
كيف نفهم ما يحدث ؟ عرضٌ للمُعقد للغاية
رغم أنني ، أتجنّب الحديث بالسياسة منذ زمن، لكنني أجد أن من المناسب القول ،اليوم، التالي لمن يود أن يفهم السياسة كما يُمارسها [خاصة الخاصّة]:
لا أحد يُحاصرك حتى تموت، هو يحاصرك حتى تستسلم إذا لم تكن لديك مفاعيل القوة أو الرد ، أو الايلام في مكان ما. وإذا كانت لديك تلك المفاعيل (أي عناصر القوة) ، فهو يحاصرك كي يدفعك نحو التفاوض.
وكذلك في الحالة السابقة، يحاصرك (حتى يُقدم لك عرضاً)؛ وفق قاعدة : حاصر عدوك أو خصمك واترك له منفذاً وحيداً يمرّ منه عبرك، لأنه إن حاصرك حتى الموت فإنه يرتكب حماقة أن يجعلك تمارس فعلاً شمشونيّاً [بهدم المعبد عليك وعليه].
ماذا إذا قدّم لك عرضاً سيئاً ؟
1. إما أنه سيقدم ذلك لتفاوضه وترفع مستوى العرض
2. أو إذا كان عرضاً مُهيْناً وتركك في حصار قاتل، فإنه يكون قد ارتكب حماقة أن يجعلك تهرب إلى الأمام نحو عمل عسكري بهدف تعديل ميزان القوى. تماماً كما كان حال ألمانيا بعد صلح فيرساي؛ الصلح الذي أهان الأمّة الألمانية فخلق ظاهرة هتلر التي نشرت الحروب بكل أرجاء العالم.
إن درس الصلح المُهين أو العروض الإذلاليّة يعني دفع الأطراف المُحاصرة، والتي لاتزال تملك ولو بعض مفاعيل القوة، نحو الحرب. والخيار الأخير هو الأسوأ للجميع!، لكنه أفضل بالتأكيد من قبول الموت البطيء أو الاستسلام طالما أن خيار الهروب إلى الأمام ممكنٌ.
في الصراعات المُتشابكة ، التي تكون فيها دول دوليّة وإقليمية كبرى يكون اللجوء إلى المساومة والتسوية هو الخيار العقلاني الأمثل، عندما تصل الأطراف القادرة على خيار شمشون أو الهروب إلى الأمام، إلى حافّة الهاوية. فلا أحد ينزل في الهاوية أو يدفع الآخرين إلى الخيار الوحيد (الانفجار).
لايوجد حصار عسكري أو سياسي أو اقتصادي يستمر إلى الأبد، والحصارات الاستنزافيّة تدفع الأطراف التي لا يُقدم لها عرض أو عرض مُناسب إلى [رد الفعل]، الذي هو بمثابة الفعل.
المنطقة تتهيأ إلى حل (ما) يهيؤها إلى أن تكون منطقة اقتصادية (غاز وخطوط نقل)، ولا يمكن أن تبقى في هذا الحال الاستنزافي [القاتل] بدون حل، عبر عرض، أو تعديل للستاتيكو الاستنزافي وخاصة الاقتصادي منه، لأن الجائع لا شيء يخسره، عندما ينفجر.
المهم أيّ سويّة من العقلانية سنشهد قريباً:
العروض المتوازنة، أم وهم الاستمرار بالاستنزاف دون إدراك حافة الخيار الشمشوني، أم الحرب لتعديل ميزان القوى وقواعد اللعبة؟ أم حلّ إقليمي شامل؟ أم حلول بالمجزأ [حسب كل منطقة]؟
الوجه الأخطر للاحتمالات:
كل هذا رهن بما لا نملك لتقديم السيناريو المُرجح مما سبق حتى الآن، وبانتظار 3 نوفمبر حتى تتضح صورة المشهد الأمريكي ، وما بعده.
وهنا السؤال عن من القادم؟ والأهم إذا خسر ترامب هل ستندلع الزلازل في الولايات المتحدة وهل ستترك المناطق المشتعلة لاستزافها في غياب أمريكا أم ستكون هنالك فرصة نادرة للخروج من المأزق التاريخي الذي وقعت فيه؟
ولكن الخطير، إذا تداعت الولايات المتحدة، من يملأ فراغها؟ وهل يملأ بالوقت المناسب؟ أم سيمر العالم كله بفترة فراغ قاتل؟ ثم ماذا إذا انهارت عملتها والعالم بأسره يعتمد على الدولار؟ وأي إفقار للعالم كله؟ وتداعٍ للاقتصاد العالمي!!!
أسئلة تؤلم الرأس ، وليس لنا أن نجيب عليها بطريقة المبسِّطين ، التي لاترى إلاّ مافي رأسها وتمارس التحليل الرغبوي والمريح ، الذي لايرى كل ما قلناه سابقاً.
وحده من لايعرف بالعمق …. يرتاح ويبسّط ، و…يتوهّم.
لهذا أصمت …طويلاً ، محترماً عقلي ، وعقل غيري.
هذه المقالة تعبر عن رأي صاحبها