aren

لماذا يجب على الولايات المتحدة وحلفائها منع لبنان من التفكك ؟ \\ بقلم : جون ألترمان
الخميس - 13 - أغسطس - 2020

4_844147

(ترجمة خاصة)

التجدد الاخباري – مكتب واشنطن 

يعد انفجار ميناء بيروت، الذى دمر رقعة كبيرة من العاصمة اللبنانية، مجرد حلقة واحدة فقط من سلسلة الأزمات، التى ضربت البلاد هذا العام، فبعد وقت قصير من تولى رئيس الوزراء،(حسان دياب)، منصبه في كانون الثاني\ يناير الماضي، بات الاقتصاد في حالة من السقوط الحر ، كما اندلعت أزمة مصرفية ، وجفت المساعدات الدولية ، وبات سكان الطبقة المتوسطة ، يندفعون نحو الفقر، وصحيح أنه لطالما كانت السياسة اللبنانية ، تدور حول حماية الإقطاعيات الطائفية، لكن يبدو أن الجشع قد طغى تمامًا على أي شعور بالصالح العام في البلاد.

وفي الوضع الطبيعي، كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها ، يحاولون إيجاد مخرج للبنان من الهاوية، ومساعدته على تجنب أن يصبح دولة فاشلة، وتوجيه ضربة ضد النفوذ الإيراني في البلاد، ولكن هناك القليل من الأدلة على أن الولايات المتحدة لديها القدرة ، أو النية لتبني مثل هذا الجهد الآن، وبدلاً من ذلك، فإنه يبدو أنها تسمح للعديد من الخصوم بتعزيز مصالحهم في البلاد.

وهناك العديد من الأسباب للحزن على خسائر لبنان هذا الأسبوع، وذلك بخلاف الخسائر البشرية الفادحة، فقد تغلب لبنان على الكثير من المآسي من قبل، بدايةً من المعارك الشرسة بالوكالة إلى الحرب الأهلية المدمرة ، التي دمرت وسط بيروت، كان شعب لبنان يبدى طوال الوقت مرونة في التعامل مع هذه الأزمات، ولكن يبدو أن صبرهم قد بات على وشك النفاد.

وفي حين أن السبب الدقيق لانفجار الميناء ، لا يزال مجهولًا حتى الآن، يبدو أن الأدلة تشير إلى تخزين نترات الأمونيوم بشكل غير صحيح، فقد فشلت الحكومة اللبنانية منذ فترة طويلة في وضع القواعد، وكان من أبرز علامات هذا الفشل ، عدم قدرة شركة الكهرباء الحكومية على توفير الكهرباء للسكان، مما أدى بدوره إلى خلق صناعة توليد الكهرباء من قبل القطاع الخاص ، حيث بات رجال الأعمال ، يجنون ثمار فشل الدولة، كما تبين أن النظام المصرفي اللبناني ، يعمل وفقًا لمخطط “بونزي”، حيث يقوم بجذب الودائع من اللبنانيين في الخارج بأسعار فائدة مرتفعة، ويتخلف لبنان عن سداد ديونه الدولية منذ الربيع الماضي، ويتم تداول الليرة اللبنانية بما يقرب من سُدس سعرها الرسمي.

وقد تلقى لبنان مساعدات كبيرة في الماضي من الولايات المتحدة وفرنسا ودول الخليج العربي، كما تعهد مؤتمر دولي قبل عامين بتقديم نحو ١١ مليار دولار لبيروت ، شريطة تنفيذ الإصلاحات، ولكن لم يتم تنفيذ هذه الإصلاحات، ولم يتم صرف المساعدات، وعلاوة على ذلك، فإن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد (ترمب) ، ودول الخليج العربي ، لا تزال معادية بشدة لـ”حزب الله”، الذي له نفوذ قوي على الحكومة اللبنانية الحالية، ويسعى حزب الله، الذي تربطه علاقات وثيقة بإيران، إلى أن يكون حزبًا سياسيًا ، وقوة مسلحة في آن واحد، وهذا لا يجعل بعض أجزاء لبنان بعيدة عن متناول الحكومة المركزية ، فحسب، بل يمنح إيران أيضًا ، نفوذًا كبيرًا على البلاد.

ويمر لبنان الآن بمحنة أصعب من أي محنة سابقة، فالحكومة تترنح منذ شهور، حيث تنحى مفاوضان مع صندوق النقد الدولي، واستقال وزير الخارجية في وقت سابق من هذا الأسبوع، وأشار جميعهم إلى عدم رغبة الحكومة في إجراء إصلاحات، ومن الصعب تخيل كيف ستتمكن الحكومة الحالية من النجاة من تداعيات انفجار الميناء، ناهيك عن جمع مليارات الدولارات التي ستكون ضرورية لإعادة بناء العاصمة، أو المليارات الأخرى اللازمة لإنقاذ الاقتصاد، وإذا سقطت الحكومة (لاحقا أعلنت رئيس الحكومة حسان دياب استقالة الحكومة )، وهو الأمر الذي يبدو محتملًا، فإن السؤال الأهم الآن، هو ما الذي سيحل محلها؟!.

وأحد الخيارات ، هو (الفوضى)، حيث سينزلق لبنان ليصبح دولة فاشلة، وهو ما حذر منه وزير الخارجية في خطاب استقالته، وإذا حدث ذلك، فماذا سيحدث لمصالح الولايات المتحدة في البلاد؟ حيث إنه من المؤكد أن حزب الله (وبالتالي إيران) ، سيكون له يد أكثر حرية في جنوب البلاد، وهذا من شأنه أن يجعل إسرائيل ، أكثر عرضة للخطر، ومن المرجح أن تبدأ حروب بالوكالة في البلاد، مما سيؤدى إلى زيادة التوترات في المنطقة.

ولكن لا يجب أن يتم السماح للأمور ، بأن تسير فى هذا الاتجاه، فاللاعبون الدوليون يتمتعون بفرص غير مسبوقة لدفع السياسيين اللبنانيين نحو الإصلاح، وذلك فقط في حال كانوا قادرين على بذل جهود متضافرة لتحقيق ذلك، وصحيح أن الطبقة السياسية في لبنان تسعى إلى تجنب الإصلاح الأساسي للنظام، لكن يبدو أن الخيارات المتاحة ، قد باتت تنفد، وإذا كان خيارهم بين الإصلاح والهاوية، فإن الإصلاح لديه على الأقل بعض فرص النجاح.

ومع ذلك، فإن تنظيم جهد دولي لدفع الإصلاحات اللبنانية، هو الشىء الذي لم تبد إدارة ترمب ، الكثير من الاهتمام به أو السعي فى تنفيذه، وسيكون هناك بالتأكيد مناقشات متعمقة مع فرنسا والمملكة المتحدة ودول الخليج العربي، كما أنه يجب أن تكون هناك أيضًا مناقشات صعبة مع اللبنانيين، الذين سيخاطرون بأرواحهم وثرواتهم في هذه العملية، وستستغرق هذه المفاوضات وقتًا ومهارة وبعض التنازلات، وصحيح أن الرئيس ترمب ، يعتبر نفسه صانع الصفقات الأفضل ، ولكن يبدو أن هذه الصفقة لا تروق له، فهو يرى أن «قرار الذهاب إلى الشرق الأوسط والتدخل في شؤونه ، كان أكبر خطأ تم ارتكابه في تاريخ الولايات المتحدة».

واليوم العالم مشتت بسبب فيروس كورونا الجديد، كما أن الولايات المتحدة ، منغمسة في مشاكلها الخاصة، وتبدو الاحتمالات منخفضة بالنسبة لتبني واشنطن أى جهود متعلقة بلبنان، وفي حين أنه لا يوجد يقين من أن اللاعبين الدوليين يمكنهم استخدام الأزمة الحالية لدفع الإصلاح اللبناني، فإن الاحتمالات ستكون أفضل بكثير ، إذا لعبت الولايات المتحدة ، دورًا مركزيًا في هذا الجهد، وقد لا يرى الرئيس ترمب، أهمية كبيرة في هذه العملية، لكن عواقب فشل لبنان قد تطارده ، هو وحلفاؤه لسنوات كثيرة مقبلة.

https://thehill.com/opinion/international/510830-why-the-us-and-its-allies-should-keep-lebanon-from-blowing-apart

جون ب. ألترمان– هو نائب الرئيس الأول ، ورئيس مشروع “بريجنسكي” للأمن العالمي والاستراتيجية الجيولوجية ، ومدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ، وهو مركز أبحاث “مقره” واشنطن (العاصمة)، يركز على قضايا الدفاع والأمن القومي والعلاقات الدولية.