aren

غورباتشوف : خداع الفكرة … وسلطة الواقع \\ بقلم : د. فؤاد شربجي
الخميس - 8 - سبتمبر - 2022

جثمان غورباتشوف

هل من الشطط ، الاستنتاج بان “غورباتشوف” تأثر بأفكار الرئيس “جون كينيدي ؟ حيث انه – غورباشتوف- اعتبر ان ( السياسة ، يجب ان تتسم بالانسانية ، والا نكتفي بالتركيز على المصالح القومية).

تقريبا نفس ماقاله كيندي ، عندما أعلن انه سيتفاوض مع السوفييت ، ليتعاون معهم ، داعيا الادارة الامريكية الى الانتباه لكوننا نعيش معا – مع السوفييت- على هذا الكون الصغير ، وضمن دعوة كيندي الانسانية ، كان قراره الانسحاب من حرب فيتنام ، والاتفاق مع السوفييت على الحد من السلاح النووي ، وغزو افضاء .

المفارقة هنا ، ان مصير (غورباتشوف) كان كمصير(كيندي) : الابعاد، كينيدي أبعد بالاغتيال ، وغورباتشوف بالاهمال .

فهل كانت فكرة أنسنة السياسة لدى الرجلين مفارقة للواقع؟ وهل تجاهل كل منهما وهو يتبنى فكرة الانسانية بالسياسة ، الواقع ومكره ؟ الواقع هنا ، (هو النظام أمريكي كان أم سوفيتي).

انصبت فكرة غورباتشوف على ضرورة توفير الحرية للشعب ، وعلى الشفافية في انتقاد الفساد ، وعلى ضرورة التغيير ، وكلها أفكار لابد أن منشأها التأثر بالتجربة الغربية ، الناتجة عن عصر الانوار المقدسة للحرية والتغيير .

ويبدو ان خريج المعهد الزراعي المتوسط (غروباتشوف) ، لم ينتبه الى الفرق بين (لمعان فكرة انسانية ما) ، وبين ماتحدثه عند اصطدامها بالواقع محاولة تغييره وفقها.

ورغم تعمقه بالفلسفة اللينينية ، المستمدة من الماركسية ، التي تعتمد الواقع في استنباط أفكار التغيير ، الا ان لمعان فكرة الحرية والتغيير، جعل غورباتشوف ينسى قوة الواقع السوفيتي كنظام مركزي ، يعمل وفق ايديولوجيا تحولت الى دين ، يحتل الفعل ويستعبده ، ويحرك الفعل ويوجهه ، وهذا ما جعل محاولة غورباتشوف تطبيق أفكاره اللماعة ، يصطدم بقوة النظام الداكنة ، والمتمسكة بعقيدة السيطرة على الشعب ، لتحقيق الحلم الشيوعي.

أسقط غورباتشوف وأبعد الى الاهمال حتى مات قبل أيام ، ولزيادة لوعته ، دفن في مقبرة العظماء رغن انه عومل من نظامه ، معاملة الاغبياء.

جثمان كينيدي

في السياسة ، لا يكفي لمعان الفكرة، لابد ان تكون واقعية كي تكون دافعة للتغيير، ورافعة للارتقاء.

وكما اغتال النظام السوفيتي ، أو بقاياه ، غورباتشوف ، فان الدولة العميقة الامريكية ، الممثلة بالصناعة الحربية ، وجنرالات الجيش ، والرأسمالية البشعة ، والمخابرات الماكرة ، هذه الدولة العميقة اغتالت كنيدي ، بسبب طرح فكرته الانسانية في قرارته ، وبسبب عدم أخذه لقوة الواقع (النظام) في الحسبان . اغتالوه ، واستمروا في حرب فيتنام ، وفي محاربة الاتحاد السوفيتي ، وفي تكديس أرباح السلاح والحروب.

(غورباتشوف) نقل عن (كيندي) ، الفكرة ، لكنه لم يتعلم من تجربة كيندي ، درس احترام الواقع ، فاسقط بالابعاد ، وانتصر النظام .