التجدد – (خاص) مكتب إسطنبول
كـ(جردة حساب) قاسية، بتوقيت حساس للداخل التركي المأزوم ، أعدّ وزير خارجية تركي (سابق)، تقريراً حول السياسة الخارجية لـ(حزب العدالة والتنمية الحاكم)، وذلك بمناسبة مرور نحو 20 عاماً على استلامه السلطة، مُعترفاً بوجود أخطاء كبيرة في علاقات تركيا الدولية، منها الابتعاد عن الاتحاد الأوروبي، والتذبذب في صلاتها مع كل من الولايات المتحدة و(روسيا).

وجاء في التقرير، نقلاً عن “يسار ياكيش”، أوّل وزير خارجية لحزب العدالة والتنمية، الذي تولى السلطة في عام 2002، وأحد مؤسسي الحزب الحاكم، أن تركيا تمرّ بإحدى أكثر حالات العزلة في المجتمع الدولي، حيث أصبحت على خلاف مع العديد من الدول، ولذلك فإنّ السياسة الخارجية بحاجة إلى إصلاح عاجل.
اشتكى ياكيش من أن حزب العدالة والتنمية “لا يستطيع الحفاظ على التوازن” في السياسة الخارجية، مُعتبراً أنّ ولاء تركيا للغرب وتحالفها مع الناتو وعلاقاتها مع جيرانها قد تمّ الإساءة لها أيضاً.
وسعى الزعيم المؤسس للحزب، (رجب) أردوغان، للالتزام في البداية بمنظور عضوية الاتحاد الأوروبي في الفترة الأولى من سلطته، لكن أردوغان أثر بشكل مباشر على سياسة تركيا الخارجية كما هو الحال في كل مجال.
ووفقاً للتقرير، فقد تمّ اعتبار السنوات الأولى لحزب العدالة والتنمية، الذي تأسس بعد هجمات 11 سبتمبر في عام 2001، على أنها السنوات التي ارتفعت فيها صورة السياسة الخارجية لتركيا، حيث امتازت أنقرة بقدرتها على التواصل مع كافة الجماعات في المنطقة خلال حرب العراق عام 2003 ؛ ولم تقطع علاقاتها مع إيران وسوريا رغم ضغوط الولايات المتحدة، كما عززت علاقاتها مع جميع دول المنطقة، وحاولت التوسط بين إيران والغرب.
من جهته، أشار “سنان أولجن”، رئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية، إلى دور تركيا عام 2008 ؛ باعتبارها وسيطًا بين (إسرائيل وسوريا) ، حيث جذبت انتباه العالم كله حينها. ومع ذلك، بعد عام واحد، أثار خروج أردوغان “دقيقة واحدة” من ندوة مشتركة مع الرئيس الإسرائيلي شيمون (بيريز) في دافوس، حالة من عدم الارتياح.
وعندما بدأت الانتفاضات العربية في عام 2011، كانت تركيا، التي كانت تُعتبر “بلدًا مثاليًا” من قبل منطقتها وأوروبا بمؤهلاتها العلمانية الديمقراطية المسلمة والعضو في الناتو، تعاني أيضًا من اضطرابات كبيرة في السياسة الخارجية، حيث اندلعت الحرب الأهلية في سوريا في مارس 2011، ووقع انقلاب في مصر في يوليو 2013.

ووفقاً للتقرير، فإن أنقرة، التي اتبعت سياسة “غير طائفية” حتى ما قبل الحرب الأهلية في سوريا، لم تستطع إقناع نظام البعث بالحل السلمي، فتخلت عن هذه السياسة. ولاحقاً وصف أردوغان الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أسماه في فترة سابقة “أخي الأسد”، بـِ “الديكتاتور”.
وعلى إثر تدخله في الشؤون الداخلية للدول العربية، أصبح أردوغان، الذي كان من أكثر القادة المحبوبين في الدول العربية عندما بدأ ما يُسمّى “الربيع العربي”، هدفاً لانتقادات لاذعة في المجتمع الدولي على غرار العديد من زعماء الدول العربية، ومن أوروبا إلى الولايات المتحدة، بدأت الاتهامات لتركيا بـِ “دعم العناصر الجهادية السنية”.
ويُلخّص يسار ياكيش، أخطاء تركيا فيما يتعلق بسوريا على النحو التالي : “لقد أخطأت تركيا في سوريا لأنها وضعت كل البيض في السلة على افتراض أن بشار الأسد سيسقط.. الأسد لم يرحل وما زال قائما. تركيا أخطأت بدعم الأصوليين، وبإرسال جنودها إلى سوريا”.