
نحن الغاوون , مثلما وصفنا القرآن , ونقتفي أثرك خطوة خطوة , وأنت الذي تموت رويداً رويداً تقتفي , عبثاً , أثر الهواء لتبقى . كم كنا بحاجة اليك لتبقى ؟
العاشق للأرض , وقد عشقته الأرض . الكبرياء الذي كبرياء الأنبياء ( الأنبياء الذين لم يظهروا ولم يبعثوا) , لا كبرياء الذين يتسلقون الضوء كمن يتسلق حائط المقبرة …
أيها الأنت الذي برهافة القمر , وآلام القمر . الآتي جنوباً, الذاهب جنوباً , لكأنه الجرح الذي يحمله الله , منذ الأزل , بين يديه . أيها الله , هل كنت شاهداًعلى عبقرية الدم , وعلى عبقرية البنفسج , حين كان بكاء البربرية (ولعله بكاء حائط المبكى) يملأ طرقات الجنوب , وأودية الجنوب , وآذان الجنوب ؟

لكأنك الشفافية التي لا ترى الا بدقات القلب . اللغة ـ الغجرية ـ تراقص الريح , حين تكون الريح امرأة , وحين تكون الريح قصيدة , وحين تكون الريح وردة على قبر سيظل يقال فيه : هنا تراب يزغرد للحياة , ويلتف به شاعر تزغرد له الحياة …
في آخر أيامك , وهي آخر الأيام , كنت خائفاً على موت الفراشات , وعلى موت الماء , وعلى موت الزيزفون , في “الدردارة” , عشيقة ما قبل الولادة وما بعد الولادة . في آخر أيامنا , وهي آخر الأيام , خائفون على ذلك الشيء الذي قال النص (يا لهول النص !) انه على شاكلة الله . ألا نزال , حقاً , على شاكلة الله ؟!
لقد طويت أوجاعك وذهبت . هذه هديتك (أوجاعك) الى من ينتظرونك هناك . قل لهم , الغاوون يتبعونني …