aren

جوليان أسانج.. صحفى أم لص متهم؟ \\ بقلم : ديفيد اغناطيوس
السبت - 13 - أبريل - 2019

c0253536-03fb-432d-95e4-2e4e24134b66

التجدد – ترجمة خاصة

تساءلت وزارة العدل الأمريكية في اتهامها لمؤسس ويكيليكس، “جوليان أسانج”، عما إذا كان صحفيا يقوم بعمله، أم أنه لص؟ ومن المؤكد أن قضيته ستثير نقاشا واسعا ، حول ما إذا كان مؤسس ويكيليكس ، يستحق الحماية بموجب التعديل الأول للولايات المتحدة ، أم لا.

وتم القبض على أسانج في لندن، الخميس الماضي، حيث كشف المدعون الأمريكيون عن لائحة اتهام ، تتهمه بالتآمر مع تشيلسي (مانيننج) ، لاختراق شبكة كمبيوتر تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، في عام 2010، للحصول على وثائق سرية ، ونشرها على موقع ويكيليكس. وتركز لائحة الاتهام على محاولة أسانج المزعومة ، مساعدة مانيننج في معرفة كلمة مرور، والحصول على معلومات سرية عليا، لكن المدعين ، قالوا : إن «التآمر الأساسي هو رغبته في نشر المعلومات علنًا على موقع إلكتروني».

ويصف أنصار أسانج ، اعتقاله وترحيله إلى الولايات المتحدة، بأنه هجوم على حرية الصحافة، ولكن هناك بعض الشكوك حول هذا الادعاء من قبل العديد من أبرز المدافعين عن التعديل الأول في البلاد. وقال المدير التنفيذى للجنة «مراسلون من أجل حرية الصحافة»، بروس (دي براون)، في مقابلة الخميس: «عندما تقرأ لائحة الاتهام، فإنك لن تجد شيئًا فيها يتعلق بما إذا كان أسانج صحفيا أم لا».

ويرى محامي أسانج، باري (بولاك)، أن موكله يستحق أن يعامل كصحفي، وقال في بيان إنه «فى حين أن لائحة الاتهام تزعم وجود مؤامرة لارتكاب جرائم إلكترونية، فإن الادعاءات الواقعية هي تشجيع مصدر لتزويده بالمعلومات، وبذل الجهود لحماية هوية هذا المصدر».

وأضاف بولاك، في رسالة عبر البريد الإلكترونى: «لا أجد صعوبة في إثبات مسألة ما إذا كان صحفيا أم لا، أسانج ينشر معلومات صادقة ذات أهمية عامة، وأعتقد أن هذا تعريف جيد جدا للصحفي». وفى الواقع، لا يوجد تعريف قانوني فيدرالي للصحافة، ويصف أستاذ القانون الدستوري في جامعة (بالتيمور)، جاريت (إبس)، الأمر بأنه «بمثابة منطقة مجهولة في الدستور»، وذلك لأن المحكمة العليا لم توضح أبدا من الذي يحصل على «الحقوق» الممنوحة لـ«الصحافة».

ويوضح مدير معهد «نايت فيرست أميندمينت» في جامعة كولومبيا، (جميل) جعفر، أن «المحاكم الأمريكية لا تقدم أي حماية خاصة للصحفيين، وهذا يرجع، في جزء منه، لأن عملية توسيع نطاق الحماية الخاصة للصحفيين يتطلب من المحكمة أن تحدد أولًا مَن هو الصحفي».

ولكن ما فعله أسانج ، يجعل المحامين في حيرة، وقال لي المحامي الأمريكي، ديفيد (كيندال)، إن هناك فرقًا جوهريًا بين شخص يسلط الضوء على معلومات سرية، وشخص ينير جميع الأنوار، وأضاف «ولأن أسانج لم يفرق بين المعلومات التي يمكن مشاركتها مع القراء والمعلومات التي لا يجب نشرها، إذن فهو لا يعمل كصحفي».

وفيما يتعلق بادعاء المدعين العامين ، بأنه قد سهّل اختراق مانيننج لمعلومات سرية، تابع كيندال: «عادةً من يعملون في الصحافة لا يكونون لصوصا». والحقيقة أن هناك فرقا كبيرا بين تنسيق المعلومات، وهو ما يفعله الصحفيون، ونشر سيل من المعلومات دون تنسيق، وهو ما مارسه ويكيليكس.

وهناك أمر آخر مثير للاهتمام في قضية أسانج ، وهو أنه كجزء من مفاوضاته الفاشلة مع وزارة العدل في عام 2017، عرض المساعدة في فحص بعض ملفات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سى.آى.إيه)، المصنفة بدرجة عالية من السرية. ولكن، كما كتبت في سبتمبر\ ايلول  الماضي، انهارت هذه المفاوضات بعدما كشف ويكيليكس عن بعض تقنيات القرصنة الحساسة ، التي تستخدمها الـ(سى.آى.إيه).

ويمكن لأسانج ، أن يزعم أن عرضه عام 2017 ، يظهر أنه كان حساسا تجاه مخاوف الأمن القومي الأمريكي، كما يمكنه الإشارة إلى تعاونه مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وغيرها من المؤسسات الإخبارية ، التي قامت بتحرير ملفات ويكيليكس، وفحصها قبل النشر. ولكن ما يعقد هذه القضية ، هو دور ويكيليكس في نشر الوثائق ، التي اخترقتها المخابرات الروسية، خلال الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2016، حيث بدا حينها أن أسانج ، كان أداة للتدخل الروسي لدعم (الرئيس الأمريكى) دونالد ترمب.

ويريد أسانج خوض قضيته ، تحت راية حرية الصحافة، ولكن مشكلته هي أن وزارة العدل ، قد أصدرت لائحة الاتهام بعناية كافية، بحيث تكون القضية ، هي سرقة معلومات سرية ، وليس نشرها، ولهذا السبب قرر العديد من المدافعين عن الصحافة ، التخلي عن أسانج، بعد نشر أخبار الخميس الماضي.

 https://www.washingtonpost.com/