التجدد الاخباري – مكتب بيروت
فى دراسة حديثة ، قامت بها مؤسسة الأبحاث والتطوير الأمريكية «راند» ، كشفت عن أن احتياجات أكثر من (6) ملايين لاجئ سوري ، تستضيفهم الدول المجاورة ، تجاوزت كثيرا ما تقدمه المساعدات الإنسانية، فقد بذلت كل من (تركيا ولبنان والأردن) ، جهودا لا يمكن إغفالها فى هذا الشأن ، وقدمت تضحيات كبيرة من أجل استيعاب اللاجئين السوريين.
إلا أن الواقع ، يشير إلى ارتفاع نسبة البطالة فى صفوف اللاجئين، فى حين يعمل معظمهم، سواء رجالا أو نساء، والذين يتراوح أعمارهم ما بين (18 و55) عاما، فى وظائف تتطلب مهارات قليلة ومنخفضة الأجور ، وأحيانا غير رسمية.
بالإضافة إلى ذلك، لا تساعد المخصصات التي تتاح لهم ، العمل بصورة قانونية ، بحسب ما كان مخططا له، ولا يعيش من هو قادر ومؤهل للعمل فى المدن ، حيث تتوافر الوظائف، وهو ما يعد هدرا كبيرا للفرص لكل من السوريين ، والدول المضيفة على حد السواء.
الدراسة ، أكدت أيضا أن “ثلث” السوريين فى تركيا والأردن ، يعملون فى المهن نفسها ، التى كانوا يمارسونها فى بلدهم الأم (سورية) ، بينما يعمل الجزء الآخر فى وظائف ليست لها علاقة بما درسوه ، أو بالخبرات والمهارات ، التى يتمتعون بها.
فمثلا ، موظف الإطفاء – يعمل خياطا، والكيميائي – يعمل ميكانيكيا، وأخصائي تكنولوجيا المعلومات – يعمل في وظائف ، وأعمال عشوائية متفرقة.
وأشارت الدراسة ، إلى أنه حتى فى لبنان، فإن أكثر من نصف السوريين ، يعملون فى المجال نفسه ، كما في بلدهم، بينما النصف الآخر ، يضطر إلى القبول ، بأي وظيفة تضمن له كرامة العيش، وهو ما أكده أحد اللاجئين السوريين فى لبنان بقوله “عندما نجد وظيفة، فإننا نغتنمها، حتى لو لم تكن فى مجال تخصصنا أو مهنتنا، نحن بحاجة إلى المال لهذا نقبل بأى وظيفة حتى نعيش!”.
أما بالنسبة للأعمال اليدوية ، التي لا تتطلب مهارة كبيرة ، فقد أكدت الدراسة ، أن أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين ، قد امتهنوا هذه الأعمال في الدول المضيفة ، في حين أنهم لم يكونوا يمتهنونها في سوريا.
بينما أوضح عدد أقل من المشاركين في الدراسة ، أنهم أصبحوا أصحاب مهن مستقلين ، أو أصحاب شركات ، مثلما كانوا في سوريا، وهذا كشف – إلى حد ما- عن المستوى التعليمي الذي يتمتع به هؤلاء اللاجئون، فأقل من (نصف) اللاجئين في تركيا ، ونحو (ثلثهم) في لبنان ، حصلوا على مؤهلات أعلى من التعليم الابتدائي، بينما كانت مستويات التعليم للاجئي سوريا في الأردن ، أعلى بنسبة طفيفة، (فثلثا) اللاجئين ، وصلوا لمراحل التعليم المتوسط أو أعلى، ورغم ذلك فإن أغلبهم يعمل في وظائف ، تتطلب مهارات متوسطة.
وبصفة عامة، فإن هذه الدراسة أوضحت أن هناك نسبة كبيرة من السوريين ، لديهم المهارات التي لا تستغل كما ينبغي، وهذه الفرص المهدرة ، تشكل مفارقة صادمة، لأن معظم الدراسات ، التي أجريت في هذا المجال ، كشفت أن معظم الشركات في الدول المضيفة ، تجد صعوبة في سد حاجتها من العمالة ، التي تحتاج إلى مهارات معينة.
كل ما سبق ، دفع القائمين على هذه الدراسة إلى اقتراح حلول ، لمعالجة مشكلات توظيف اللاجئين، وكيفية الاستفادة القصوى من خبراتهم منها على سبيل المثال ، وليس الحصر ، تسهيل القيود القانونية على المهن والقطاعات ، التي يسمح للسوريين العمل بها، وذلك من شأنه أن يساعدهم على الاستفادة من مهاراتهم ، ويسهم أيضا في سد الفرص الشاغرة في شركات الدول المضيفة.
ومثل هذه الخطوة ، تحفز أيضا السوريين ، وتدفعهم إلى الانتقال خارج المنطقة ، التي تم تسجيلهم بها إذا وجدوا وظائف مناسبة، وهذا بدوره سيقضي على تمركز اللاجئين ، وتكدسهم في مناطق معينة وتوزيعهم في الأماكن ، التي يزداد فيها الطلب كثيرا على العمالة ، ذات المهارات المتوسطة.
وبجانب تسهيل القيود القانونية ، هناك أيضا اقتراح بإعداد برنامج تدريبي وظيفي ، هدفه تأهيل السوريين للفرص المناسبة، وهذا البرنامج الذي يمكن إجراؤه بالشراكة مع جمعية أو اتحاد، يستهدف السوريين وكذلك العمال في الدول المضيفة، ومن شأنه أن يوفر فرص وظيفية للجميع، بالإضافة أيضا إلى ضرورة تيسير حصول اللاجئين السوريين في الدول المضيفة على تمويلات مالية ، والمشاركة بصورة قانونية ، لبدء شركاتهم الخاصة، وهذه الخطوة ستؤدي إلى توفير فرص عمل حالية لهم ، وستفتح أسواق عمل جديدة ، تستفيد منها الدولة المضيفة.