aren

قنال السويس اللبناني \\ كتابة : جهاد الزين
الخميس - 6 - فبراير - 2020

حمل المصريون عبء ديون ما كان يُفترض أن يكون في الربع الأخير من القرن التاسع عشر مكسباً استراتيجياً لهم وهو قنال السويس التي خلال ولأجل شقِّها سخت الدول العظمى يومها كثيراً على الخزانة المصرية في عهد الخديوي إسماعيل الذي أسرف في الاستدانة والإنفاق لأجل مشاريعه العامة والخاصة.

ارتُهِنَتْ مصر لأجيال بالديون الغربية وصار موْقِعُها الاستراتيجي الذي حققه فتحُ قنال السويس عبئاً عليها. فهل دخل لبنان على ضوء السابقة المصرية في ثنائية تلازم مصادر الثروة وعبء الاستدانة في “قنال” ارتهاني يرتهن سلفاً ثروته الغازيّة.

أشياء كثيرة يمكن أن تُقال عن الموضوع.

■ أن الثروة البحرية الغازية هي ثروة مشتركة مع إسرائيل.

■ تنظر إسرائيل على الأرجح إلى هذه الثروة التي بدأت باستثمارها أنها على الجهة اللبنانية سلاح إيراني لايمكنها ولا تريد مقاسمته مع إيران.

■ لبنان الذي يختنق بديونه للغرب يختنق بالغاز الذي يبدو سلاحاً اقتصاديًا أكبر من أن يُترَك لطبقة سياسية مهترئة وتابعة حاكمة فيه أن تتولّى أمره.

■ النظام السياسي اللبناني في ما آل إليه في العقود الثلاثة الأخيرة نظام ثبت فشله في الإدارة العصرية لا يستطيع حتى تقنيًا إدارة ملف الثروة الغازية الموزّعة على تسعة بلوكات مع إسم حركي طائفي لكل منها أو لأكثر من الشمال إلى الجنوب.

تغاضى الغربيون ولاسيما الفرنسيين والأميركيين عن فساد الطبقة السياسية، ودائماً باسم واقعية سياسية كانت تخفي شبكة مصالح واسعة. وإذا كنتُ كمراقب لستُ مطلقاً مع تحميل رفيق الحريري وسياسته الاقتصادية وحدهما مسؤولية تراكم الدين ومعه تراكم الفساد… فإن الشركات الغربية في قطاعات مختلفة خصوصاً الاتصالات والنفط والتكنولوجيا كانت شريكة أساسية مما يعني أن غض النظر عن الفساد والنهب السياسيّيْن اللبنانيّيْن ًلم يكن من دون ثمن وتواطؤ.

الآن نحن في الهاوية. يجب أن يساعدنا الغربيون وتحديداً الفرنسيين على تكريس إفلاس هذه المنظومة السياسية التي خرّبت واحداً من أجمل بلدان العالم وأكثرها قابلية للتقدم.

لا اعرف كيف سيقرؤنا الجيل اللاحق من حيث تناول الانهيار الذي نعيشه. أقصد تناول كُتّاب المرحلة الحالية لهذا الانهيار، هل سنبدو محيطين بحجم الأزمة ومسارها وتداعياتها أم أننا لسنا كذلك. عادةً من الصعب داخل الجحيم أن يرى المرء المستقبل. لكن عمق الأزمة الاقتصادية يضع لبنان أمام تهديد قطاعات كانت جزءاً من صورته.

السؤال الآن هل سيكون لبنان قادرا على الانتقال من نظام خدمات لم تعد موجودة أو أصبحت ضعيفة جدًا كالصحافة والمصارف إلى نظام مختلف وهو البلد الصغير المحدود الإمكانات في الزراعة والصناعة وأية قطاعات خدمات يمكنه تجديدها أو استحداثها بسبب تعدديته السياسية التي انقلبت من نعمة إلى كابوس حاليا.

“النهار”اللبنانية