة، عبْر كتابه الجديد؛ المُثير أيضًا للجَدَل!.
أدار الندوة: رئيس التحرير
حضر الندوة: د. فاطمة سيد أحمد ، عضو الهيئة الوطنية للصحافة
طارق مرسي، محمد الجزار، صبحي شبانة مدير مكتب «روزاليوسف بالرياض»
هدى المصري، إسلام عبدالوهاب
حرَّرها: هاني دعبس – أعدَّها للنشر: مروة الوجيه