
(خاص)
التجدد -بيروت
ناقش مركز ” بيجن- السادات” للفكر والدراسات الاستراتيجية الإسرائيلي، احتمالية وقرب وقوع “حرب أهلية” في لبنان، لافتا في الوقت نفسه إلى عدم استعداد (إسرائيل) لهذه الحرب -إن وقعت- وعدم رغبتها في هذه الحرب من الأساس.!!!
وذكر المركز – في تقرير نشره تحت عنوان “حرب أهلية جديدة بلبنان” يوم 26 نوفمبر الجاري – أن لبنان يعاني: “انقساما طائفيا تغذيه قوى إقليمية ساعية لكسب نفوذ جديد لها بلبنان مثل قطر وتركيا من جهة وإيران الداعمة لحزب الله من جهة أخرى”.
واهتم التقرير بتبعات هذه الحرب “إن وقعت” على إسرائيل، والمكاسب والخسائر الممكن لها حال حدوث ذلك، بالإضافة إلى تفسير الخطوات المتسارعة للقوة الإقليمية في لبنان وسبل منع هذه الحرب.
وقال التقرير : إن إسرائيل غير مستعدة لهذه الحرب ، ولا ترغب في وقوعها من الأساس ( بحسب ما جاء في التقرير) على الرغم مما تحمله من مكاسب ممكنة لها بالأخص التخلص من نفوذ “حزب الله”.
وأضاف التقرير: “على الرغم من رغبة اللبنانيين بطرد الطائفية في حكومة بلدهم الفاسدة، إلا أنه من المرجح أن يشهد اللبنانيون توترات متزايدة في البلاد بفضل الجماعات الطائفية، حيث ستستمر إيران في دعم حزب الله بالرغم من ضعف دوره الإقليمي مؤخرا بينما ستسعى تركيا وقطر للعب دور أكبر لموازنة المعادلة من خلال زيادة تأثيرهما في المجتمع السني اللبناني”.
وتابع التقرير: ” فبعد انفجار بيروت صيف 2020 بدا أن لبنان مستعدا لحدوث ثورة، حيث كان اقتصاد البلاد في وضع متأزم جداً بفضل الفساد الهائل والأزمة الاقتصادية العالمية وأزمة كورونا بالإضافة للعقوبات المفروضة على إيران (التي تسيطر على مليشيات حزب الله الشيعية الحاكمة) واعتراف المزيد من الدول بأن حزب الله منظمة إرهابية وهو ما أدى لفرض عقوبات متزايدة على الحزب”.
وأفاد التقرير ، أنه في أعقاب الانفجار اشتدت الاحتجاجات على نطاق واسع ضد الحكومة والطائفية وحزب الله والوجود الإيراني في بيروت، فيما رجح التقرير زيادة فيروس “كورونا بعد الانفجار على مستوى واسع بسبب نشاط الأطقم الطبية والتفاعلات في المستشفيات وأطقم الإغاثة، مما سيزيد من ضعف الاقتصاد اللبناني.
وأشار التقرير إلى الضرر الذي لحق كذلك بصورة لبنان على المستوى الدولي، فالمانحون الدوليون يرفضون تقديم المساعدات للبنان حتى تقر الإصلاحات السياسية – للدرجة التي جعلت “حزب الله” غير قادر على شن هجوم إسرائيل في أي وقت قريب.
واعتبر المركز الإسرائيلي، أن:” ضعف إيران وحزب الله من خلفها في هذه اللحظة بالذات وانسحاب دول الخليج من لبنان هيأ الفرصة لدخول تركيا للمسرح اللبناني، حيث سعت تركيا مع قطر لسد تلك الفجوة عن طريق توفير السلاح للطوائف السنية شمال لبنان وكذلك إرسال المساعدات في أعقاب انفجار بيروت والتي كانت في المقام الأول للجالية التركية الصغيرة في لبنان”.
وذكر التقرير الإسرائيلي أن: “وسائل الإعلام التابعة للخليج في المنطقة أعربت عن قلقها تجاه هذا التطور، بدورها فعلت وسائل الإعلام الموالية لإيران والمؤيدة لحزب الله ، وهو ما يثير الفضول حيث يعتقد بعض المحللين أن إيران اتحدت مع قطر وتركيا لمجابهة الغرب وحلفائه الإقليميين”.
وأضاف ، أن الحقيقة ، هي أن (تركيا وقطر)، لا يعملان بتوافق تام مع (إيران)، فعلى الرغم من تعاونهما في بعض المجالات ذات الاهتمام المشترك ، إلا أن المشروع الذي تسعى له تركيا بتمويل قطري تسعى من خلاله للتوسع في رؤيتها “العثمانية الجديدة” في المنطقة بالاعتماد على جماعة “الإخوان المسلمين السنية” هو مشروع يتعارض بشكل أساسي مع الرؤية الإيرانية الشيعية”.
وأوضح، أن تركيا تعتبر الدول التي كانت تحكمها في الحقبة العثمانية ، هي الدول ” الأقرب لها في الخارج”، ويريد الأتراك والقطريون ، خروج دول الخليج والدول الغربية من هذه الدول ، التي كانت تحت الحكم العثماني ، مثل (سوريا ليبيا اليمن العراق ولبنان)، كما ترغب إيران في نفس الأمر . ومع ذلك ، فإن لكل من إيران من جهة وتركيا وقطر من جهة ، أهدافا متعارضة في هذه الدول على وجه الخصوص برغم من اتفاقهما حول خروج دول الخليج والدول الغربية من الساحة.
وذكر المركز البحثي الإسرائيلي ، أن الظروف الراهنة تشكل فرصة ذهبية لأنقرة ، لتحدي الوجود الإيراني ، وربما استبدالها بالمشهد السياسي اللبناني، نظرا لأن حزب الله وطهران ، يلامان على فيروس كورونا ، والأزمة الاقتصادية في لبنان بالإضافة إلى انفجار مرفق بيروت، فبرغم من مواجهة تركيا صعوبات اقتصادية بسبب الجائحة ، والعقوبات الاقتصادية عليها ، إلا أنها لاتزال اكثر ثراء وقوة من إيران ، ولايزال الغرب ينظر لها على أنها حليف مهم ضد النفوذ الروسي والإيراني في جميع أنحاء المنطقة ، لذلك فهي أكثر استعدادا للنجاح في لبنان والعراق وسوريا من إيران.
وأوضح أنه في سوريا في وقت سابق من هذا العام ، سحقت القوات التركية ، كتيبة النخبة ” رضوان” التابعة لحزب الله ، ومقاتلين أخرين من بين الفصائل الشيعية ، المتحالفة مع نظام الأسد في إدلب، حزب الله الضعيف حالياً والمتورط في القتال الداخلي مع السنه في نطاقه ، لن يكن قادراً على تحدي الاتراك ، وحلفائهم في سوريا.
وذكر التقرير ، أن سعي تركيا لضم لبنان لدائرة نفوذها ، يمنح أنقرة وصولاً أكبر لغاز شرق المتوسط ، وهو أمر مرغوب فيه في أنقرة بالنظر لامتلاك لبنان حقول غاز بالبحر المتوسط خاصة به، كما سيمنح تركيا حدوداً مع إسرائيل يمكن ان تهدد منها الدولة اليهودية ، و”مناصرة القضية الفلسطينية “.

وأوضح أنه أذا ما اختات تركيا ، تسريع خطواتها باتجاه الحصول على النفوذ في لبنان ، فإن النتيجة المحتملة ستكون حرب أهلية جديدة، فلبنان يعاني من الطائفية والفقر وبه مخابئ ضخمة للسلاح غير المشروع كما يوجد قوى أجنبية متعددة تمارس نفوذها داخل الحدود اللبنانية وهو ما ينذر بالسيناريو الأسوأ، حيث ستسعى إيران لزيادة مساعداتها ودعمها لحزب الله لمجابهة التوجه التركي التوسعي وينظر للتوسع التركي في لبنان على أنه خطوة لتثبيت وترسيخ التواجد التركي في سوريا المجاورة أيضا.
نظريا، يمكن لتركيا إرسال أنصارها (السنة) من لبنان إلى إدلب لمحاربة المليشيات المدعومة من إيران بالنيابة عنها ومن المرجح أن تقوم قطر بتمويل ذلك ، كما يمكن لتركيا استخدام وكلائها السنيين من لبنان في حملات أخرى مثل ليبيا ، أو صد الأرمن الموجودين على الحدود الشمالية لإيران.
من المرجح كذلك، ان تدخل أي قوة لبنانية مدعومة من تركيا في صراع خطير مع المسيحيين في البلاد بالنظر إلى أن نسبة كبيرة من مسيحي لبنان هم من أصل أرميني ، وهو ما يزيد احتمالية وقوع الحرب الأهلية ، بالإضافة لذلك فمن المرجح أن تقدم الدول العربية المستقرة والولايات المتحدة التمويل للمليشيات المسيحية بلبنان لرغبتهم في عرقلة طموحات قطر وتركيا وإيران الإمبريالية ، بينما ستوفر إسرائيل ( مرة أخرى) التدريب والسلاح وقد تنضم قبرص واليونان وأرمينيا ، كذلك لمساعدة المسحيين اللبنانيين بسبب اهتمامهم المشترك بتعثر تركيا ، والروابط العرقية والدينية فيما بينهم .
بالنسبة لإسرائيل قد تكون الحرب الأهلية في لبنان ، (ميزة أو أزمة)، ميزة بفضل إضعاف حزب الله أكثر وإغراقه في صراعات محلية ، كما يمكن أن يهزم بفضل أعدائه وهو مكسب لإسرائيل دون أي ضرر عليها في الوقت نفسه قد يتحول الأمر لأزمة مع وجود عدم استقرار على الحدود الشمالية لإسرائيل وه ما قد يخلف أزمة لاجئين كما قد يأدي الأمر لإعادة إحياء القضية الفلسطينية بالنظر للنسبة الكبيرة من اللاجئين الفلسطينيين المتواجدين في لبنان .
بالإضافة لما سبق فإن تواجد لوكلاء تركيا وقطر على الحدود الشمالية الإسرائيلية ، هو أمر غير مرغوب فيه بالأخص مع التزام الدولتين بالقضية الفلسطينية، كما أن قلة الحضور الأمريكي في المنطقة ، وإخفاض تأثير واشنطن مؤخراً ، كما احتمالية أن تغير الدول العربية الغنية رأيها في دعم الجماعات (الراديكالية السنية)، هو سبب أخر لحرص إسرائيل لعدم حدوث حرب أهلية في لبنان ، فليس لدى إسرائيل رغبة في أرسال قوات لمواجهة حزب الله في لبنان برغم من الحملة ضده في سوريا ، وعدم استكمال إسرائيل لما بدأته في 2006.
حاليا يعمل الجيش الإسرائيلي على زيادة ترسانته العسكرية وتحسين تدريباته ، استعدادا لمثل هذه الحرب في المستقبل، فـ(تل أبيب)، غارقة في أزمة اقتصادية بسبب جائحة كورونا ولديها مشاكل في الاستقرار الحكومي، الوقت الحالي ببساطة ليس الوقت المناسب للجيش الإسرائيلي لإعادة دخوله للبنان.
ولمنع استئناف الأعمال العدائية يجب على الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى جانب الدول العربية المؤثرة الاستمرار في لاعتراف بحزب الله كـ(منظمة إرهابية)، ومعاقبته وحظره ، لكن هذا الحظر يجب أن يشل كذلك شحنات السلاح التي ترد لوكلاء “تركيا وقطر” بالمنطقة كما حزب الله ، بدلا من انتظار الكارثة بالشرق الأوسط ، التي ستؤثر على العالم بأسره يجب على الغرب والكتل المؤثرة الأخرى التحرك، لمنع وقوع الحرب الأهلية والإرهاب الطائفي قبل فوات الأوان.
https://besacenter.org/perspectives-papers/new-lebanese-civil-war/