
التجدد الاخباري / (د ب أ، أ ب)
عادت قضية الصحافي “جان دوندار” إلى الواجهة من جديد، حيث أعلن محامو الصحفي التركي ، المنفي (دوندار)، إنهم لن يحضروا الجلسة الأخيرة ، التي كانت مقررة أمس الأربعاء في محاكمته بتهم (الإرهاب والتجسس)، قائلين إن المحكمة لها دوافع سياسية.
وقال المحامون في بيان مكتوب (الثلاثاء) قبل الجلسة المرتقبة في محكمة (كاجلايان) في اسطنبول: “لا نريد أن نكون جزءا من ممارسة لإضفاء الشرعية على حكم سياسي تم تحديده مسبقا”. وأضاف البيان أن المحكمة تتجاهل حق دوندار في محاكمة عادلة.
وتم تأجيل الحكم المتوقع ضد دوندار بتهمة دعم الإرهاب و”التجسس العسكري أو السياسي” في وقت سابق من هذا الشهر بعد أن طلب محامو دوندار ، تغيير القضاة. ورفضت المحكمة هذا الطلب. حيث تجري محكمة دوندار، رئيس التحرير السابق لصحيفة “جمهوريت” التركية،غيابيا.
وفي تشرين أول / أكتوبر الماضي، طالب ممثلو الادعاء التركي بعقوبة السجن لمدة تصل إلى 35 عاما بحق الصحفي جان دوندار – الذي فر إلى ألمانيا في عام 2016 “هربا” من تهم مزعومة بحقه ، هي الإرهاب والتجسس، حسبما قال محاميه لوكالة الأنباء الألمانية. وأكد محاميه عباس (يالشين)، صدور لائحة اتهام تتهم دوندار بدعم منظمة إرهابية و “التجسس العسكري أو السياسي”..
ويطالب ممثلو الادعاء بإنزال تلك العقوبة بحق دوندار، بسبب تغطية صحيفة جمهوريت عام 2015 لإرسال الاستخبارات التركية ، شحنات أسلحة في شاحنات إلى الجهاديين الإسلاميين في سورية.
وفي عام 2014، أوقف ضباط شرطة الدرك، شاحنات لجهاز الاستخبارات التركي في بلدة (هاتاي الحدودية)، بينما في طريقها إلى سورية، في تحد لأوامر الحكومة. وتم اتهام الضباط بأنهم تربطهم صلات بالداعية المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن. وصدرت أحكام بالسجن بحق بعضهم في 2019 تتعلق بإيقاف الشاحنات.
وشكك دوندار في منطق اتهامات التجسس الموجهة إليه. وكتب على موقع تويتر “إذن، أنا جاسوس عديم الخبرة لدرجة أنني قمت بنشر المعلومات التي حصلت عليها في الصفحة الأولى… بدلا من تسريبها إلى وكالات أجنبية”. وقال دوندار “قالوا إن علينا مواجهة المخاطر المحتملة سوياً … لم أستطع القيام بذلك. يجب أن أتحمل المخاطرة وحدي، لأنها قصتي وأنا رئيس التحرير”. نُشرت القصة وعليها اسم دوندار وفي اليوم التالي تعهد أردوغان أن يدفع الشخص المسؤول عنها ثمناً باهظاً. ويعترف دوندار “منذ ذلك الحين أدفع الثمن”.
تم اعتقاله مع رئيس مكتب أنقرة(إردم) غول، بتهمة التجسس والانتماء لجماعة إرهابية ، وقضى في بادئ الأمر 92 يوماً في السجن.
وحُكم على دوندار بالسجن لمدة خمس سنوات و10 أشهر في أيار\مايو 2016 بتهمة التجسس ، وكشف أسرار الدولة بعد أن ساهم، بصفته رئيساً لتحرير صحيفة “جمهورييت”، في التغطية التي فضحت جهاز المخابرات التركي، وبكشف شحنه، أسلحة للجماعات الجهادية السورية، والمعروفة باسم حادثة شاحنات الاستخبارات التركية (شاحنات ميت)، والتي نُشرت كـ(تحقيق) صحفي استقصائي ، أثناء قيادة (دوندار) ، الصحيفة اليومية.
وتحدث التحقيق، وفقًا لوكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، أن جهاز المخابرات التركية والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، “لم يسمحا للمدعي العام ببدء تحقيق في تهريب الأسلحة”.
وألغت محكمة النقض التركية ، الحكم، مما أدى إلى بدء الإجراءات القانونية الأخيرة من قبل المدعين العامين ، حيث صعدوا من خطورة التهم الموجهة لدوندار ، مما يعني ان احكاما طويلة بالسجن ، سوف تكون بانتظاره الى جانب مئات من سجناء الرأي والصحافيين والمفكرين ، والمعارضين الذين امتلأت بهم السجون التركية.
وبعد رفض المحكمة، لطلب الاستهمال ، الذي تقدم به محامو (دوندار) ، أعلنت محكمة في (اسطنبول)، مؤخرًا، أن دوندار هارب من العدالة ، وصادرت جميع أصوله في تركيا، فقد تم الاستيلاء على ثلاث عقارات في إسطنبول وأنقرة ومقاطعة موغلا الجنوبية، بالإضافة إلى الحسابات المصرفية لدوندار. وسيتم تسليم الأصول إلى صندوق تأمين ودائع الادخار في تركيا (تي إم إس إف) للإدارة.
يعتبر (جان دوندار) من أشهر الصحفيين بأفلامه الوثائقية ، والمقابلات التي أجراها والأعمدة التي نشرها في تركيا. وهو صانع أفلام وثائقية حائز على جوائز، وشاهد عشرات الملايين من الأشخاص أفلامه على مدى عقود. وهو اليوم صاحب واحد من أعلى الأصوات المنتقدة لحكومة أردوغان ، والمطلوبة خارج تركيا بسبب ذلك.
وليس الحكم ضد دوندار، الأول من نوعه. فمنذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا سنة 2016، صادرت الحكومة أصولا ، قيمتها 32 مليار دولار قبل بيعها في كثير من الأحيان، وكان جل المستهدفين تابعين لحركة غولن، التي تتّهمها الحكومة بتنظيم محاولة الانقلاب العسكري، أو متهمين بالتورط معها.