
خاص
التجدد الاخباري
لا يزال اكثر من 79 حريقًا ، يشتعل في ريف محافظة “اللاذقية” الواقعة على الساحل السوري ، وهو الرقم الأكبر في تاريخ سوريا، بحسب وزير الزراعة، (حسان قطنا)، ولم يعد فوج إطفاء اللاذقية ، قادرًا على إحصاء عدد الحرائق.

وسائل اعلام حكومية (صحيفة “تشرين”) ، قالت إن قرية “بيت عركوش” في منطقة (مشتى الحلو) ، احترقت بالكامل ، والنار في اتساع ، وتهدد قرى أخرى، كما تسببت الحرائق في “بانياس” بخسائر كبيرة في البيوت البلاستيكية، واحتراق منازل مواطنين في (طرطوس)، وسط مخاوف من تمدد الحرائق إلى منازل أخرى.
وفي “ريف جبلة”، بلغت مساحة الأراضي المحترقة (ألفي دونم)، وهجر السكان منازلهم، وحذرت بلدية (الحفة) في ريف اللاذقية، من خطر اقتراب الحرائق المندلعة في المحافظة من المصرف الزراعي ، الذي يحتوي على 150 طنًا من نترات الأمونيوم، مشيرة إلى كارثة كبرى ستحصل في حال لم يتم إخماد النيران ، وتعد (نيترات الأمونيوم)، خطرة في حال اشتعالها، إذ شهد مرفأ بيروت انفجارًا في 4 آب- أغسطس الماضي، بسبب 2750 طنًا من المادة.

وقد اجتاحت ، الغابات الساحلية السورية ، موجة من الحرائق ، وصفت بـ”الضخمة”، منذ فجر صباح يوم (أمس) الجمعة 9 من تشرين الأول- اكتوبر ، التي أودت بمساحات واسعة من الأشجار الحراجية والأحراش الجبلية، وسط محاولات مراكز الإطفاء التابعة لهذه المناطق السيطرة على الحرائق ، فيما لا تزال التخمينات الشعبية ، بان الحرائق مفتعلة، كاستكمال للتدمير الذي طال مقومات الاقتصاد السوري، فيما يرواد آخرين ، شكوكا حول دور محتمل لتجار الفحم ، الذي بات يحظى بطلب كبير للتدفئة مع قرب فصل الشتاء.

حرائق مفاجئة تشعل “ريف اللاذقية”
وكانت تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي ، “موجة حرائق ضخمة بدأت منذ منتصف الليل (يوم الجمعة) وحتى اللحظة، اندلعت بشكل مفاجئ”. وأضافت الصفحات ، بأن “الحرائق بين المنازل”، وبالقرب من أشجار الزيتون، كما نشبت هذه الحرائق في قرى “غلمسية والبودي وبنجارو” بريف جبلة، و”كلماخو وجبل العرين وقمين الفاخورة وبسيت” بريف القرداحة.
وخرجت جميع فرق الإطفاء الموجودة في محافظة اللاذقية ، لإخماد هذه الحرائق، ولم يصدر إلى حين كتابة الخبر، شئ رسمي ، يفيد بأسباب الحريق ، وحجم الانتشار والخسائر ، .

وسارعت فرق الإطفاء في كل من (اللاذقية، وجبلة، والقرداحة، والحفة، وحرف المسيترة، والفاخورة، والدالية)، بالإضافة إلى منظومة إطفاء الزراعة، ومصلحة الحراج، والدفاع المدني، الى التعامل مع هذه الحرائق “الضخمة” ، فيما أفادت شبكة “أخبار اللاذقية” ، أنه يجري التعامل مع الحرائق عند أشجار زيتون بمنطقة (الدعتور).
وشهد ريف حماة، أواخر آب – اغسطس الماضي، حريقًا ضخمًا ، وصل ارتفاعه إلى أكثر من أربعة أمتار في منطقة “عين الكروم”، والتهم مئات الهكتارات من الأحراج الطبيعية، قبل السيطرة عليه لاحقًا ، بمشاركة فرق اطفاء من أربع محافظات، هي : (طرطوس واللاذقية ودمشق وريفها).
حيث قدرت المساحة ، التي التهمتها النيران ، بـ”ألفي دونم” من الغابات ، التي تحتوي على مساحات واسعة من أشجار (السنديان والسرو والصنوبر) المعمرة – حسب رئيس الجمعية الفلاحية في قرية بيرة الجرد، غياث الراشد-
واندلع الحريق حينها في الغابات ، التابعة لقريتي (أبو كليفون وعناب)، التابعتين لبلدة “عين الكروم”، في منطقة الغاب، وامتد الحريق باتجاه منازل السكان. وأظهرت صور، تداولها مواطنون سوريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دمارًا هائلًا في الأحراج الجبلية، وتآكل مساحات خضر شاسعة.
وفي 2016 ، اندلعت حرائق مماثلة، استمرت لأيام، في قرى بلدة القرداحة بريف اللاذقية، حيث التهمت النيران غابات منطقة جبل العرين، فضلًا عن احتراق مطعم “جبلنا” بالكامل، ورافقت هذه الوقائع حينها حركة نزوح لسكان المنطقة.

وتناقل نشطاء عبر صفحات التواصل الاجتماعي ، فيديو مصور ، للمطرب “جورج وسوف”، من شرفة منزله ، وهو يتحسر على المساحات الخضراء ، والاشجار المعمرة التي طالتها الحرائق في جبال بلدة “كفرون” ، مسقط رأس (أبو وديع) ، الواقعة الى جنوب شرق بلدة “مشتى الحلو”، والتابعة لمحافظة طرطوس الساحلية.

في حين تداولت بعض الصفحات ، صورا على وسائط التواصل ، لشاطىء “رأس البسيط”، وقد توهجت مياه البحر باللون الأحمر ، بسبب انعكاس ضوء نيران الحرائق (الهائلة) عليها.
هول ماحصل في “ريف اللاذقية”، واندلاع الحرائق على هذا النحو المفاجىء ، دفع بالتساؤلات والتكهنات حول ماحدث ، وفي رأي ، مصدره استاذ اكاديمي – لا نتبناه ، رغم اننا ننشره للاطلاع – حول هذا الموضوع ، كتب الدكتور “رياض قره فلاح”، وهو أستاذ علم المناخ \ قسم الجغرافية – جامعة تشرين السورية ، تحت عنوان : هل الحرائق طبيعية .. ؟
عندما يندلع 20 حريقا ليل وفجر الجمعة في أماكن متفرقة ومتباعدة وداخلية في الغابة، وبشكل مخيف يصعب على رجال الإطفاء السيطرة عليها، وقبل يوم واحد من تحول الرياح إلى شرقية جافة جعلت من الرطوبة في المناطق الساحلية تنخفض حتى رقم متدن جدا يصل حتى دون 25%.
هذا يعني من وجهة نظري أن الحرائق قام بها شخص أو مجموعة أشخاص، أو جهة (مثقفة ومتعلمة) ، تتابع حالات الطقس وتفهم تماما الأحوال الجوية التي تساعد فيها الرياح على حدوث أكبر امتداد للحرائق، وهي بذلك تدرك جيدا ما تفعل.علما أن هذا يحصل للمرة الثانية خلال شهر، وبنفس الظروف الطقسية والأهم من ذلك في أماكن جديدة لم تطالها الحرائق المرة السابقة..
كلامي السابق يصبح بالنسبة لي يقينا عندما تكون الحرائق قد اندلعت عند الفجر حيث يكون الضغط الجوي مرتفعا، وتكون الرياح في أهدأ أوقاتها وسرعاتها، والأجواء باردة نسبيا بالمقارنة مع النهار، ومن المعروف أن السرعة الأعلى للرياح تحدث نهارا وليس ليلا مع انخفاض الضغط الجوي، مما يعني أن من افتعل الحريق كان يعلم بأن الرياح ستشتد مع شروق الشمس وسيصبح الوضع كارثيا خلال فترات الظهيرة مع اشتداد سرعة الرياح الشرقية الجافة.
عموما تقول الإحصاءات العالمية أنه من بين كل 100 حريق هناك 4 حرائق فقط قد يكون الطقس سببها وأهم أسبابها الصواعق – ونحن لسنا في الشتاء- يمكن أن ندرك أن من قام بالحريق – من وجهة نظري- فرد أو أفراد حاقدون مدركون لما لهذا الأمر من تبعات كارثية بيئية واقتصادية وسياحية، ولا يمكن مطلقا أن نعزو السبب بناء على المعطيات السابقة للأسباب الصغيرة مثل توسيع أراض زراعية على حساب الأحراج أو لغايات التفحيم، أو أي سبب آخر صغير كهذه الأسباب، أو أن نتواكل ونتهم الحرارة المرتفعة والرياح الحارة بشكل مباشر، بينما هي في الحقيقة عامل مساعد على اندلاع أوسع للحرائق وليست المسبب الأول لها.
الموضوع أكبر بكثير من ذلك، وهو عملية تخريبية كبرى ممنهجة تهدد الأمن البيئي والاقتصادي والسياحي والسكني لسورية…وهذا أمر يعد بمثابة الخيانة العظمى تنسب لمن قام به إن كان من الداخل، أو حرب كارثية علينا من النوع الخطير والمؤذي جدا إن كان المتسبب من إعداءنا الخارجيين الذين ربما يديرون ويتواصلون مع خلاياهم في الداخل.

وفي قراءة موازية – لا نتبناها، وننشرها للاطلاع كذلك- يقدمها لموقع (التجدد الاخباري) ، جهات متابعة لما حصل في قضية اندلاع الحرائق المفاجىء وخاصة في الريف الساحلي ، مايلي :
يوجد في محافظة اللاذقية حوالي ١١ مليون شجرة زيتون ، كما يوجد ما يقابلها تقريباً في محافظة طرطوس !
أما في ادلب ، فيوجد حوالي ١٥ مليون شجرة زيتون ، وكذلك ما يقابلها في محافظة حمص!
بمعنى اخر ، فإن هذه المحافظات الأربع ، تحتكر حوالي ٦٠٪ من عدد أشجار الزيتون الكلي بسورية ، والبالغ حوالي ٩٠ مليون شجرة زيتون !
نعم تعرضت سورية في اليومين الماضيين لموجة ارتفاع درجات الحرارة ، المترافقة مع هبوب رياح شرقية قادمة من شرق سورية ، وهذا الأمر يساهم جداً في اشتعال القش والاعشاب اليابسة ، التي تؤدي في مثل هذا الوقت ، وهذه الظروف إلى حدوث حرائق كالتي شاهدناها ليلة أمس في مناطق متعددة من الساحل السوري !
لكن هنالك عدة اسئلة ، لا بد من الإجابة عليها :
١ – الرياح الشرقية مع ترافق ارتفاع ملحوظ بدرجات الحرارة ، قادم من شرق سورية و بالتالي فإن المحافظات التي تقع إلى الشرق من الساحل السوري كـ(حلب و حمص و حماه و ادلب)، يفترض أن تتعرض قبل محافظات الساحل لمثل هذه الحرائق ! بينما ما رأيناه ، هو حدوث الحرائق أولاً في محافظات الساحل السوري
٢ -تبين الخارطة أن الحرائق ، تركزت في محافظتي “اللاذقية وطرطوس”، بينما لم يتم الإبلاغ عن وجود حرائق في “حلب وادلب وحماه” ، سوى عدة حرائق متفرقة ، ومحدودة
٣- لماذا ترافقت هذه الحرائق مع موسم قطاف الزيتون ؟!
٤- لماذا حدثت كل هذه الحرائق بتوقيت شبه موحد ، وبتوزع جغرافي مدروس ، روعي فيه تشتيت أفواج الإطفاء و القوى المدنية والشعبية ، وإحداث دربكة ، واضطراب لديها ، ولدى سكان هذه المناطق ، وكذلك تم فيه الأخذ بعين الاعتبار توزيع هذه الحرائق ، وطريقة إشعالها مع اتجاه الريح ، لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأذية و الضرر ؟!
نعم ، إن الحرائق التي تركزت في محافظتي اللاذقية و طرطوس ، حرائق مُفتعلة بكل تأكيد ، ولها غايات كبيرة تتعلق بالأمن الغذائي لسورية ، وللسوريين ، الذين اعتمدوا في الآونة الأخيرة على مادتي (الزيت) ، والزيتون المُنتج من معاصر اللاذقية و طرطوس !
لا أعلم الآن إذا صار الأمر واقعاً مفروضاً على السوريين ، شراء الزيت و الزيتون القادم من (ادلب) ومن (تركيا) ؟!