aren

الجائحة المتسلطة: “كورونا” يعاند العلم … ويغير العالم
الخميس - 2 - أبريل - 2020

(خاص)

التجدد الاخباري – مكتب بيروت

1E30E24D-8FE4-4EE3-AA09-F187F8DC2806_cx0_cy1_cw0_w1023_r1_s

… لمواجهة “كورونا\ كوفيد-19”

دراسة بريطانية ترجح نظرية “فصل الصيف” 

توقع علماء في معهد المعلوماتية الصحية في جامعة “كوليدج- لندن”، في دراسة جديدة، تغيرا في وتيرة تفشي فيروس «كورونا» المستجد في العالم، ابتداء من أيار\مايو المقبل، موضحين أن عدد حالات الإصابة بالفيروس ، سيبدأ في الانخفاض في ذلك الشهر، مع ارتفاع درجات الحرارة.

وأشارت الدراسة إلى أن النتائج ، التي توصلت إليها ، تدعمها الأدلة المتوافرة مسبقاً على موسمية عدد من الفيروسات المشابهة لـ«كورونا». ولفتت الدراسة إلى أن الطقس ، الأكثر دفئاً وضوء الشمس والرطوبة قد تساعد على تقليل انتقال الفيروس، لكنها حذرت من أن الشتاء قد يشهد انعكاساً لهذا الاتجاه من جديد.

ووفق الدكتور روب (ألدريدج)، فإن الصيف قد يشهد استمرار العدوى، لكن بمستوى منخفض عن الشتاء. وتتبعت الدراسة ، حالات الإنفلونزا والفيروسات التاجية بين عامي 2006 و2011. وقالت إن هناك فيروسات مشابهة في بريطانيا منذ سنوات، وإن كانت أقل فتكاً من الفيروس الحالي. وذكرت (إيلين) فراغاسزي: «في المناطق المعتدلة، تتبع العديد من الفيروسات التنفسية نمطاً موسمياً، وتشتد مع ذروة الشتاء» خلال موسم البرد والإنفلونزا. وتتماشى النتائج مع الأبحاث السابقة في بلدان أخرى، التي أظهرت أن الفيروسات التاجية موسمية في فصل الشتاء في المناخات المعتدلة، مع تباين أكبر في المناطق الاستوائية.

2_899468_highres

…ودراسات “فرنسية-أمريكية -صينية” تزكي “الكلوروكين” … وعلماء روس يعتمدون “دماء الناجين” كعلاج 

من ناحية أخرى ، ما زال البحث عن علاج لفيروس “كورونا”، أمرا يؤرق الاوساط العلمية، والدول من أجل وقف هذه المحنة ، ورغم أن التقديرات المعلنة ، تشير إلى أن الفترة الممكنة لتحقيق نتيجة قد تستغرق 18 شهراً، إلا أن المحاولات مستمرة، ومن ذلك البحث في احتمال أن يكون أحد مشتقات عقار (الكلوروكين)، المستخدم للملاريا، هو الممكن لمكافحة الفيروس، في حين بدأ علماء “روسط،تطوير علاج من دماء الناجين خلال 30 يوماً. وباشر باحثون فرنسيون، دراسة للبت في قضية (الكلوروكين)، في وقت خلص فيه فريق “صيني” بحذر إلى أن هذا العلاج «واعد».

ويستعر الجدل حول استخدام عقار «هيدروكسيكلوروكين» منذ أسابيع عدة، مع تدخل حتى من الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، الذي يرى فيه «هبة من السماء»، ومساهمة كبيرة من العالم الفرنسي ، (ديدييه راوولت)، وقد نشر هذا الأخير ، دراستين ، تدعمان «فعالية» هذا العلاج، إلا أن الكثير من المتخصصين ، ينتقدون المنهجية المعتمدة.

ومن أجل «البت في القضية»، أعلن فريق من مركز “أنجيه” الجامعي ، بدء دراسة تعتمد «أرقى المعايير العلمية والمنهجية»، وتشمل 1300 مصاب بالفيروس وتجرى «في ظروف لا تترك مجالاً للشك في تحليل النتائج»، على ما أكد البروفيسور فينسان دوبيه، الذي يقف وراء المشروع.

وأطلق على الدراسة اسم «إيكوفيد»، وتعتمد على «التعمية المزدوجة»، أي أنه لا الأطباء، ولا المرضى ، يعرفون إن كان المريض يتلقى كلوروكين، أو عقاراً وهمياً . وتشمل الدراسة مرضى يزيد عمرهم على 75، أو يحتاجون إلى الأوكسجين للتنفس من دون أن يكونوا مصابين «بضائقة تنفسية حادة».

وشدد دوبيه على أن «من نقاط القوة في الدراسة شمولها مرضى مصابين بشكل غير خطر للمرض، لكنهم يواجهون احتمالاً كبيراً بالإصابة بمضاعفات، مثل الأشخاص المسنين . لذا سنعالج الأشخاص في مرحلة مبكرة وهو عامل حاسم في نجاح العلاج». وستصدر النتائج في «غضون أسابيع قليلة» .

ونشر فريق صيني، الثلاثاء، دراسة أجراها في مستشفى في “ووهان”، وخلص فيها، بحذر، إلى أن هيدروكسيكلوروكين «واعد» كعلاج لمرض (كوفيد-19). ودرس الأطباء في مستشفى الشعب في ووهان 62 مصاباً، تلقى 31 منهم هيدروكسيكلوروكين بمعدل 400 مليغرام في اليوم، ومجموعة أخرى من 31 مريضاً لم يحصلوا على أي عقار.

وشُكلت المجموعتان عشوائياً، بواسطة حاسوب، وبلغ العمر الوسطي لأفراد المجموعة 44,7 عام. وكان المرضى يعانون أعراض التهاب رئوي لم تكن له مضاعفات خطرة، وقد حصلوا على «العلاج العادي»، أي الأوكسجين، ومضادات الفيروسات، والمضادات الحيوية، وقد أجريت صور مقطعية للرئتين قبل الدراسة، وبعد 5 أيام من العلاج.

وبعد هذه الفترة، تبين أن حالة المرضى في المجموعة التي حصلت على هيدروكسيكلوروكين ، أفضل بكثير على صعيد الالتهاب الرئوي، مع تحسن لدى 80,6% من بينهم، في مقابل 54,8 % للمجموعة المقابلة. وقد تراجعت أعراض الحمى، والسعال، بسرعة أكبر لدى المجموعة الأولى. وخلص معدو الدراسة إلى تأكيد بأن هيدروكسيكلوروكين «واعد» في معالجة (كوفيد-19). ورحب ديدييه ، بهذه النتائج، وقال «رغم العدد القليل من الحالات المدروسة فالفرق كبير.

وأعلن علماء من معهد “البيولوجيا الكيميائية”، التابع للأكاديمية الروسية للعلوم ، جاهزيتهم لتطوير علاج لكورونا، يعتمد على دماء الناجين من الفيروس خلال 30 يوماً. وقالت الخدمة الصحفية للأكاديمية :”إن الدواء التجريبي لعلاج الفيروس ، سيكون جزءاً مدعماً بالأجسام المضادة للفيروسات في الدم البشري، يتم استخراجه من بلازما المرضى الذين تعافوا من الفيروس. ومن المتوقع أن يستغرق تطويره 30 يوماً”.

01_195640_highres

الـ”كورونا” يعيد تشكل العالم  

في غضون ذلك ، تتواصل المعركة الدائرة بين البشرية وفيروس “كورونا” المستجد، المسمى علميا “كوفيد-19″، ذلك الوباء الذي أحدث تغييرات هائلة، وعلى أصعدة مختلفة، إلى درجة أن كثيرين ، باتوا يؤمنون بأنه عند انتهاء هذا الكابوس ، لن يعود العالم كما كان، لا بل يذهب بعضهم إلى أن تأثيرات الوباء ، ستجعل العالم ،مختلفاً ، عما كان بشكل كبير.

وفي هذا الصدد، نشرت صحيفة الـ”غارديان” البريطانية ، تقريرا بعنوان: «لم يعد بإمكاننا العودة للمسار الطبيعي، كيف سيكون شكل العالم بعد كارثة فيروس كورونا؟»، تناول فيه الكاتب ، (بيتر) بيكر ، التغييرات الدرامية التي شهدها العالم، والتي كان مجرد التفكير فيها مستحيلاً قبل أسابيع فقط.

وفي تفاصيل التقرير، تلفت الصحيفة إلى أن مئات المفكرين ، كرَّسوا حياتهم لكيفية تأثير الكوارث في حياة البشر وتغيير مجرى التاريخ، فيركز بعضهم على الجانب المظلم المتعلق بكل ما قد يصبح أسوأ بفعل الكارثة، بينما يركز البعض الآخر -الأكثر تفاؤلاً -على ما يمكن أن ينتج عن الكارثة من فرص للتغيير الإيجابي.

وبالنسبة للحرب مع «كورونا» ، التي لا تزال متواصلة، تشير الـ”غارديان” إلى أن «البعض يعتقد أن الوباء يمثل فرصة لإعادة تشكيل كل شيء بصورة أفضل وأكثر عدلاً، لكن البعض الآخر يخشون استغلال الأزمة لتكريس الأوضاع القادمة بصورة أكثر وحشية وظلماً. النظرة المتشائمة يقول المؤرخ الأميركي الشهير مايك ديفيس:” العالم ليس بالضرورة عقلانياً أو منطقياً، لذلك هناك دعوات متصاعدة للانعزالية والانكفاء، ما قد يعني مزيداً من الوفيات ومزيداً من المعاناة حول العالم”.

وبالنسبة لـ”ديفيس”، الذي ألف كتاباً عن تهديد (إنفلونزا الطيور) عام 2005، تمثل الأوبئة ، نموذجاً مثالياً على نوعية الكوارث، التي لا يمكن أن تتصدى لها الرأسمالية، لأنها لا تجيد سوى حسابات الربح والخسارة. وظهرت مواقف عدة، عكست كيف يتم استغلال أزمة الوباء بشكل سيئ، بدلاً من التضامن البشري لمواجهته، منها:

1 – إطلاق الرئيس الأميركي دونالد ترامب دائماً اسم «الفيروس الصيني» على الوباء، واستغلاله لتشديد الرقابة على الحدود وتقليل أعداد الساعين للجوء، وهذا يقع ضمن أجندته السياسية في عام الانتخابات.

2 – ترويج كثيرين من المشرّعين الجمهوريين لنظرية المؤامرة بشأن أن فيروس «كوفيد – 19» سلاح بيولوجي صيني.

3 – سعي الصين، في المقابل، إلى استغلال الوباء لفرض هيمنتها على العالم، من خلال ما بات يعرف بـ «دبلوماسية الكمامات»، في إشارة إلى المساعدات الصينية لدول مثل إيطاليا واسبانيا وغيرهما، التي تصاحبها دعاية صينية مكثفة، يتهمها البعض بأنها محاولة للتستر على تسبّب بكين في انتشار الفيروس عن طريق محاولة التغطية على الحقيقة بشأنه.

4 – رئيس وزراء المجر ونظيره الإسرائيلي يتمتعان الآن بسلطات شبه مطلقة لتتبع المعرضين للعدوى وحامليها.

5 – حصل رئيس وزراء بريطانيا على تفويض مطلق، خوَّل بموجبه رجال الشرطة الاعتقال الفوري لمن يشتبه في أنه حامل للعدوى (هل رجال الشرطة أصبحوا أطباء أو متخصصين في الصحة فجأة؟).

6 – تسجيل مئات الحالات من الأحداث العنصرية ضد الآسيويين بشكل عام والصينيين بشكل خاص في أوروبا والولايات المتحدة، تراوحت بين الاعتداء اللفظي العنصري والاعتداءات الوحشية، على أساس أن الفيروس نشأ في الصين.

النظرة المتفائلة

يرى أنصار هذا المعسكر أن الأزمة المالية عام 2008 تمثل نموذجاً جيداً لما يتوقعونه لعالم ما بعد “كورونا”، على الرغم من أن الغالبية العظمى تخلت عن معظم ما لديها مقابل تكديس أرباح قلة قليلة من جراء الأزمة المالية، إلا أن كارثة كورونا فتحت الباب على مصراعيه أمام التقدم السياسي. الكاتبة الأميركية ريبيكا سولنيت، وهي واحدة من ألمع دارسي تأثيرات الكوارث في عالمنا المعاصر، تقول إن «الأفكار التي كانت تبدو يسارية لمعظم الناس أصبحت أكثر منطقية لدى الغالبية، وهناك الآن فرصة للتغيير لم تكن متوافرة قبل هذه الكارثة الوبائية». ويؤمن أصحاب هذه المدرسة بأن الوباء فرصة لإعادة تشكيل العالم، موضحين أن هناك تغييرات مهمة حدثت، منها:

1 – كشف «كورونا» أن النظام السياسي الحالي لم يعد يصلح، فحتى قبل أن تفجعنا كارثة الوباء فقد الآلاف من البشر حياتهم ووظائفهم بسبب أمراض معروفة، وكان يمكن معالجتهم، لكن القرارات السياسية حالت دون ذلك.

2 – حدث كل ذلك ببطء ومن دون هستيريا جماعية، وكأنها كوارث «تحت السيطرة»، من دون أن تؤثر في تغيير الحالة المزاجية العامة عند غالبية البشر، الذين يواصلون حياتهم اليومية من دون شعور بالخطر المحدق، وبالتالي يتغلب الشعور الخاص بالرغبة في المحافظة على الوضع الراهن، وكأنه لا بديل له.

3 – الوباء محطة ظهر خلالها كيف تدير الأنظمة الحاكمة الأزمة على أساس أن الشعب جزء منها، ويتخذون إجراءاتهم على هذا الأساس، بدلاً من أن يكون الشعب حجر الزاوية في التصدي للكارثة، وهذا يدل على عدم كفاءة الأنظمة وليس عدم قدرة الشعب على التصرُّف بشكل مسؤول.

4 – بفعل الجائحة، لن يكون من المقبول أن يكون الهدف مواجهة الفيروس والقضاء على خطره بسرعة حتى تعود الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً، فالأمور لم تكن جيدة قبل الوباء حتى تكون عودتنا إليها هدفاً من الأساس.

وتختم الـ”غارديان” : بأن «العالم كله ينتابه شعور غريب هذه الأيام، ولكن ليس فقط بسبب سرعة التغيير أو احتمال أن يصاب أي شخص بالعدوى في أي لحظة وأي مكان أو احتمال أن يكون حاملاً للفيروس من دون أن يعرف، بل لأن الأسابيع القليلة الماضية قد كشفت حقيقة أن أي شيء ، وأكبر شيء ، وأكثر الأمور ثباتاً قد تتغير طول الوقت ، وفي أي لحظة. وهذه الحقيقة البسيطة، رغم كونها مثيرة للقلق ومحيرة في الوقت نفسه، فإنه من السهل أن ننساها. إننا لا نشاهد فيلماً، بل نكتب مشاهده معاً حتى نهايته».

تغييرات الوباء

ويصف تقرير الت”غارديان” ، التغييرات الضخمة ، التي حدثت على مستوى العالم أجمع، نتيجة تفشي الوباء بأنها:

كانت لا تخطر على بال أحد حتى قبل أسابيع قليلة فقط.

جعلت كل شيء جديداً ولا يمكن تصديقه كأنه كابوس أو حلم.

عشناها عبر شاشات التليفزيون والسينما .. لكن ليس في الواقع.

حدثت خلال أسابيع.. والتغيير الجذري لحياة البشر يحتاج عقوداً طويلة، لأنها متسارعة جعلتنا نلهث وراء الأخبار فكلّنا متأثرون بتطورات الوباء.

كانت قاسماً مشتركاً بين جميع البشر حيث جلس معظمهم في البيوت.

لم تستثنِ أحداً.. فالجميع معرضون للعدوى ويخشون الإصابة.

https://www.theguardian.com/world/2020/mar/31/how-will-the-world-emerge-from-the-coronavirus-crisis