aren

دوغين ، أردوغان و”ادلب” \\ بقلم : د.فؤاد شربجي
الخميس - 5 - مارس - 2020

بمناسبة الحرب في (ادلب) ، استذكر الباحث الروسي “الكسندر دوغين” في مقابلة صحفية ، المسار الاستراتيجي لما يجري ، وموقع التصرفات الاردوغانية فيه ، عبر اضاءة الطريق البوتيني في ادارة الصراعات بالمنطقة والعالم.

يرى”دوغين” ،ان مناورات اردوغان بين الكتلة الاوراسية ، وبين التحالف الأطلسي ، جعلته يبتز الأطلسي ، عبر (انزياحه المناور) نحو الكتلة الاوراسية،  وهاهو الآن يحاول ان يبتز بوتين بواسطة التواصل مع ترامب ، وطلب المساعدة منه ، ومن حلف شمال الاطلسي (الناتو).

ولكن انتصارات الجيش العربي السوري في ادلب ، جعلت اردوغان يفقد توازنه ، ويحس بالاهتزاز يصيبه ، وهو يقف على حافة الهاوية ، وينظر الى مدى عمق قعرها.

الرئيس بوتين ، الذي يعمل الى ترسيخ تعدد الاقطاب في المنطقة والعالم ، سعى الى اردوغان لينجز (انزياحه الاستراتيجي) ، وليس المناور الى الكتلة الاوراسية ، لان في هذا الاستقطاب ، طرد جزئي لامريكا من سوريا ، وحرمانها من كونها القطب الاوحد المقرر ، ورغم كل المصالح الاقتصادية التركية بتعاونها مع روسيا، ورغم ما قدمه بوتين لاردوغان ، عندما انقذه من محاولة الانقلاب ، الا ان اردوغان وبدون تردد او خجل ، يعود في مناورته ، ليصطف مع (الناتو) أصله وأصل تموضعه، ويريد من الغرب ان يساعده في ادلب ضد “سورية وروسيا” معا ، كما قال في خطاب علني.

دوغين ، لاحظ ان سبب اهتزاز اردوغان وهلعه ، هو انه ربما أكثر من انتبه الى ان اغتيال (قاسم سليماني) ، لم يكن عملا منفردا ، وسكنه الخوف مما سرب له من الغرب ، حول اعتماد الادارة الامريكية لاستراتيجة الاغتيال ، كطاقة شحن استراتيجيات الانقلابات ، فهل يخشى اردوغان ، ان يتجدد الانقلاب عليه ، ببداية يتم فيها اغتياله؟ وهل قرر ان يهرب الى الامام بالاندفاع الى أحضان قاتله ، شريكه السابق ، عله يستعيد شراكته ، وينجو من الاغتيال والانقلاب ؟

حالة الاهتزاز التي تسيطر على اردوغان ، جعلته ينسى أو يتناسى ، ان الرئيس بوتين لا يقبل الضغط ، ولايخضع للقوة ، وأكثر ما يستفزه ، التهديد وعدم الوفاء ، وهذا التناسي الاردوغاني لطبيعة القوة البوتينية الروسية ، هي مايهدد اهتزازه ، وينذره بسقوط مريع ، لايفيده فيه لا الاطلسي ولا ترامب ، ولا أمثالهما.

يرى دوغين في تحليله لمايقوم به اردوغان في “ادلب” ، بانه ان دفع بعناده الى حرب شاملة ، فان النتيجة ، ستكون حتما فناء اسرائيل بشكل كامل ، وبالفعل فان أي عاقل ، لا يمكن ان يشعل حربا شاملة ، ليهدد من يملك التصميم والقوة على الرد القاسي القاضي ،كروسيا بوتين او سورية الاسد، وهل سيترك الغرب الاطلسي ، اردوغان ليورطهم في حرب تقضي على قاعدتهم الامامية “اسرائيل” ؟

وصول اردوغان الى الحافة ، بعدما عمق له الجيش العربي السوري ، الهاوية ، زاد من اهتزازه ، وجعله أمام مصيره : تراجع واستسلام أمام بوتين والاسد ، أو الاغتيال وانقلاب من الغرب الاطلسي ، وكله صنع يديه – كما يقول السوريون.