aren

كيف بدأت اللجنة الدستورية … وماهو المطلوب منها ؟! \\ بقلم : د.فؤاد شربجي
الخميس - 31 - أكتوبر - 2019

wett4

أخيرا ، بدأت أعمال اللجنة الدستوربة. البعض يظن انه سيتحقق عبرها ، الاهداف التي لم يستطع المسلحون والمحتجون تحقيقها، بينما يطمح السوريون الى ان تشكل أعمال هذه اللجنة ، بوابة الخروج من الكارثة الى استعادة الحياة الطبيعية للعمل الحضاري السوري ، لذلك فانه ومع بداية أعمال هذه اللجنة ، ولفهم مجرياتها وسياقاتها ، نقترح ملاحظة مايلي :

من الواضح أن الحكومة السورية ، لم تقبل البدء بأعمال اللجنة الدستورية ، الا بعدما حصلت على قبول الجهات المشاركة ، وموافقتها على (أسس مرجعية)، تشكل (هيكل الدستور)، الذي سينتج عن اللجنة ،بطريقة تحفظ هوية الدولة السورية ، وقوتها الاقليمية والدولية ، ودورها الحضاري.

بحيث يظهر الدستور ، وحدة الارض والشعب والمؤسسات ، ويصون السيادة الكاملة ، للدولة على كامل الارض والشعب والمؤسسات في نظام يضمن (الارتقاء السايسي الشامل) ، ويحقق مستويات أرقى من العدالة والمساواة ، واحترام القانون ، واعتماد المواطنة ، ويضمن مستويات أرقى ، و(مستمرة بالترقي) من المشاركة السياسية الفاعلة.

ومن الامور المتفق عليها أيضا – ولو بحكم تطور الواقع الميداني والسياسي- هو التحول من مفهوم (الانتقال السياسي) الى مفهوم (الارتقاء السياسي) ، خاصة وان مفهوم الانتقال ، كان هدفه الوصول الى كرسي الحكم أساسا ، بينما مفهوم الارتقاء ، يأخذ المجتمع والمؤسسات (والدستور أهمها) الى مستويات أرقى في تنظيم العلاقة بين الناس بعضهم بعضا ، وبينهم وبين مؤسسات الحكم، بمايخلق (عقدا اجتماعيا) ، يراكم منجزات الشعب السوري ، ويرتقي بها ، ويحفظ استمرار ارتقائها ، وهذا أقل مايليق بالروح السورية الحضارية ،المستوعبة لكل تطور ، والمنفتحة على كل حداثة ، والطامحة الى حياة كريمة ، عزيزة ، ومبدعة.

من المؤكد أن جميع المشاركين، وافقوا على ان تعمل اللجنة الدستورية ، لتحقيق آمال السوريين (بتجاوز الكارثة) ، التي تسبب بها ، أساسا الارهاب التكفيري ، وتشوش الرؤية في موضوع التغيير ، كذلك ، فان هذه الكارثة التي يأمل السوريون بتجاوزها ، اشترك في اشعالها ، جهات أجنبية طامعة ، غذت مطامع البعض بالحكم ، وأججت شيطان الطائفية عند البعض الآخر، وسلحت مطامع الانفصال لدى بعض الطامعين فيه ، كما انها حركت احقادا قديمة لم تعالج.

السوريون ، يأملون أن تؤدي أعمال اللجنة الى تجاوز هذه الكارثة الى حياة طبيعية ، تحترم حقوق الجميع ، وتطلق التفاعل الحي، المبدع بين جميع المكونات السورية.

رغم كل ذلك ، فان السوريين يتخوفون من ألعاب المتدخلين ، ويخشون أن يكون شعار “عدم تدخل الخارج باعمال اللجنة”، هو مجرد كلام ، خاصة ، وان جهات كثيرة من المعارضة على تنسيق (ان لم نقل على تبعية) لجهات أجنبية أو اقليمية ، أو عربية معروفة ، ويخشى السوريون من أن يؤدي تدخلهم الى تعطيل تجاوز الكارثة ، او الى حرفها باتجاهات لا تحقق مصلحة الشعب السوري .

كما ان من مخاوف السوريين ، ان يكون لتركيا (مثلا) ، كلمة قوية على الطاولة ، عبر من يؤيدها ، خاصة وانها باتت تحتل جزءا من الارض السورية بموافقة امريكية روسية ، ألم يقل وزير خارجية تركيا ، تعليقا على احتلال تركيا لاراض سورية : (ان من يكون قويا على الارض يكون قويا على الطاولة ، ويكون لرأيه تأثير في النتائج).

تجاه كل ذلك ، يأمل السوريون من اعضاء اللجنة الدستورية،ان يعودوا بحق الى وطنيتهم، بالعمل أولا ، على رفض الاحتلال التركي والامريكي والفرنسي والبريطاني ، وفي هذا المجال يأمل السوريون ان يتوحد أعضاء اللجنة على (أولوية كسر الارهاب وطرد الاحتلال) ، وهذا أبسط أسس التعاون الوطني الحق ، بين (المعارضة) و (الموالاة)، و (المستقلين) ، والجميع .

ان اعمال اللجنة الدستورية بدأت ، والسوريون الذين صمدوا وتحملوا المعاناة ، نتيجة الارهاب والحصار الاقتصادي ، وقدموا الشهداء من أجل استمرار الدولة ، عبر استمرار عمل مؤسساتها ، وظلوا متمسكين بوحدة وسيادة الارض والشعب ، والمؤسسات . ان السوريين الذين يعرفون ، بان الشرعية الاساسية ، هي لمن حفظهم ، وغذا صمودهم ، وقهر القوة الاساسية للارهاب ، ويعمل للارتقاء السياسي الشامل لهم . أما غير ذلك ، فلا شرعية له ، مهما كان مصدره، والامل طبعا ، كبير ، بان تكون النتائج سورية ، بهذا المعنى ، وبهذه الروح ، ليكون المستقبل أفضل.