aren

عن خُطوة موسكو..المُقبِلة؟\\ كتابة : د.محمد خروب
الأربعاء - 4 - مارس - 2020

قبل إصدار موسكو إعلانها المُثقل بالدلالات.. «لم يعد بإمكاننا ضمان أمن الطيران التركي في سوريا بعد إغلاق المجال الجوي فوق إدلب»…كان ثمّة سؤال فرض نفسه في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة, خصوصاً قبل استعادة الجيش السوري مدينة سراقب بمشاركة الطائرات الروسية, فيما لم تتوقّف مدفعية جيش الاحتلال التركي عن قصف القوات السورية ومساعدة الإرهابيين لِلتمسّك بها.

السؤال هو عن «سِر» الصمت «الميداني» الروسي، وبخاصة خلال نوبة الهستيريا التي أصابت الرئيس التركي وأركان جيشه، بعد سقوط العشرات من جنوده وإطلاقه تصريحات تفيض غطرسة واستعلاء, ثم منحه الضوء الأخضر لكتائب جيشه وطائراته المُسيّرة من طراز «بيراق» التي يُصنِّعها صهره بيرات البيرق, صاحب العلاقة الوثيقة بتنظيم داعش، كشفتها وثائق مُسرّبة نشرها موقع «ويكيليكس”, تتعلق بتهريب الاخير «نفط داعش» الى تركيا، عبر وسطاء شركة «باور ترانس»، وباقي القصة مُوثّق.

ناهيك استباحته الأجواء السورية واستهداف المطارات والمنشآت العسكرية, في موجة جنون عكست ضمن أمور أخرى, مدى ضيق هوامشه وعزلته, وشعوره المتزايد باقتراب خسارته أوراق الإبتزاز, التي ظن بمقدوره استخدامها ضد موسكو كما دمشق, وخصوصاً الاتحاد الاوروبي وواشنطن بعد تيقّنه انهم تركوه لمصيره ولعبته في طريقها الى الانتهاء.

نوبة الهيجان والهستيريا التي ترجمها جيش الإحتلال التركي, فضلاً عن الإرهابيين الذين «ادّخرَهم» لتنفيذ مخططه واطماعه إزاء إدلب, خصوصاً تهرّبه من تنفيذ اتفاق سوتشي وعودته الان لطلب إحيائه, بعد زجّه آلاف جنوده, وبعد تحرير الجيش السوري مساحات واسعة من المحافظة, ثم محاصرته نقاط المراقبة التركية, تزامنت على نحو مُقلِق مع صمت روسي تبع الهستيريا التركية وبخاصة بعد طلب أردوغان الاستفزازي من موسكو «التنحّي» جانباً وتركِه يواجه «النظام السوري», حيث أبدت موسكو بروداً تُراقب عبره ما يجري, وتمنح أردوغان الوقت للتورّط وال?نزلاق, أكثر مما تسمح به المعادلات الميدانية وموازين القوى الجديدة التي كرّسها تحرير الجيش السوري أزيد من نصف مساحة محافظة إدلب, وريف حلب الجنوبي الغربي واقترابه من الحدود التركية.

رد موسكو على طلب اردوغان الاستفزازي وضع حدّاً لاستذكاء الرئيس التركي, وبخاصة تذكيره انه بـ«استثناء القوات الروسية, فان وجود كل القوات الاجنبية غير شرعي وفق القانون الدولي»، ونحسب انه هذه الحقائق ستُطرَح على جدول اعمال قمة موسكو المُنتظرّة بعد غدٍ الخميس, اذا لم يتم الغاؤها في اللحظة الاخيرة نتيجة تطورات ميدانية مفاجِئة تجعل وصول اردوغان بلا اهمية او جدوى, وبخاصة اذا ما نجح الجيش السوري وحلفاؤه (لا تنسوا مضامين البيان الغاضِب والمُتوعِّد الذي أصدرته المستشارية العسكرية الايرانية بعد سقوط عشرات المتطوعين من ?واءَي فاطميون وزينبيون)..

يُخطئ كثيراً من ظنّوا أن صمت موسكو كان تفاهما ضمنيا مع انقرة, بل بدا مُبرمجاً لاكتشاف المدى الذي سيذهب اليه اردوغان, ولمنعه لاحقا من تكريس وقائع ميدانية على الارض وفق الطريقة الإسرائيلية, التي لا تمشي ولا جدوى منها مع الدب الروسي.

الأيام القليلة المُقبِلة..سَترّوي.

“الرأي”الأردنية