aren

تقرير البنك الدولي : مؤشرات خطيرة … أزمة لبنان المالية بين الأكثر حدة عالميا
الخميس - 1 - يوليو - 2021

التجدد الاخباري – مكتب بيروت

يشهد لبنان منذ صيف 2019 ، انهياراً اقتصادياً ومالياً كبيراً، فاقمه انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) ، الذي أسفر عن مقتل 200 شخص ، وتدمير جزء كبير من العاصمة – بيروت وإجراءات مواجهة فيروس (كورونا). وقد أدى هذا الانهيار إلى تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار تدريجياً إلى أن فقدت أكثر من 85 في المائة من قيمتها، وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، وارتفع معدل البطالة. وفي مارس (آذار) 2020، تخلفت الدولة عن دفع ديونها الخارجية، ثم بدأت مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول خطة نهوض ، عُلّقت لاحقاً بسبب الخلافات اللبنانية الداخلية.

وما يزيد من حدّة الأزمة ، هو الخلاف الداخلي الذي حال دون القدرة عل تشكيل حكومة، فبرغم المبادرة الفرنسية، لم يتمكن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ، منذ تكليفه في أكتوبر (تشرين الأول)، من إتمام مهمته.

وفي تقرير لافت، حمّل البنك الدولي ما سماه «الاستجابة عبر سياسات غير ملائمة على نحو متعمد» من النخبة الحاكمة مسؤولية تفاقم انهيار مالي «من المرجح أن يكون من بين أحد أخطر عشر أزمات، وربما من بين أخطر ثلاث، عالمياً، منذ منتصف القرن التاسع عشر». وقال البنك الدولي ، إن الانهيار الاقتصادي في لبنان ، هو أحد أعمق حالات الكساد المسجلة في العصر الحديث، مرجحاً أن يزداد سوءاً، ومتوقعاً استمرار انكماش الناتج المحلي الإجمالي ليتقلص 9.5 في المائة هذا العام.

لقد تقلص الناتج المحلي الإجمالي بالفعل من 55 مليار دولار في 2018 إلى ما يقدر بنحو 33 مليار دولار العام الماضي. وتخلف لبنان عن سداد ديونه ، وانهارت عملته. وقال التقرير الصادر إن هذا «يوضح حجم الكساد الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد، بينما لا تلوح في الأفق مع الأسف بادرة تحول واضحة، نظرا للتقاعس الكارثي والمتعمد على صعيد السياسات».

وأورد تقرير البنك الدولي بعنوان «لبنان يغرق: نحو أسوأ 3 أزمات عالمية»، أن «استجابة السلطات اللبنانية لهذه التحديات على صعيد السياسات العامة كانت غير كافية إلى حد كبير»، ويعود ذلك إلى أسباب عدة أبرزها «غياب توافق سياسي بشأن المبادرات الفعّالة في مجال السياسات» في مقابل «وجود توافق سياسي حول حماية نظام اقتصادي مفلس، أفاد أعداداً قليلة لفترة طويلة».

وفي العام 2020، انكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 20.3 في المائة، بعد انكماشه بنسبة 6.7 في المائة العام 2019. ووفقاً للتقرير، انخفضت قيمة إجمالي الناتج المحلي من حوالي 55 مليار دولار العام 2018 إلى ما يُقدّر بنحو 33 مليار دولار في 2020. وتابع التقرير أنه «في ظل حالة غير مسبوقة من عدم اليقين، من المتوقع أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 9.5 في المائة العام 2021».

انفجار بيروت

أزمة لبنان الماليّة من بين 10 أسوأ أزمات حول العالم منذ القرن التاسع عشر

وكان نبّه البنك الدولي إلى أن أزمة لبنان الاقتصادية والمالية ، تُصنّف من بين أشدّ عشر أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، منتقداً التقاعس الرسمي عن تنفيذ أي سياسة انقاذية ، وسط شلل سياسي.

ورجّح البنك الدولي في تقريره أن«تُصنّف هذه الأزمة الاقتصادية والمالية ضمن أشد عشر أزمات، وربما إحدى أشد ثلاث أزمات، على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر». وتوقّع أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في لبنان، الذي يعاني من «كساد اقتصادي حاد ومزمن»، بنحو عشرة في المئة في العام 2021. وحذّر من أنه «في مواجهة هذه التحديات الهائلة، يهدّد التقاعس المستمر في تنفيذ السياسات الانقاذية، في غياب سلطة تنفيذية تقوم بوظائفها كاملة، الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية أصلاً والسلام الاجتماعي الهش» في وقت لا تلوح في الأفق أي نقطة تحوّل واضحة”.

وخلال أقل من عامين، خسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم . في موازاة ذلك، تبدو حكومة تصريف الأعمال عاجزة عن اتخاذ أي قرارات أساسية ضرورية رغم التدهور الاقتصادي المتمادي. وتبحث منذ أشهر في ترشيد الدعم عن سلع رئيسية مع تضاءل احتياطي المصرف المركزي بالدولار. وعادة ما يرتبط «الانكماش الشديد بالصراعات أو الحروب»، وفق البنك الدولي، الذي حذر من «نشوب اضطرابات اجتماعية».

وأورد التقرير أنه «في سياق نظام متعدّد لأسعار الصرف، انخفض متوسط سعر الصرف الذي يحتسبه البنك الدولي بنسبة 129 في المئة العام 2020»، مشيراً إلى أن «التأثير على الأسعار أدى إلى ارتفاع التضخم، الذي بلغ متوسطه 84,3 في المئة عام 2020».

وارتفعت أسعار كل المواد والسلع من الخبز والأغذية المستوردة بغالبيتها، مروراً بالبنزين وتعرفة سيارات الأجرة، وصولاً الى فاتورة المولّد الكهربائي وسط تقنين صارم في التيار. ويتزامن ذلك مع انقطاع عدد كبير من الأدوية، رغم أنها مشمولة بسياسة الدعم. وباتت طوابير السيارات الطويلة أمام محطات الوقود طاغية في معظم المناطق. وحذر التقرير من أن تدهور الخدمات الأساسية سيكون له «آثار طويلة الأجل بينها الهجرة الجماعية». وبالفعل، تشهد قطاعات عدة، لا سيما القطاع الطبي، منذ أشهر هجرة أطباء وممرضين بحثاً عن فرص أفضل في الخارج.