“غيرنيكا” تجبر الأمم المتحدة على الاعتذار لـ”إسبانيا”

الخميس - 19 - سبتمبر - 2019

التجدد – بيروت

اعتذرت الأمم المتحدة ، (أمس) الثلاثاء، لإسبانيا عن نسبِها المسؤوليّة في القصف المدمر لبلدة “غيرنيكا” عام 1937، للقوات الجمهورية الإسبانية، مؤكدة أن نسب هذه الفظائع ، جاء “عن طريق خطأ مريع”، على حد تعبير المتحدث باسم الأمين العام، (ستيفان) دوغريك. وفي واقع الأمر، قامت طائرات النازيين الألمان ، والقوات الفاشية الإيطالية بقصف هذه المدينة الصغيرة في الباسك – شمال إسبانيا عام 1937، لدعم تمرد الجنرال (فرانكو) خلال الحرب الأهلية الإسبانية.

وقال  دوغريك : إنه قد “تم إبلاغ الأمم المتحدة مطلع الأسبوع أن موقع إدارة الهدايا التابع للمنظمة الأممية نسب الفظائع التاريخية في غيرنيكا، والتي جسدها بابلو بيكاسو في جداريّته الشهيرة، إلى جمهورية إسبانيا”، مضيفًا أنّ الخطأ كان في أنّ “الجمهوريّين كانوا الضحايا وليس المرتكبين”، مشيرًا إلى أن ذلك كان “خطأ مريعا”.

وأوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة ، إن الموقع الآن ، متوقف عن العمل ، بسبب الصيانة، بحيث يمكن إجراء التصحيح اللازم ، وإجراء “مراجعة لكامل محتويات الموقع الإلكتروني”.

غيرنيكا (بالإسبانية: Guernica) ، هي لوحة جدارية للفنان “بابلو بيكاسو”، استوحاها من قصف (غيرنيكا)في الباسك ، حين قامت طائرت حربية (ألمانية وإيطالية) مساندة لقوات القوميين الإسبان بقصف المدينة في 26 نيسان\ أبريل 1937 ،بغرض الترويع خلال الحرب الأهلية الإسبانية.

وكانت حكومة الجمهورية الإسبانية الثانية (1931-1939) ، قد كلفت (بابلو بيكاسو) بابداع لوحة جدارية لتعرض في الجناح الإسباني بالمعرض الدولي للتقنيات والفنون في الحياة المعاصرة “Exposition Internationale des Arts et Techniques dans la Vie Moderne” ، الذي أقيم في “باريس” عام 1937 ، حيث انتهى بيكاسو من اتمام اللوحة ، بعد عمل (35 يوم) تقريبا ، أواسط حزيران\يونيو 1937.

“غيرنيكا” تعرض مأساة الحرب والمعاناة ، التي تسببها للأفراد، وقد صارت معلما أثريا، لتصبح مذكرا دائما بمآسي الحروب، إضافة لاعتبارها رمزا مضادا للحرب ، وتجسيدا للسلام.

بعد الانتهاء منها ، طافت اللوحة في جولة عالمية موجزة ،العالم، لتصبح من اللوحات، الأكثر شهرة، كما أن جولتها تلك ساهمت في لفت أنظار العالم للحرب الأهلية الإسبانية.

اختار بيكاسو للوحته هذه ، أسلوب التصوير الزيتي ، حيث اعتمد الألوان التالية : (الأزرق الداكن، الأسود والأبيض) ، على رقعة \سطح اللوحة، مصنوعة من الخيش ، فيما جاءت أبعاد اللوحة وفق التالي : الطول يبلغ 3.5 أمتار ، والعرض يبلغ 7.8 أمتار (349×776) سم ، وتصنف هذه اللوحة ضمن “المدرسة التكعيبية”، والتي يعد “بيكاسو”، مؤسسها.

لوحة ” غيرنيكا” ، هي معروضة في متحف مركز الملكة صوفيا الوطني للفنون “Museo Nacional Centro de Arte Regina Sofia” في العاصمة الاسبانية – مدريد.

يذكر ان ، “غيرنيكا”، مدينة تقع في إقليم (بسكاي) شمال إسبانيا ، تعرضت في 26 نيسان\ أبريل 1937 لقصف جوي أثناء الحرب الأهلية الإسبانية ، قامت به طائرات من سلاح الجو الألماني (لواء الكوندور) النازي ، الذي كان مساندا لقوات القوميين الإسبان، بزعامة “فرانكو”، ووحدة (أفياتزيوني ليغوناريا )، التابعة للحكومة الإيطالية الفاشية ،ما أسفر عن سقوط 1664 من القتلى، وعددا من الجرحى يصل إلى 900 شخص، وقد ترك السكان بيوتهم ، وهي تحترق من ألسنة اللهب، حيث تم تدمير ميدان السوق بالكامل.

تقول بعض الدراست حول هذه اللوحة ، ان بيكاسو ، رسم حوالي (45) اسكتشًا ودراسة كتمهيد ، قبل أن يبدأ لوحته الرئيسية، ولكي يمنح إحساسا تاريخيا، استخدم فقط ظلال اللون الأسود والأبيض ، ليعطيها طابع الصورة الفوتوغرافية، وقد استخدم حلبة الثيران باعتبارها (رمزًا) لتقديم القصة المفتوحة، فالثور يمثل الشر، والحصان يقف بين أشلاء الأجساد ، بوصفه رمزًا لشجاعة أهل غيرنيكا، والنتيجة الدرامية ، هي خارج الوقت والحقيقة، مواكبة لرعب الحرب في أية مرحلة زمنية.

صنف النازيين ،بيكاسو ، بأنه «بلشفي متدن»، مما يعني من وجهة نظرهم ، أنه كان ثوريا عديم الخلق، وكان واضحًا ، أنه كره النازية من لوحته غيرنيكا.

وذات يوم ، لما كان الجستابو «البوليس السري النازي» ، قد أتوا ليفتشوا الأستوديو الخاص بـ(بيكاسو) ، رأى أحد الضباط ، صورة فوتوغرافية للغيرنيكا ، ليسأل بيكاسو: هل فعلت ذلك؟ فقال للضابط: لا أنت فعلت ذلك.

الرموز المستخدمة في اللوحة :

1. “الحصان” يرمز الى الشعب الاسباني.
2. “الثور” يرمز الى العنف.
3. “اربع نساء” مقطعة اجسادهن ترمز الى الضحايا.
4. “جندي على الارض” يرمز الى الهزيمة.
5. “نور من الاعلى” يرمز الى بصيص الامل.
6. “مصباح” يشير الى حمامة السلام المرعوبة من الاحداث.

يشار الى ان ، “التكعيبية” ، هي اتجاه فني ، ظهر في فرنسا ، بدايات القرن العشرين ، الذي يتخذ من الأشكال الهندسية، أساسا لبناء العمل الفني ، إذ قامت هذه المدرسة على الأعتقاد بنظرية التبلور التعدينية ، التي تعدّ الهندسة ، أصولا للأجسام. انتشرت هذه المدرسة بين 1907 و 1914، وولدت في فرنسا على يد “بابلو بيكاسو”، “جورج براك” و”خوان جريس”.