aren

مؤتمر الشرق الروسي … وعضّ الأصابع الاقتصادية وبالأرقام ؟! \\ بقلم : أ.د.حيان سلمان
الخميس - 15 - سبتمبر - 2022

(خاص)

التجدد الاخباري

عقد في روسيا وتحديدا في مدينة ( فلاد فستوك )  بتاريخ 5/9/2022 منتدى ( الشرق الأقصى ) بنسخته السابعة ولمدة أربعة / 4/ أيام وتحت شعار  (على الطريق إلى عالم متعدد الأقطاب) وبمشاركة /60/ دولة من قارة أسيا ممثلة بأكثر من /5000/ مشارك ، ويهدف المنتدى إلى تعزيز الحوار الدولي لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية وزيادة معدل النمو الاقتصادي من خلال تفعيل الاستثمارات واستثمار الموارد المتاحة في أقصى الشرق الروسي الغني بالثروات الطبيعية ، وقد قدمت الحكومة الروسية حوافز استثمارية كبيرة لجزب الاستثمارات ومبدئيا تمّ توقيع عقود واتفاقيات لتنفيذ /2700/ مشروع استثماري كبير وبقيمة حوالي  /1600/ مليار روبل تؤمن /120/ ألف فرصة عمل.

د.حيان سلمان

،والافاق الاقتصادية المستقبلية مفتوحة حيث عقدت مؤتمرات دولية في المنتدى ومنها بين روسيا والصين والهند ومع دول أسيان (بروناي وكمبوديا وإندونيسيا ولاوس وماليزيا وميانمار والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام) لزيادة حجم التبادل التجاري وتفعيل العلاقات الاقتصادية ، وفعلا زادت العلاقات الاقتصادية الروسية مع هذه الدول ومع ايران ودول الشرق الأوسط .

فمثلا ، مع مجموعة (أسيان) ارتفعت التجارة الخارجية بنسبة /27%/ في سنة /2021/  عن سنة /2020/ كما عقدت جلسة موسعة حول (الاستثمار والتجارة في منطقة القطب الشمالي )، و خلال المنتدى عبرّ الكثير من المستثمرين عن إعجابهم بالسياسة النقدية والمالية الروسية حيث تراجع سعر صرف الدولار إلى اقل من /61/ روبل في وقت تشهد العملات الأخرى تراجعا أمام الدولار مثل اليورو الذي تراجع لأقل من دولار والجنيه الإسترليني ولأول مرة ينخفض عن دولار واحد منذ /200/ سنة أي من تاريخ التعامل بالعملات النقدية ، كما تشهد بريطانيا معدل تضخم أكثر من /22%/ حسب تقرير بنك (  غول دمان ساكس )  ودخل الاقتصاد البريطاني والاقتصاديات الاوربية في الانكماش اقتصادي  و بمعدل /4%/  سنويا ، و تراجعت قيمة الين الياباني أيضا أمام الدولار ، بينما يحقق الروبل زيادة في سعر صرفه أمام العملات الأخرى.

وانسجاما مع هذه الوقائع ، نسأل هل حققت العقوبات الغربية على روسيا أهدافها ؟!، وخلال كلمة السيد الرئيس الروسي ( فلاديمير بوتين ) أوضح بأن والإرهاب الاقتصادي الغربي ( عقوبات وحصار ) تشبه الحرب على روسيا ولكن لم يحقق الغرب أهدافه،  فقد  تراجع معدل التضخم في روسيا لحدود /12%/  وسينخفض في سنة /2023/ إلى حدود /6%/ وتراجع أيضا معدل البطالة إلى  /4%/ وأن الموازنة السنوية ستحقق  فائضا أكثر من /500/ مليار روبل، ولكن بسبب هذه العقوبات تراجعت بعض القطاعات الروسية بنسبة /2%/ وسيتم تجاوز ذلك  بتعميق التعاون مع الأصدقاء،  فهل انقلب  السحر على الساحر ؟!.

وحسب تقرير صندوق النقد الدولي بأن أكبر معدلات النمو الاقتصادي تتحقق في الاقتصاديات الاسيوية الناشئة ، وأكدت الاحداث أن أوروبا ومن خلال تبعيتها للإرادة الامريكية  تضحي بمصلحة شعوبها وخاصة مصلحة مستهلكيها بزيادة معاناتهم بسبب أزمة حوامل الطاقة وارتفاع أسعار السلع الغذائية وغيرها ، وكمثال على ذلك فإن معاناة الكثير من لدول الاوربية من توقف ضخّ الغاز الروسي عبر خط ( نورد ستريم 1) هو بسبب الأعطال التي تعرض لها هذا الخط وامتنعت الشركات الاوربية وخاصة  شركة( سيمنس ) الألمانية عن إصلاح محطات الضغط فيه مما خلق تداعيات اقتصادية كبيرة ومنها مثلا (إغلاق المعامل والمصانع وتقنين الكهرباء وخاصة  في ألمانيا التي تعتبر قاطرة الاقتصاد الأوروبي وارتفاع الأسعار …الخ ) .

وتؤكد الدراسات ان استمرار القارة الاوربية وأمريكا بزيادة إجراءاتهم ضد روسيا سيعقد الأمور مستقبلا  أكثر واكثر ، وكمثال على ذلك إن القرار الحالي  للدول السبع الصناعية (أمريكا – كندا، فرنسا، والمملكة المتحدة، اليابان، ألمانيا، إيطاليا)  بتحديد سعر اعلى للنفط الروسي للمستوردين الاوربيين  بهدف تقليل الايرادات الروسية الناجمة عن تسويق النفط  فهذا لن يؤثر على روسيا لوجود الكثير من المشترين ، وأكدت صحيفة ( الجارديان ) أن عوائد تلك الصادرات الروسية  ارتفعت في شهر حزيران بمقدار /700/  مليون دولار مقارنة بشهر أيار ؟.

،ومعروف ان روسيا هي الدولة الثالثة في العالم المنتجة للنفط بعد أمريكا والسعودية  وتنتج بحدود /11/ مليون برميل يوميا تصد منها  بحدود / 7/ مليون بين نفط خام ومشتقات نفطية أي بنسبة /11%/  من حجم الصادرات العالمية والنفط سلعة مطلوبة للجميع وخاصة لجارتيها ( الصين والهند ) وهما اكبر مستهلكين للنفط والغاز  في العالم بسبب عدد سكانهما الكبير وتحقيقهما لأكبر معدل نمو اقتصادي في العالم وهذا يضمن تسويق النفط الروسي ، أما من ناحية سلعة الغاز والتي ارتفعت أسعارها /30%/ ويتزايد الطلب العالمي عليهما ، ومن هنا استغرب تصريح السيد ة وزيرة الخزانة الأمريكية (جانيت يلين) بقولها الحرفي  ( إن تحديد سقف الأسعار من شأنه أن يساعد في مكافحة التضخم وتحقيق أهدافنا المزدوجة المتمثلة في وضع ضغط تنازلي على أسعار الطاقة العالمية) ؟!.

، وهنا أسأل بل أتساءل كباحث اقتصادي ، هل تجاهلت السيدة الوزيرة كغيرها من الوزراء في بعض الدول الخرى  قوانين الاقتصاد الموضوعية ليس في سوق السلع بل وفي سوق سوق العمل أيضا وتجاهل قاعدة أن الأسعار والمردودية تتولد من تلاقي قوى العرض والطلب ؟!،وإذا تجاوزنا الجانب الاقتصادي فإن الدول الغربية باتخاذها لهذا القرار فإنها تجاوزت الجانب الأخلاقي والفكري أيضا ، فقد ملّ العالم شعارات الغرب منذ أوائل القرن الثامن عشر بأن للأسواق حريتها  وضرورة إزالة القيود بكل أنواعها عن التجارة العالمية وان الأسواق  تنظم نفسها بنفسها وفقا لمبدأ ( اليد الخفية Invisible hand ) والتي اعتمدها الاقتصادي الإنكليزي ( أدم سميث ) أو على مبدأ الاقتصادي الفرنسي (فنسنت دي جورناي) شعار ( دعه يعمل دعه يمر laissez-faire, laissez-passer)،فهل كانت هذه الدول تمارس الكذب والنفاق والتضليل الاقتصادي.

وهنا نسأل إلى متى ستستمر عملية (عض الأصابع الاقتصادية) ومن سيصرخ أولا ؟!، أم أن طبول الحرب ستقرع كما قال السيد   (جورج بنيامين كليمنصو ) ، وهو رئيس الحكومة الفرنسية لمرتين  خلال وبعد الحرب العالمية الأولى حيث قال إن ( كل قطرة نفط تعادل قطرة دم) فكيف إذا أضيف للنفط الغاز والغذاء والمضائق البحرية والتسابق في تصنيع السلاح وزيادة القدرات العسكرية التدميرية بمئات المرات عما يتحمله كوكبنا الأرضي أم ستقدم أمريكا على سرقة النفط والغاز الروسيين ، والأيام القادمة وتصاعد التوترات وزيادة حدة التناقضات ستؤدي إلى ترسيخ معالم نظام اقتصادي عالمي جديد وغدا لناظره قريب ؟!.