
يقوم الطاقم الطبي بدفع المريض على نقالة نحو طائرة هليكوبتر طبية فرنسية NH90 من RHC 1st (فوج طائرات الهليكوبتر المقاتلة الأولى) في ستراسبورغ ، في 30 آذار\ مارس 2020 ، ليتم نقله إلى مستشفى ألماني وسط اندلاع COVID-19 بسبب فيروس كورونا المستجد. (تصوير وكالة الصحافة الفرنسية)
التجدد الاخباري- بيروت
في اجابة على سؤال طرحه “برتران بادي”، وأجاب عليه هو “نفسه”، في مقال نشره مؤخرا، يقول بادي: نعم هي حرب، لأنها تنطوي على تهديد قاتل ينوء بثقله على كل واحد منا وتستدعي تعبئة عامة؛ لكنها حرب لا تشبهها أي حرب أخرى في الماضي. والرهان المبني عليها هو ظهور تضامن وحوكمة عالمية.
تختلف هذه الحرب بسمات أربع عن الحروب السابقة:
أولاً، إعادة اكتشاف التهديد الكوني الذي ينشأ عن سيرورة غير مسيطر عليها، والحل لهذا التهديد ليس في نصب الحدود والانغلاق على النفس، وإنما في التضامن والحوكمة الكونية؛ فالعالم بات في مركب واحد، بحيث صار ما يجري في الصين يترك أثراً مباشراً في العالم بأسره؛ وفي هذا السياق، فإن الدور الشكلي الذي تلعبه منظمة الصحة العالمية يثير الجنون، في حين كان يتوجب على هذه المنظمة أن تتحرك لتنسيق السسياسات الصحية وإنتاج قواعد جديدة نتشارك فيها جميعاً؛
ثانياً، إن تعددية الأطراف باتت حاجة حيوية؛ فالزمن هو زمن الاندماج، نظراً لأن التهديد مشترك؛ وما لم نسر نحو نظام تعددية الأطراف فلن نسلم.؛
ثالثًاً، كانت الحروب في السابق تحيل إلى الحدود، بينما التحدي الآن يحيل إلى المجتمع. فعدو الأمس كان على الجبهة الأخرى من الحدود، يتمتع بفضائه وجنسيته: واليوم، دونالد ترامب وحده يعتبر أن الفيروس له جنسية، ويحمل جواز سفردولة. في حين أن هذا العدو الجديد يتجاهل الحدود. ولمواجهته، يتوجب تقوية المجتمعات وتنمية حس المسؤولية لديها وحمايتها، وهو ما يتعارض مع كل ما تختطه النيوليبرالية التي حلت الحيز الاجتماعي في حامض السوق! علماً أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كان قد لفت الانتباه منذ سنة 1994 إلى ضرورة إعارة الاهتمام لهذا الأمن البشري الجديد. ومن المعروف أن معركة الحيز الاجتماعي لا تخاض بالمدافع، وإنما عن طريق العمل الدؤوب لإعادة بناء الرابط الاجتماعي بحيث يكون ناقل هذه الأشكال الجديدة من الأمن البشري، وخصوصاً الصحي والبيئي والغذائي، إذ يموت كل سنة نحو 9 ملايين إنسان نتيجة الجوع ؛
وأخيراً، فإن حروب الأمس كان تجري بين قوى ضد قوى أخرى، بينما اليوم الضعف هو الذي يدير اللعبة. إنه ضعف الشروط الصحية، وضعف التجهيزات؛ هو الضعف الذي يمثّل التهديد الرئيسي للجميع، ويسوغ تعبئة الطاقات الاجتماعية وليس العسكرية.
https://ideas4development.org/covid-19-guerre/?fbclid=IwAR3oLlsdh8Sh6tYRCk1eHe89Wt4z7L3mJJ3LwEJjbSwpGGszIcQ09oOTpNs
“برتران بادي” – هو من علماء السياسة المعروفين في فرنسا – أستاذ في معهد الدراسات السياسية بباريس، ونائب رئيس الجمعية الدولية للعلوم السياسية، ومن مؤلفاته الكثيرة: “الهيمنة المشكوك بها. الأشكال الجديدة للسيطرة الدولية”، “تعددية الأطراف”، “لم نعد وحدنا في العالم”، “عندما يعيد الجنوب ابتكار العالم”.