aren

عن المؤامرة وأصنافها …..”الأردن”- نموذجا \\ بقلم : د. فؤاد شربجي
الإثنين - 14 - يونيو - 2021

فتحت المؤامرة ضد الملك الاردني ، النقاش حول التوجه الامريكي \ الترامبي الى أنواع من التآمر تناسب كل بلد ، حسب موقعه في التحالف مع واشنطن ، وحسب قوته ، وتأثيره .ويمكن للباحث أن يسأل : هل كل ماجرى في الاردن ، كان استكمالا وامتدادا لاسلوبية “الربيع العربي”؟ أم أنه شكل آخر من التعاطي لاخضاع الملك للطروحات الامريكية ؟

هذه الاسئلة، تطرح نفسها عند مراجعة التحقيق ، الذي أجراه الصحفي الامريكي (ديفيد اغناتيوس) في الاردن ، معتمدا على تقرير استقصائي ، وعلى معلومات مخابراتية حول ماحدث ، مما سماه :(دسيسة القصر)، والذي وصفه بـ”المؤامرة المخبأة على مرأى الجميع” ، فما الجديد في المؤامرة على الأردن ؟

بدأت القصة ، عندما أعلن الاردن على لسان وزير خارجيته ، أن قوى الامن أجهضت مؤامرة تستهدف أمن واستقرار المنطقة ، واتهم جهات خارجية بدعمها والتخطيط لها ، وتم اعتقال رئيس الديوان الملكي السابق والمقرب من الملك ، (باسم ) عوض الله ، وأحد أعيان القبائل ، الشريف (بن زيد) ، وروج أن الامير (حمزة) بن الحسين ، وهو الأخ (غير الشقيق) للملك ، قيد الاقامة الجبرية.

ولان عوض الله ، يعمل مستشارا مساعدا لولي العهد السعودي (محمد بن سلمان) ، توجهت الأنظار ، هذه الوجهة ، فيما قيل : انه (جهات خارجية) ، واتضح أن المتآمرين ، حاولوا اقناع (حمزة) بازاحة أخيه عن العرش ، ليأتي مكانه، كما عملوا على اقناع القبائل بذلك أيضا. الأمر الذي وصل للمخابرات الاردنية ، فتابعته ورصدته ، وأحبطته ، وربما كان هناك دور لأجهزة خارجية في احباط تلك المؤامرة.

الواضح من التقرر الاسقتصائي ، والمعلومات المخابراتية ، أن المتآمرين لعبوا على وتر مطامع الامير (حمزة) بالعرش ، ولكن لم يكن هدفهم ايصاله اليه ، بل كان الهدف زعزعة استقرار الملك واضعافه ، والواضح أيضا أن المؤامرة لم تعتمد تحريك الجماهير، كما حدث بـ(الربيع العربي) ، بل اعتمدت تحريك مطامع أمير ، وتنشيط تفاعله مع القبائل ، والتحريض ضد السلطة القائمة.  أي اعتمد التحريك من فوق (بدلا) من التحريض من تحت ، والهدف – كما قلنا- اضعاف الاردن والملك كي يستجيب للصفقات في المنطقة ، خاصة “صفقة القرن”.

يقول التقرير الاستقصائي ، ان الملك عبدالله ، كونه الوصي على المقدسات الدينية في فلسطين ، وخاصة في (القدس) ، عارض “صفقة القرن”، ووقف ضدها، الامر الذي أزعج ادارة ترمب ونتنياهو وحلفاؤهما العرب ، الذين أرادوا استثمار الصفقة ، لتقوية حكمهم – (الاتهام لولي العهد السعودي)- فقام هؤلاء بمحاولة زعزعة استقرارالاردن ، ومحاصرته اقتصاديا وماليا ، ليخضع للصفقة.

تحقيق اغناتيوس في الـ(واشنطن بوست) أشار الى تآمر امريكي اسرائيلي – عربي ، وأوضح شكل المؤامرة وأهدافها ومسائلها ، معتمدا على المعلومات والحقائق ، وهذه رسالة تفضح دناءة التآمر السياسي ، وتكشف ان المؤامرات ليست واحدة ، بل هي أنواع وأشكال ، وكذلك أصناف. المهم ، ان يتم كشفه واحباطها قبل ان تنجح في تحقيق أهدافها ، سواء أكانت زعزعة استقرار ، أم اسقاط حكم وتدمير بلد وشعب.

المؤامرات ، يحتاج افشالها الى يقظة وبصيرة ، ولا يفيد الزاعقون ضدها – ان هي نجحت –