
(خاص )
التجدد الاخباري- مكتب اسطنبول
وقع -قبل قليل- تفجير في مركز مدينة “عفرين” السورية، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى. وأفادت مصادر لوكالة “سانا” السورية بانفجار سيارة مفخخة في مدينة عفرين بـ(ريف حلب) الشمالي الغربي ، التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية المدعومة من قوات الاحتلال التركي. ونشر ناشطون على مواقع التواصل ، اللحظات الاولى للتفجير في مقاطع تظهر حجم الدمار الذي احدثه الانفجار.

وكانت مفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ، وجهت في تقرير لها نشر منتصف ايلول-سبتمبر الفائت ، اتهامات (غير) مباشرة للاحتلال التركي في سوريا، ومما جاء في تقرير المفوضية :” إن الفصائل المسلحة في منطقة “شمال سوريا التي تسيطر عليها تركيا يحتمل أنها ارتكبت جرائم حرب وانتهاكات أخرى للقانون الدولي، وأضافت إن هذه الفصائل استولت على منازل وأراض وممتلكات ونهبتها دون أي ضرورة عسكرية ظاهرة.
وقالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (ميشيل) باشلييت ، إن الوضع في تلك المناطق من سوريا قاتم، مع تفشي العنف والإجرام، وقال مكتب باشلييت إن من بين الضحايا، أشخاص يُنظر إليهم على أنهم متحالفون مع أحزاب معارضة ، أو ينتقدون تصرفات الفصائل المسلحة (الموالية لتركيا).
وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في بيان : إنه لاحظ “في الأشهر الأخيرة نمطًا مقلقًا من الانتهاكات الجسيمة”، إذ وثق تزايد عمليات القتل والخطف ونقل الناس بصورة مخالفة للقانون ومصادرة الأراضي والممتلكات والإخلاء القسري.

أنين عفرين
وكانت تركيا ، سيطرت على منطقة “عفرين” السورية في آذار- مارس 2018، بعد عدة أشهر من الاشتباكات العنيفة مع (قوات سوريا الديمقراطية-قسد) ذات الأغلبية الكردية ، المدعومة من الولايات المتحدة، وتم تسليم المنطقة لما يسمى بـ”الجيش الوطني السوري”، وهو مجموعة من الفصائل الإسلامية المتشددة ، الخاضعة للسيطرة التركية. ومنذ ذلك الحين، فإن عمليات الخطف والفدية والنهب ، باتت تعتبر من الأمور الشائعة في (عفرين)، فيما اعتقل الكثيرون بسبب “التواصل مع الوحدات الكردية”.
ويرتبط ذكر “عفرين” ، باسم شجرة الزيتون في سوريا ، التي تتبادر إلى الأذهان على الفور ، حتى بات اسمها ، مقترناً بهذه الشجرة المباركة، إذ تعد مصدر الدخل الأول لسكانها؛ حيث تمتد مزارع الزيتون على مساحات شاسعة في هذه المنطقة ، التي تتبع إدارياً لمحافظة حلب، (شمالي سوريا)، وظلت “عفرين”، أهمّ مصدر للزيتون وزيته الفاخر على مستوى سوريا ، حتى اندلاع الأزمة عام 2011.
كانت أشجار الزيتون ، تمتد على مدّ النظر في سهول وجبال منطقة “عفرين” الخصبة، وتشكل بساطاً أخضر في غاية الجمال، وترسم لوحة فنية طبيعية باهرة، وقبل اندلاع الأزمة السورية ، كان نحو 70% من أهالي المنطقة ، ذات الأغلبية الكُردية ، يعتمدون عليها ، لتأمين مستلزمات حياتهم ، إذ كانت أعداد أشجار الزيتون في مركز المدينة، والنواحي، والبلدات التابعة لها؛ تقدر بنحو (20) مليون شجرة؛ فضلا عن أشجار الرمان، والعنب، والتين، التي تشتهر بها المنطقة ذاتها.
احتلال عفرين
وظلَّت هذه الأشجار بمنأى عن هدير المدافع وأزيز الرصاص طيلة السنوات (الثمانية الأولى) من الحرب التي تعصف بسوريا، ولم يسلم منها بشر، ولا حجر؛ إلا أن كلّ شيء تغير بعد احتلال المنطقة من قبل القوات التركية؛ مدعومة بالفصائل المسلحة الموالية لها ، فإلى جانب الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها سكان المنطقة؛ تعرضت عشرات آلاف أشجار الزيتون للحرق، والإتلاف، والاقتلاع، على يد مسلحي الفصائل المذكورة، وأمام أعين جنود القوات التركية.
وسبق أن أقدمت القوات التركية (نفسها) على قطع واقتلاع أعداد كبيرة من أشجار الزيتون في المنطقة ، بحجة إقامة نقاط عسكرية، أو فتح الطرقات، أما المسلحون؛ فكانوا يقطعونها بهدف حرقها، وبيع فحمها، وقد أدت هذه الانتهاكات إلى تقلص مساحات مزارع الزيتون، وكذلك الغابات الحراجية بدرجة خطيرة.
أما بالنسبة لما تبقى من أشجار الزيتون، وكذلك المعاصر التي كانت ينتج منها زيت الزيتون، فبدأ مسلحو تلك الفصائل بفرض إتاوات ضخمة على ملاكها؛ فضلا عن شراء محاصيل الزيتون من المزارعين بأسعار مخفضة بالتنسيق مع الجانب التركي، ثم بيعها في أسواق تركيا، ومنها إلى الخارج بأسعار مضاعفة.

فرض الإتاوات والضرائب
قبل احتلال القوات التركية منطقة “عفرين” بدعم من الفصائل السورية المسلحة الموالية لها ، كان سعر صفيحة زيت الزيتون «16 لتراً» يتراوح بين 25 و28 ألف ليرة سورية؛ في حين فرضت القوات التركية والفصائل الموالية لها سعراً ، يقدر بـ11 ألفاً بعد الاحتلال؛ في الوقت الذي كانت الصفيحة ذاتها ، تباع بنحو 3 أضعاف هذا المبلغ في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.
وتنتشر الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا في مركز ونواحي وبلدات (عفرين)، ويفرض كل فصيل قوانينه على سكان المنطقة ، التي يسيطر عليها ، كما يحلو له، وبتنسيق كامل مع القوات التركية ، التي تكتفي بالتفرج على الانتهاكات الحاصلة؛ حيث يسلب المسلحون 50% من محاصيل الأهالي ، الذين هربوا من بطشهم، و25% من الذين ما زالوا في مناطقهم؛ فضلاً عن فرض إتاوة تبلغ 15% على أصحاب معاصر الزيتون، وفي بعض المناطق يضع المسلحون أيديهم على المحاصيل بالكامل.
شهادات وتقارير دولية
ونشر موقع الـ”مونيتور” الامريكي ، تقريرا، نهاية عام 2018 ، ذكر فيه أن «سرقة زيت الزيتون من عفرين ألحق بها خسائر بمئات ملايين الدولارات»، وهو ما ذهبت إليه إذاعة صوت ألمانيا في تقرير لها باللغة التركية؛ إذ قالت في التقرير المنشور بتاريخ 23 مارس/ آذار 2019؛ إن «13 طناً على الأقل من زيت عفرين نُقل بطرق غير شرعية إلى تركيا في غضون 4 أشهر فقط»؛ أما موقع (أوضة تي في – غرفة تي في / وهي بوابة إخبارية على الإنترنت مقرها في تركيا، تعد واحدة من أكثر بوابات الأخبار متابعة في تركيا ووفقًا للإحصاءات)، فنقل بتاريخ 7 فبراير/ شباط 2019 عن سياسيين إيطاليين وإسبان ، قولهم إن «تركيا تأخذ الزيت من تلك المنطقة بطرق غير مشروعة، وتبيعه للدول الأوروبية على أنه منتج تركي».
وإلى جانب بيعه في الأسواق المحلية؛ تُصدِّر تركيا زيت عفرين إلى عدد من الدول الأوروبية على أنه منتج تركي، وفي هذا السياق سبق للبرلماني السويسري عن الحزب الديمقراطي المحافظ (برنهارد جول)، أن صرح لقناة «فوكس نيوز» الأمريكية ، مطلع العام الماضي؛ بأن «تركيا والفصائل المسلحة الموالية لها تنهب مزارع الزيتون التي تحتلها في عفرين، وتبيع المحاصيل لدول أوروبية مثل إسبانيا».

زيت عفرين يصل أمريكا
سرقة زيتون “عفرين” ، وزيتها السوري، لم تعد سراً بعد أن أنكرتها تركيا ، مراراً؛ حيث نقل رئيس غرفة تجارة وصناعة مدينة أنطاكيا؛ حكمت (جينجين)؛ خلال اجتماع لحزب الشعب الجمهوري التركي المعارض؛ عن تقرير لوكالة «أنكا» التركية ، نُشر مؤخراً؛ جاء فيه إن «السلطات التركية تسعى لبيع 90 طناً من زيت الزيتون جُلبت من عفرين قبل مدة قصيرة؛ في الأسواق الأمريكية».
وفي شهر أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي؛ فتح ثلاثة برلمانيين عن أحزاب معارضة ملفَّ زيتون عفرين داخل البرلمان التركي، وهم البرلمانية عن حزب الشعوب الديمقراطية في مدينة أضنة “تولاي هاتموجولار”، والبرلمانية عن حزب الشعب الجمهوري في مدينة هاتاي “سوزان شاهين”، والبرلماني عن حزب الحركة القومية في هاتاي لطفو كاشكجي””.
وتؤكد (تقارير) صادرة عن عشرات المنظمات المحلية والدولية ، أنه منذ احتلال القوات التركية، بدعم من الفصائل السورية المسلحة الموالية لها، منطقة عفرين يوم الأحد 18/3/2018؛ بدأ مسلحو تلك الفصائل بعمليات نهب، وسلب، وسرقة ممنهجة ، طالت كل شيء، فضلاً عن الاعتقالات التعسفية، وعمليات تعذيب وخطف المواطنين للمطالبة بفديات مقابل إطلاق سراحهم؛ إلى جانب اقتحام البيوت وانتهاك حرماتها؛ كل ذلك أمام أنظار القوات التركية التي لا تحرك ساكناً.