aren

ذكرى السيدة “أنيسة مخلوف” \\ بقلم : د.بثينة شعبان
الجمعة - 7 - فبراير - 2020

بثينة شعبان

د. بثينة شعبان

لم تكن السيدة “أنيسة مخلوف”، عقيلة الرئيس “حافظ الأسد”، وراءه فحسب، بل كانت رفيقته في الفكر والعمل والنزاهة والقيم، وكان دورها أكبر بكثير مما يبدو للعيان، فهي لم تكن تحبّ الظهور، بل فضّلت العمل بصمت، ولكن بكفاءة وإخلاص عاليي المستوى.

قالت لي صباح وفاة الرئيس الراحل: كنتُ في الغرفة الثانية حين سمعت الهاتف وقع على الأرض، فركضت ووجدت الهاتف قد وقع من يد الرئيس. لم تكن تذكره إلا بصفته كرئيس، وباحترام لا يخطأه أحد. واستذكرتْ معي حين كانت تحاول إقناعه الذهاب إلى اللاذقية ولو لبضعة أيام، وكان دائماً يجيب ألّا وقت لديه.

كم من مرة اتصلت به بعد الرابعة ونحن في الاجتماع لتذكّره أنه لم يتناول طعام الغذاء، ويعود الرئيس من مكان الهاتف مبتسماً، ويقول: إلا هذا الأمر “الطعام” لم أتمكن من الالتزام به.

حين اتصل الرئيس بيل كلنتون إلى المنزل أكثر من مرة لترتيب لقاء جنيف مع الرئيس حافظ الأسد في 26 آذار عام 2000، كانت السيدة أنيسة تدخل الغرفة كالنسمة، فتضع الأوراق والأقلام على الطاولة وتنظر إلى السيد الرئيس مستفهمةً إن كان يريد أيّ شيء آخر، وتنسحب خفيفة الظلّ كما دخلت.

أمّا تربية الأولاد وحنانها على أبناء الشهداء، ومتابعتها لشؤون الأسرة والمرأة، فالوطن يشهد لها بدور متميّز ورائد وقدوة. حين استقبلتنا كعضوات اللجنة المركزية في حزب البعث، شجّعتنا كنساء على العمل السياسي وعلى الأداء المتميّز في هذا المجال، لأنّ المرأة الأم والزوجة كما قالت قد تتفاعل مع الشأن العام بطريقة أكثر تفصيلاً وعاطفةً من الرجل.

ومن المعلوم أنها كانت عضوة فاعلة في الحزب القومي السوري الاجتماعي قبل زواجها من الرئيس حافظ الأسد، ولكنّ مساهمتها في السياسة، وفي كلّ ما يهمّ الوطن والمواطن بعد الزواج منه لا تقدّر بثمن.

رحم الله السيدة أنيسة مخلوف، وأسكنها فسيح جنانه، والعمر المديد للسيد الرئيس بشار الأسد، الذي يجسّد تربيتها الصالحة خُلقاً وصلابةً وعشقاً لتراب هذا الوطن والزود عنه بكلّ الوسائل الممكنة.. إنّا لله وإنّا إليه راجعون

هذه المقالة تعبر عن رأي صاحبها