التجدد الاخباري
مع استمرار الجيش التركي في إرسال تعزيزات إضافية إلى الحدود (السورية التركية) ، وتحليق طيرانه في الأجواء، وجّهت “دمشق”، تحذيراً شديد اللهجة إلى أنقرة، مؤكدة أن سورية اليوم لم تعد كالأمس ، وجميع الممارسات المتخذة على أرضيها ، ستنعكس على أعدائها.
ووسط مخاوف من تصعيد ميداني (غير مسبوق)، اكد نائب وزير الخارجية السوري ، فيصل المقداد ، أن “تركيا تقوم بانتهاك مسار أستانة واتفاقات سوتشي وكل ما توافقت عليه الدول لإنهاء الأزمة”، معتبراً “توغل قواتها بإدلب عدم التزام باتفاق أضنة، الذي لا يسمح لها بالعبور بهذه الطريقة”.
وفي تحذير مباشر لتركيا، شدد المقداد، خلال مشاركته بالعيد الوطني لـ(سريلانكا)، على أن “سورية اليوم ليست كالأمس وجيشها سيستمر في زحفه لتحرير تراب الوطن من الإرهاب والاحتلال الأجنبي”، مؤكداً “ممارسات تركيا وتنسيقها مع المجموعات المرتزقة ستنعكس سلبياً عليها”.

د.فيصل المقداد
وأكد المقداد أن “القانون الدولي لا يتيح لأي دولة الاعتداء على أخرى، ولا احتلالها والقيام بممارسات استعمارية استيطانية بما فيها نقل الأهالي، ورفع العلم وفتح مدارس تركية، في تناقض أيضاً مع الأهداف المعلنة للنظام التركي”.
وعلى الأرض، أرسل الجيش التركي، أمس، كبائن حراسة متنقلة ، مقاومة للرصاص إلى نقاط المراقبة الاحتلالية ، التابعة له داخل محافظة “إدلب”، التي شهدت تبادلاً لإطلاق النار بين الطرفين ، أوقع عشرات القتلى. ووفق مصادر ميدانية ، فقد انطلقت 10 شاحنات تركية ، محملة بالكبائن من قضاء (ريحانلي) ، ودخلت إلى الأراضي السورية ، ومنها إلى نقاط المراقبة في “إدلب”.
معركة سراقب
ومن الشمال والغرب والشرق والجنوب، بات الجيش التركي ، يتوزع في مدينة “سراقب”، ملتقى الطرق المؤدية لأبرز مدن سورية من حماة وحمص ، وصولاً إلى الحدود الأردن ، ومن (حلب وإدلب إلى اللاذقية)، موجها رسائله لـ(موسكو ودمشق)، التي تسعى لانهاء الحالة الارهابية فيها ، واعادتها الى ترابها الوطني ، كحال غيرها من المدن والمناطق التي احتلتها تركيا ، وجعلت منها خزان وقود للحرب على الدولة السورية .
وبات الجيش السوري على بعد 8 كلم (جنوب) شرق مدينة إدلب، مستفيداً من تقدمه (غرب ) سراقب، التي شهدت التصعيد غير مسبوق بينه وبين القوات التركية، ليقترب من السيطرة على نحو نصف مساحة المحافظة.
ومع اقتراب النزاع من إتمام عامه التاسع، باتت دمشق ، تسيطر على أكثر من 70 في المئة من مساحة سورية، كما تنتشر قواتها في مناطق سيطرة الأكراد في الشمال والشرق.
وفي محاولة لاحتواء غضبها من استفزازاته، التي تخطت سورية ، وشملت ترديد تحية القوميين المناهضين لها في “أوكرانيا”، وتجديد رفضه لضمها شبه جزيرة القرم، أكد إردوغان أنه لا حاجة للدخول في “خلاف خطير” مع روسيا حالياً والتحدث إليها “بدون غضب” ، وأنه ربما يتصل بنظيره فلاديمير بوتين (اليوم)، مشدداً على أنه لن يسمح لسورية باكتساب أراضٍ في إدلب.
وحمّل وزير خارجيته ، مولود جاويش أوغلو، “روسيا المسؤولية الأهم في تسريع عملية الحل السياسي”، متعهداً باستمرار الرد على استهداف نقاط المراقبة في إدلب ، وعدم التسامح مع دمشق.
اوغلو- لافروف
وفي تخفيف لإعلان إردوغان عن “موت مسار أستانة”، أكد جاويش أوغلو ، ونظيره الروسي سيرغي لافروف ، ضرورة الالتزام الكامل بالاتفاقيات الثنائية ، لضمان استقرار الوضع في إدلب ، وخاصة “سوتشي” الموقع بين إردوغان والرئيس فلاديمير بوتين في 17 سبتمبر 2018.
وأكد الجانبان ، أهمية الإسراع في فصل المعارضة المسلحة عن العناصر الإرهابية ، والوقف الفوري لكل الاستفزازات، وشدد على عدم وجود بديل عن التسوية السياسية ، والدبلوماسية للنزاع.
وتشهد محافظة ادلب وجوارها، واحدة من أكبر موجات النزوح ، منذ بدء الحرب في سورية ، حيث هرب أكثر من نصف مليون شخص ، جراء التصعيد العسكري لتخليص المدينة من سيطرة المجموعات المسلحة المسيطرة عليها ، وقد اتخذت من (أهلها) ، والمقيمين فيها ، “رهائن” بوجه الجيش السوري.
وقال المتحدث باسم الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة ، ديفيد سوانسون: “منذ أول ديسمبر نزح نحو 520 ألف شخص من منازلهم، 80 في المئة منهم من النساء والأطفال”، موضحاً أن “أعمال العنف شبه اليومية لفترات طويلة أدت إلى معاناة مئات الآلاف بالمنطقة، بشكل لا مبرر له”.
وتوجّه النازحون- وفق الأمم المتحدة- إلى مناطق لا يشملها القصف، خصوصاً المدن ، أو مخيمات النازحين قرب الحدود في شمال (غرب إدلب)، بينما انتقل عشرات الآلاف إلى مناطق (عفرين وأعزاز) في شمال محافظة حلب المجاورة، والتي تسيطر عليها الفصائل الموالية لـ”أنقرة”.
توسع أمريكي
في السياق، أكدت “مصادر رسمية سورية” ، وأخرى عشائرية لوكالة “سبوتنيك” الروسة ، استيلاء الجيش الأمريكي بمساندة القوات ذات الأغلبية الكردية “قسد” على أراض سورية جديدة ، بهدف توسيع مساحة سيطرتها واحتلالها في محيط المنشآت النفطية في (ريف الحسكة)، وإقامة نقاط وقواعد عسكرية على غرار تل بيدر “القصرك” ، أو حقول الجبسة في مدينة الشدادي ، أو المطار الزراعي القديم بريف المالكية.
ونفت المصادر ، قيام أي سوري ببيع أو إيجار أراض من الأملاك الخاصة لمصلحة القوات الأمريكية، موضحة أنها تعمل على زيادة وتوسيع نفوذها في “القصرك” ، وأدخلت إليها 75 شاحنة ، تحمل أسلحة ثقيلة ومدرعات عسكرية ومواد لوجستية، تم نقلها من الشدادي، كما أدخلت للمرة الثانية خلال 3 أيام ، تعزيزات لتعزيز السيطرة على حقول النفط في ريف الحسكة، خصوصاً “العمر”، وهو الأكبر إنتاجاً في سورية.
وبالتزامن مع إعادة فتح مكاتب المجلس الوطني الكردي بمناطق “قسد” ، المدعومة أمريكياً، التقى وفد موحد من الإدارة الذاتية ، وأحزاب أخرى بمسؤولين من دمشق وروسيا في قاعدة حميميم، استكمالاً للقاءات واجتماعات عديدة جرت في إقليم (كردستان العراق) قبل أيام ، ضمن محاولات “توحيد الصف الكردي”.