aren

في ذكرى «11 سبتمبر».. على أمريكا التخلص من أوهامها الخاصة بأعدائها \\ كتابة : إتش آر ماكماستر – برادلي بومان
الخميس - 15 - سبتمبر - 2022

حلت يوم الأحد الماضي الذكرى السنوية الحادية والعشرون للهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة التي خطط لها ونفذها تنظيم القاعدة من أفغانستان، والتى أسفرت عن مقتل 2977 شخصًا بريئًا.

وصحيح أن الكثير من الأمور قد تغير منذ ذلك الحين، ولكن بعد الانسحاب العسكري الأمريكي الكارثي العام الماضى من كابول، باتت حركة طالبان تحكم أفغانستان مرة أخرى، كما يتمتع تنظيم القاعدة بملاذ آمن هناك، تمامًا كما حدث فى 11 سبتمبر 2001.

وقد يرفض البعض النظر إلى النتيجة المأساوية فى أفغانستان باعتبارها مجرد مرحلة حزينة يمكن للولايات المتحدة أن تضعها بأمان فى كتب التاريخ فى الوقت الذى تركز فيه واشنطن على تحديات مهمة فى أماكن أخرى، ولكن الحقيقة تبدو بعيدة كل البعد عن ذلك، فلا تزال التهديدات قائمة فى أفغانستان كما هى، وسيؤدى الفشل فى معالجة أوهام واشنطن التى أدت إلى الانسحاب الكارثى من كابول إلى كوارث مستقبلية فى سياسة الولايات المتحدة تجاه خصومها الآخرين.

ومن أجل فهم مشكلة خداع الذات المستمرة فى واشنطن، فإنه يجب النظر فى تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن فى أغسطس 2021 حينما قال: «لقد ذهبنا إلى أفغانستان لغرض واضح هو التخلص من تنظيم القاعدة، وقد فعلنا ذلك»، في محاولة لتبرير قراره بسحب كل أفراد الخدمة العسكرية الأمريكية من كابول.

وكما حذر الكثيرون في وقت مبكر من العام الماضي، فإن مشكلة مثل هذه التصريحات تكمن فى أنها ليست دقيقة بشكل واضح، حيث منحت طالبان القاعدة ملاذًا آمنًا للتخطيط لهجمات 11 سبتمبر، وظل هناك ترابط بين الجماعتين منذ ذلك الحين، وهو التحذير الذي كرره فريق مراقبة تابع للأمم المتحدة فى تقييم أصدره في إبريل 2021 حيث قال إن «طالبان والقاعدة لا يزالان متحالفين بشكل وثيق ولا يوجد أى مؤشر على قطع العلاقات بينهما». ويدرك الجميع أن هناك مشكلة عندما يكون لدى كيان تابع للأمم المتحدة رؤية أوضح لأعداء الولايات المتحدة من البيت الأبيض.

وكمحاولة لتبرير نتائج سياستها فى أفغانستان، تشير إدارة بايدن إلى الضربة الأمريكية الناجحة بطائرة بدون طيار التى قتلت زعيم القاعدة أيمن الظواهرى في يوليو الماضى في كابول، ولكن سيكون من الحكمة أن يطرح الأمريكيون بعض الأسئلة المهمة مثل: لماذا انتقل الظواهرى إلى العاصمة الأفغانية بعد انسحاب القوات الأمريكية في حين أنه كان من الممكن أن يبقى حيث كان أو ينتقل إلى مكان آخر؟ ومن هم أعضاء القاعدة الآخرون الذين انتقلوا إلى أفغانستان بعد انسحاب الولايات المتحدة؟ وماذا كانوا يفعلون هناك؟.

فلا ينبغى للبيت الأبيض أن يكون أحمق للدرجة التى يعتقد فيها أن ضربة واحدة فى السنة ستكون كافية لحرمان القاعدة من المساحة التى يحتاجها لتخطيط وشن هجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها.

وقد كان تبرير بايدن للانسحاب من كابول مجرد أحدث مثال على عادة خداع الذات التي لطالما تبناها الحزبان الديمقراطى والجمهورى، وهو الخداع الذى أدى إلى هزيمة الذات، فقد شجع الإعلان عن الانسحاب من قبل ثلاث إدارات متتالية، الأعداء، وزرع الشكوك بين الحلفاء، وشجع سلوك التحوط، وأضعف مؤسسات الدولة.

ويبدو أن إدارة بايدن فشلت فى التعلم من الانسحاب الكامل من العراق فى 2011 وعودة ظهور القاعدة هناك، والذى سرعان ما تحول إلى تنظيم داعش، وبحلول صيف عام 2014، كان الأخير قد سيطر على أراضٍ فى العراق وسوريا المجاورة تقريبًا بحجم بريطانيا وأصبح واحدًا من أكثر المنظمات الإرهابية تدميرًا والأقوى فى التاريخ، إذ اتضح أن التهديدات لا تهدأ عندما يتجاهل المرء الحقائق على الأرض، ويقرر وقف القتال، ويعود إلى الوطن، ولكنها فى الواقع عادةً ما تزداد سوءًا.

وصحيح أن الولايات المتحدة وشركاءها فى المنطقة تمكنوا من حرمان تنظيم داعش مما يسمى الخلافة في العراق وسوريا لأن عددًا صغيرًا من القوات الأمريكية ظل هناك لدعم الآخرين الذين يتحملون وطأة القتال، ولكن بات هناك إمارة تابعة لطالبان والقاعدة الآن لأن الولايات المتحدة فشلت فى أن تفعل الشىء نفسه في أفغانستان.

وفي حال فشلت الولايات المتحدة في الضغط على الجماعات الإرهابية مثل القاعدة، فإنه يتعين عليها أن تتوقع المزيد من الهجمات على أراضيها، كما أنه إذا لم يطالب الأمريكيون بوضع حد لخداع واشنطن لنفسها فيما يتعلق بطبيعة وأهداف أعداء البلاد وما هو ضرورى لتأمين مصالحها الوطنية، فإنه يجب أن يتوقعوا المزيد من الهزائم الذاتية عند مواجهة أعداء آخرين، مثل بكين وموسكو وبيونج يانج وطهران.

وفي ذكرى أحداث الحادى عشر من سبتمبر، فإنه يجب على الأمريكيين أن يطالبوا بتصرفات أفضل من قادتهم ومسؤوليهم في واشنطن، وهو ما قد يبدأ بقول الحقيقة حول الخصوم الذين تواجههم الولايات المتحدة، حيث سيؤدي عدم القيام بذلك إلى المزيد من الكوارث في المستقبل.

* مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، الجنرال المتقاعد إتش آر ماكماستر

** المستشار السابق للجنتي القوات المسلحة والعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، برادلي بومان

“المصري اليوم”