aren

كواليس ما قبل العملية الروسية في اوكرانيا … مضمون مكالمة بين”ماكرون وبوتين” لم ينشر من قبل
الأحد - 10 - يوليو - 2022

(خاص)

التجدد الاخباري – مكتب واشنطن

في اتصال هاتفي قبل أربعة أيام من بدء العملية الروسية على أوكرانيا، ردّ الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” على عرض نظيره الفرنسي إيمانويل (ماكرون)، عقد قمة مع الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، قائلاً : “لا أخفيك، أريد أن ألعب هوكي الجليد (..) وها أنا، أتحدث إليك من صالة الرياضة”.

بوستر الفيلم

وردت هذه المحادثة المثيرة، التي استمرت تسع دقائق، ولم يُنشر مضمونها من قبل، في الفيلم الوثائقي “رئيس وأوروبا والحرب”، للصحافي (غي لاغاش)، الذي يروي الخفايا الدبلوماسية خلال الأشهر الستة الماضية في “الإليزيه”، وتم بثّه (مساء الخميس\ الاسبوع الماضي) على القناة الفرنسية(2).

صباح الأحد 20 شباط/فبراير، تركز الكاميرا على (إيمانويل بون)، المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي، محاطًا بثلاثة متعاونات، داخل مكتبه الواقع في شارع الإليزيه بباريس.

يقوم الرئيس الفرنسي، الذي كان قد زار قبل أيام قليلة موسكو وكييف، بوساطة أخيرة لمحاولة منع اندلاع الحرب. يتابع الأعضاء الأربعة للخلية الدبلوماسية التابعة للإليزيه عن بُعد الاتصال الهاتفي بين “رئيسهم” وزعيم الكرملين.

بدا إيمانويل ماكرون حازمًا وهجوميًا، وحتى حادًا في لهجته. استمع إليه بوتين بدون أن يقول أي كلمة، لكنّ صمته كان يخفي استياءً. أجابه بوتين “أصغ إليّ جيداً”. تتضمن بعض العبارات المهذّبة باللغة الروسية، نوعًا من السخرية.

بدون مواربة، بدأ الرئيس الفرنسي المحادثة بالقول: “أود أن تعطيني أولاً قراءتك للوضع، وربما بشكل مباشر، كما يفعل كلانا عادة، أخبرني ما هي نواياك”.

أجاب نظيره الروسي “ماذا يمكنني أن أقول؟ أنت ترى بنفسك ما يحدث”. وقال مهاجماً الرئيس الأوكراني، بحسب الترجمة الواردة في الوثائقي: “في الواقع، زميلنا العزيز السيد (الرئيس الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي، لا يفعل شيئًا (لتطبيقها). إنه يكذب عليك”، في إشارة إلى اتفاقية مينسك التي من المفترض أن تؤدي إلى إحلال السلام في شرق أوكرانيا، حيث ينشط الانفصاليون الموالون لروسيا منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014. واتهم بوتين زيلينسكي بأنه قال إنه يريد امتلاك أسلحة نووية. علّق إيمانويل بون بالقول “هذا هراء”.

 “لا نكترث”

اتهم زعيم الكرملين ، نظيره الفرنسي بالرغبة في “مراجعة الاتفاقية”، وطلب أن تؤخذ مقترحات السلام التي قدّمها الانفصاليون في الاعتبار. احتجّ إيمانويل ماكرون على اتهامات محاوره: “لا أعرف أين تعلّم محاميك القانون. أنا فقط أنظر إلى النصوص وأحاول تطبيقها!”.

يعاود بوتين الاتهام، معرباً عن أسفه لعدم الإنصات إلى الانفصاليين. وأجاب ماكرون بحزم “نحن لا نكترث لمقترحات الانفصاليين!”، موضحاً أنه غير منصوص عليها في الاتفاقية. لكن ساكن الإليزيه يريد أن يلعب دور الوسيط، واقترحَ عقد لقاء يجمع كلّ الأطراف. وأكد “سأطلب هذا على الفور من زيلينسكي”.

وقال إن “الوضع على خط التماس متوتر للغاية. لقد دعوت زيلينسكي يوم أمس فعلاً إلى التهدئة. سأقول له ذلك مجدّدًا، تهدئة الجميع، التهدئة على شبكات التواصل الاجتماعي، تهدئة القوات المسلحة الأوكرانية”.

ودعا نظيره الروسي ليحذو حذوه مع القوات الروسية المتمركزة على الحدود مع أوكرانيا. ونبهه قائلًا: “لا تنجرف وراء الاستفزازات من أي نوع كانت في الساعات والأيام المقبلة”.

 “سنبقى على اتصال”

وحقق إيمانويل ماكرون أخيرًا الغاية من اتصاله، المتمثلة بإقناع فلاديمير بوتين بقبول عقد لقاء مع الأميركي جو بايدن في جنيف، في مسعى لوقف التصعيد في القمة.

ولم يظهر فلاديمير بوتين حماساً بالغاً، ولا حتى بشأن فكرة تحديد موعد. وأكد أن “قبل كل شيء، يجب التحضير مسبقاً لهذا الاجتماع”. ونجح إيمانويل ماكرون بانتزاع “اتفاق مبدئي” منه. وعلى الفور، أعلن الإليزيه عن قمة مقبلة بين بايدن وبوتين، لكنها لم تُعقد. وفي نهاية الاتصال قال ماكرون: “نبقى على اتصال بشكل آنيّ. اتصل بي بمجرد حدوث شيء ما”. وختم بوتين بالفرنسية قائلاً: “شكراً سيدي الرئيس”.

بعد أربعة أيام، كانت النتيجة مريرة. وقال ماكرون أمام كاميرا غي لاغاش: “لم نقنعه، لقد غزا أوكرانيا”. في 16 حزيران/يونيو، قال الرئيس الفرنسي، في طريق عودته عبر القطار من زيارة إلى كييف التقى خلالها فولوديمير زيلينسكي: “اعتقدتُ أنه يمكننا إيجاد وسيلة مع بوتين عبر (…) الثقة والحوار”.

واعتبر أنه مع الانتهاكات التي ارتكبها الجيش الروسي، ولا سيما في (بوتشا)، تم تخطي مرحلة “لا رجعة فيها” على “المستوى الأخلاقي”، مضيفاً: “تحدثتُ معه أقل بكثير بعد ذلك”.

انتهكت مبادئ دبلوماسية وكشفت كذبًا

جرت هذه المحادثة ، التي استمرت 9 دقائق قبل 4 أيام فقط من بدء الحرب الروسية الأوكرانية.

في مؤتمر صحفي بفيتنام يوم 6 تموز\ يوليو 2022، أبدى وزير الخارجية الروسي، سيرغي (لافروف)، استنكاره من تسريب مُقتطفات من المكالمة، قائلًا: “نجري مفاوضات بطريقة لا نخجل منها أبدًا. نقول دائمًا ما نفكر فيه”. وأضاف لافروف: “المبادئ الدبلوماسية لا تسمح بتسريب أحادي الجانب لمثل هذه التسجيلات”، مُشيرًا إلى أنه عندما نشرت موسكو تفاصيل مكالمات بوتين مع زميليه الفرنسي والألماني، حاولت إبلاغهما لاحقًا علنيًا 3 مرات، لكنهما لم يردا، بحسب مجلة “بوليتيكو” الأمريكية.

https://www.politico.eu/article/russia-accuses-france-of-breaching-diplomatic-etiquette-over-release-of-macron-putin-call/

زاخاروفا: فرنسا انتهكت سرية المفاوضات

اتهمت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا (زاخاروفا)، باريس بانتهاك سرية المفاوضات بين بوتين وماكرون. قالت في برنامج على قناة روسيا- 1 يوم 3 تموز\ يوليو الجاري: “المكالمات رفيعة المستوى تكون سرية بطبيعة الحال. هذه مفاوضات مغلقة. لكن اتضح أنه عندما اتصل ماكرون ببوتين منذ شهرين، سجّلت كاميرات صحفيين، كانوا جالسين يُصورون كل شيء، المحادثة بالكامل”. وأضافت: “هذا مثال على الطريقة التي يفهمون بها كلمة دبلوماسية، يصعب توقّع أن يحترم الجانب الفرنسي سرية أي شخص.. أوضحت باريس للعالم أجمع أنها ترى نشر محادثات بين قادتها وشركائها أمرًا طبيعيًا”، وفق وكالة أنباء تاس الروسية الرسمية.

فرنسا: بوتين كاذب

خلال الاتصال الهاتفي، أبدى بوتين موافقة مبدئية على لقاء الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في جنيف. لكن مع تصاعد غضب ماكرون عبر الهاتف، أبلغه بوتين أنه في صالة للألعاب الرياضية ويريد لعب هوكي الجليد، وفق وكالة بلومبرج.

ونظرًا لعدم إجراء اللقاء الأمريكي الروسي المُنتظر، وصف مستشار دبلوماسي للرئيس الفرنسي، بوتين بـ”الكاذب”. وعزت بلومبرج محاولة سيد الإليزيه التوسط إلى رغبة مُحتملة في تخفيف انتقادات طالته بأنه كان مُتساهلًا مع الرئيس الروسي، لكنه خاطر بدلًا من ذلك بتغذية التصوّر الغربي بأنه ساذج.

مكالمات ماكرون وبوتين .. 100 ساعة على الأقل في 6 أشهر

بدوره، قال ماكرون إنه من الصعب حساب عدد المحادثات الهاتفية التي أجراها مع بوتين منذ ديسمبر الماضي، لكنه قدّر بأنه هاتف نظيره الروسي 100 ساعة على الأقل خلال الأشهر الـ 6 الماضية.

وأوضح في حديث صحفي، يوم 4 يوليو الجاري، أنه لم يخف هذه المفاوضات، وأنه أجراها بطلب من الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، مُشيرًا إلى أنه “لا يمكن إذلال روسيا” وأن فرنسا بإمكانها أن تلعب دور الوسيط، مع تعقيد الوضع بأوكرانيا، وفق وكالة (تاس) الروسية.

تسريب سابق

بحسب “بلومبرغ”، هذه ليست المرة الأولى التي تُتهم فيها باريس بتسريب تفاصيل مكالمات هاتفية، ففي عام 2020، نشرت صحيفة (لوموند) الفرنسية مناقشات بين ماكرون وبوتين بشأن الزعيم المعارض في روسيا أليكسي نافالني.

https://www.bloomberg.com/news/articles/2022-07-05/russia-slams-macron-for-breaching-diplomatic-confidentiality

واتهمت فرنسا وألمانيا، موسكو بانتهاك البروتوكول الدبلوماسي في نوفمبر الماضي، من خلال نشر مراسلات بين لافروف ونظيريه الفرنسي والألماني مع اشتداد الأزمة بشأن أوكرانيا.