aren

ستعيش قصة المجنون “ترمب” لفترة طويلة بعد الانتخابات\\ كتابة : توماس رايت
الخميس - 12 - نوفمبر - 2020

ترمب

التجدد الاخباري \قسم الترجمة الخاصة\

لن يرحل دونالد ترمب أبدًا، حتى مع هزيمته المدوية. لن يرحل اليوم، ولا في 20 كانون الثاني \ يناير، ولا عند وفاته، ولا بعد مائة عام. وقد يكون أكثر ما ستتذكره الأجيال القادمة عن عصرنا. وستبقى قصته خالدة ، ليس بسبب إنجازاته، ولكن لأنه حاكم مجنون.

هذه الظاهرة نادرة، ولهذا فهي آسرة للغاية. مثلا : هناك الإمبراطور الرومانى (كاليجولا) الذي عين حصانه ، قنصلًا لروما. وجعل من غير القانوني لأي شخص أن ينظر إليه في الشارع، وكان ساديًا بشدة، كما أنه اعتقد أنه إله. وهناك أيضا قصة الملك (جورج الثالث)، ملك إنجلترا ــ والتي كانت تقريبًا ملفقة، تم عمل فيلم هوليوودي عن جنونه، حيث حاول مصافحة شجرة، معتقدًا أنها ملك بروسيا.

لكن أمريكا كانت محصنة تقريبا ضد هذا النوع من القادة، على الرغم من أن (ريتشارد نيكسون)، كان لديه بعض الجنون في سنوات حكمه الأخيرة ــ حيث أمر بشن عمليات عسكرية لم يكن ينوى إطلاقا القيام بها، وفكر علنًا في استخدام الجيش للبقاء في السلطة، بالإضافة إلى توجيهه النقد اللاذع بشكل دائم.

بالنسبة لترمب، هو لم يحاول مصافحة شجرة، لكن لديه العديد من الصفات ونقاط الضعف. فالرئيس معروف بالتملق، وسلوكه المدمر للذات. لديه عائلة زئبقية تمارس تأثيرًا لا داعي له على إدارته. دائم استخدام أكثر نظريات المؤامرة سخافة. ثروته، أو عدم وجودها، يكتنفها السرية. إنه غير واثق في نفسه. يبرز تعصبه الأعمى على “تويتر” ليراها العالم. يشد انتباه الجموع. وتكاد تنتهي مسيرته السياسية بسبب الوباء. حتى كل شيء عنه ــ الشعر، لون بشرته، ربطة عنقه الطويلة، قبعته الحمقاء ــ غريب.

إنه رئيس إحدى أقوى الدول فى التاريخ، وهى دولة تضع سلطة لا مثيل لها فى يد قائدها العام، بما فى ذلك الحق فى استخدام الأسلحة النووية. لديه أيضًا خصوم أقوياء لكل منهم سيرته الخاصة المميزة مثل ــ بارك أوباما أول رئيس أمريكي من أصل أفريقي وهيلاري كلينتون ، التي كان من الممكن أن تكون أول رئيسة للولايات المتحدة. يستحيل أن يكون شخص محظوظا أكثر من ذلك.

ما سيجعل قصة ترمب خالدة ، وشديدة الإغواء بشكل خاص بالنسبة للأجيال القادمة ، هو أنها ليست مجرد مسرحية هزلية؛ إنها أيضًا ذات أهمية كبيرة لأى شخص يريد فهم الولايات المتحدة فى أوائل القرن الحادى والعشرين.

فمنذ انتخاب ترمب، ناقش المنظرون السياسيون ما إذا كانت رئاسته ، سببا للتغيير أم علامة على التغيير السياسي. المنطق التقليدي ، يقول : إن رئاسته من أعراض تحول كبير. فعلى الرغم من أنه استفاد من الاتجاهات التي كانت قائمة بالفعل وقت مجيئه إلى السلطة مثل ــ خيبة أمل الناخبين البيض غير الحاصلين على تعليم جامعى، وموجة الصدمات من الأزمة المالية، وانعدام الثقة في السلطة. كل هذا صحيح، إلا أن هذه الحجة تتجاهل التأثير الذي أحدثه السلوك غير العقلاني للرئيس على أمريكا.

وإذا تم، على سبيل المثال، انتخاب تيد كروز رئيسًا فى عام 2016، لكان قد استفاد أيضًا من الاتجاهات الشعبوية. ولكان قد سأل العديد من المعلقين عما إذا كانت توجهات كروز قد أدت إلى نهاية النظام الدولي الليبرالي، فلقد كان أول مرشح في الدائرة الانتخابية لعام 2016 يستخدم مصطلح «أمريكا أولا» لوصف سياسته الخارجية.

ومن المؤكد أيضا أن الأوروبيين كانوا سيشعرون بالذهول بشأن انتخابه. لكن رئاسة كروز كانت ستختلف نوعيا عن رئاسة ترمب. فمن المؤكد أنه لم يكن ليلعب دور الطبيب أثناء فترة تفشي الوباء كما فعل ترمب، أو يروج للأدوية غير المثبتة فعاليتها ضد الوباء ، أو ينصح الجمهور بحقن أنفسهم بمطهر. ولم يكن ليصدر أوامر للبنتاغون عبر تغريدة على تويتر. وأخيرا لم يكن ليعلن حبه لرئيس كوريا الشمالية (كيم) جونغ أون.

تعد دراسة “حالة كروز”، مفيدة فى فهم ما قد ينسبه المؤرخون إلى ترمب فى هذا الوقت على وجه الخصوص. فالمؤرخون يعتبرون ترمب ــ إلى الحد الذى يركزون فيه على جوانب معينة من سياسة إدارته مثل ــ قمع الناخبين، والتخفيضات الضريبية للأثرياء، وفشله فى الدفاع عن الديمقراطية خارج الولايات المتحدة، وتعيين قاضية فى المحكمة العليا قبل وقت قصير جدا من إجراء الانتخابات الرئاسية ــ يعتبرونه عرضا ، وليس سببا للتغيير. بل قد يكون حتى أقل تطرفا من الآخرين فى الحزب الجمهوري، بما في ذلك كروز.

ومع ذلك، فإن عدم كفاءة ترامب وسلوكه غير المنتظم شكل أيضًا مسار البلاد. بدا ترامب غير قادر على قراءة المشهد ولم يكن لديه بُعد نظر يمتد إلى ما بعد الغد. لم يكن لديه أيضا أي رغبة فى القيام بعمل الرئيس وكان ينتقم من موظفى الخدمة المدنية الذين كانوا يقومون بعملهم، مما يعني أن الكثير من موظفي الحكومة تم إخراجهم تحت إشرافه. لم يشعر بالمسئولية تجاه مواطني الدول التي لم تصوت له. ومؤخرا رأينا كيف تصرف بطريقة غير منطقية فى الأزمات، حتى ولو أضرت أفعاله هذه بمصالحه السياسية. لقد رفض التعامل مع الفيروس التاجي باعتباره خطرًا حقيقيًا، والآن البلاد فى الموجة الثالثة من الإصابات ولدى الولايات المتحدة أكثر من 19 فى المائة من وفيات العالم، على الرغم من أنها تشكل 4 في المائة فقط من سكان العالم.

باختصار، لن تؤدى خسارة ترامب لمنصبه الرئاسى إلى تخليص الحزب الجمهورى من الترامبية. كما أن خسارته ستوجه ضربة قاسمة للفكرة القائلة بأن إسناد السلطة إلى شخص ــ غير لائق ــ أمر مقبول.

قد يستنتج مؤرخو المستقبل أنه في النهاية، كانت الديمقراطية الأمريكية قوية بما يكفي للبقاء على قيد الحياة والتخلص من ترمب. فإذا فاز ترمب، سيؤمن أنه وحده يمثل إرادة الشعب. وهذا مستوى عالٍ من الغطرسة قد يدفعه إلى محاولة تشكيل الديمقراطية الأمريكية ، والدور العالمي لها.

ترامب الآن جزء جوهري من قصة أمريكا ــ أول رئيس مجنون لها. السؤال الرئيسي الوحيد المتبقي ، هو ما إذا كانت القصة التي سيتم تداولها لعقود وحتى لقرون من الآن ستنتهي بما فعله ترمب بأمريكا ، أو بما فعلته أمريكا بترمب. سنعرف إجابة هذا السؤال قريبا

https://www.theatlantic.com/ideas/archive/2020/11/trump-will-live-on-well-past-the-election/616950/?utm_campaign=Brookings%20Brief&utm_medium=email&utm_content=98976203&utm_source=hs_email.