aren

قضية ماري كولفين : نموذج لابداع خبيث لايجوز السكوت عنه !! \\ بقلم : د.فؤاد شربجي
الجمعة - 8 - فبراير - 2019

MV5BNmQxYzZkNzQtMzVkMC00MjJkLTk4MWItMTMzNzkwYjZjYTQ5XkEyXkFqcGdeQXVyMTYzMDM0NTU@._V1_

نشرت قبل أيام ، عرضا لفيلم هوليوودي حديث انتاج 2018 ، يقدم قضية الصحفية الامريكية (ماري) كولفين ، تحت عنوان : ” A Private War \ حرب خاصة” ، وأهمية الفيلم انه مصنوع بكفاءة سينمائية روائية خبيثة ومؤثرة ، ويرفع شعار (الدفاع عن المدنيين والاطفال) ، وممايجعله نموذجا لحرب اعلامية ثقافية سياسية ، تشن وتصعد من جديد ، حربا اقتصادية شرسة .

ولكنني ، من ردود فعل على مانشرته من الفيلم ، لاحظت ان كثيرين غافلون عن تفاصيل هذه القضية ، وعن موقعها من الحرب ضد سورية ، وهذا مايدفعني للتذكير بالتفاصيل الضرورية لاستكمال الصورة ، ومعناها:

1- تم اطلاق عرض الفيلم حول كولفين ، بالتزامن مع قرار المحكمة في واشنطن – العاصمة ، يعتبر الحكومة ، هي المسؤولة عن قصف وقتل كولفين ، وقرار المحكمة صدر في 31\1\2019 ، وتزامن عرض الفيلم مع قرار المحكمة ، يكشف التنسيق العدواني في استهداف سورية (اعلاميا ثقافيا في الفيلم ) ، و (قضائيا) بحكم المحكمة ، وجوهر كل ذلك سياسي عسكري.

2- أول من أخبر عن مقتل كولفين ، هي الصحفية الفرنسية (أديث بافييه) ، أثناء اخراجها جريحة بواسطة جهاز أمني لبناني يتبع (الحريري) بالتعاون مع منظمة آفاز ، وحسبما كتبه جورج (مالبرونو)، الصحفي المقرب من المخابرات الخارجية الفرنسية ، فان (أديث بافييه) ومن معها (كالفين – أوشليك – كورنوي … الخ) ، رفضوا الخروج عن طريق الهلال الاحمر السوري ، لانهم كانوا برفقة المرتزقة الفرنسيين (مجموعة أبو بكر ) ، أي ان هؤلاء الصحفيين ، كانوا أفرادا في مجموعة فرنسية ، قوامها مرتزقة فرنسيون ، يقاتلون الدولة السورية مع الارهابيين.

وهكذا ، فان دخول كولفين ، وتواجدها مع الارهابيين والعيش معهم ودعمهم اعلاميا ، يحملها الكثير من المسؤولية في مقتلها ، هذا ان كانت قد قتلت بقصف سوري – وهذا مالم يثبت-

3- ان الصور الاولى التي خرجت من حمص لمقتل كولفين ، جاءت من نقل مباشر قدمه المتعاون مع قناة الجزيرة (خالد) ابو صلاح ، وأوضحت هذه الصور جثمان كولفين في الطابق الارضي ، ولو كان القتل نتيجة القصف الحكومي ، لكان من الضروري ان يكون المبنى مدمرا ، والطوابق العليا ساقطة .

لكن ، الصور أظهرت ان السقف فوق الجثة ، موجود ، ومن الخارج الطوابق العليا سليمة ، وهكذا لم يبق الا ان القذيفة دخلت من المدخل ، من مكان قريب ، والارجح انها قذيفة (آر .بي .جي) ، أطلقها احد المسلحين ،لان المطلوب حدث يولد ضجة اعلامية ، واستهداف كولفين بعد حديثها على ال(cnn ) ومهاجمتها للحكومة السورية ، يثبت التهمة على الحكومة ، ويخلق قصة عالمية ، وهذا ما جرى فعلا .

4- بعد مقتل كولفين، طلبت الخارجية الامريكية عبر سفارتنا في واشنطن ، المساعدة على نقل الجثة ، وبالفعل قامت الحكومة بالمساعدة ، واعترفت الخارجية بهذا الفضل ، وقدمت الشكر لله وقتها ، وهذا اعتراف على تعاون للحكومة في القضايا الانسانية ، بغض النظر عن المواقف السياسية.

5- الفيلم مبني ضمن استراتيجية جعل القضايا الانسانية ، سلاحا عدوانيا ضد سورية ، لذلك يصدر ماري ، وهي تجري تحقيقاتها لل(صنداي تايمز) من سيرلانكا (حيث فقدت عينها) ، الى أفغانستان ، الى العرق ، الى حمص ، مركزة على معاناة الاطفال والمدنيين نتيجة الحرب ، دون التطرق للسياسة .

وبعد مراكمة هذا الجوهر الانساني لماري عند المشاهد ، يصل الفيلم الى اتصالها مع (سي ان ان ) على الهواء ، وعندها تقصف الرأي العام بكلام سياسي ، يهاجم الدولة السورية ، وتتهمها بابشع التهم ، مدافعة عن الاخوان المسلمين من الثمانينيات حتى الحرب الجارية . نعم تدافع عن الاخوان ، لتفضح تأييدها لجوهرهم الارهابي.

وهكذا ، فان الفيلم مهد بالقضايا الانسانية ، ليصوب في السياسة ، وهذا منتهى الخبث والمكر، خاصة اذا جاء في عمل فني متقن ، وابداعي .

6- الفيلم مبني على أساس مقالات ، كتبها (ماري برند) عن كولفين ، تحت نفس العنوان (حرب خاصة) ، واخراج الفليم (ماثيو هينمان) ، ويعترف الفيلم كما المقالات ، بان (الحقيقة هي السلاح الاكثر قوة) ، ولكنه يقدم حقيقة ناقصة.

حقيقة لم تقل ان كولفين ، دخلت مع منظمة ترعى الارهاب وتواجدت مع الارهابيين ، ورفضت الخروج مع الصليب الاحمر ، وان تحليل الصور الاولى يبين انها قتلت بقذيفة احد الارهابيين ، الذي اراد اتهام الحكومة ، كل هذا لم يقله الفيلم ، وللاسف نحن أيضا في اعلامنا لم نقله ، بالرغم من ان الرئيس بشار الاسد ، أشار في مقابلة له مع اعلام غربي ، الى بعض هذه الحقائق…

فهل يجوز ان نقصر في الحرب ، وفشل سلاح الحقيقة ، الأكثر قوة وتأثيرا … والصراخ الأجوف ، ليس له أي تأثير، أبدا.