
التجدد الاخباري – بيروت
لا بشر
كشفت وكالة أنباء “فارس” اليوم، الأحد، تفاصيل جديدة عن اغتيال العالم النووي البارز، محسن فخري (زادة)، تناقض في أجزاء منها “الرواية الأوليّة”، التي نشرت أول من أمس، الجمعة.
وتوجّه موكب (فخري) زادة، الذي يضمّ سيارته المضادة للرصاص، والتي أقلّت زوجته أيضًا، بمعيّة 3 سيارات حماية، صباح الجمعة، من مدينة “رستمكلاي” بمحافظة (مازندران)، نحو مدينة “أبسرد” بمنطقة (دماوند).
ووفق التفاصيل، انفصلت أولى سيارات الحماية عن الموكب على بعد بضعة كيلومترات من موقع الحادث، “بهدف التحقق ورصد أيّة حركة مشبوهة في المكان المحدد في مدينة أبسرد. في تلك اللحظة، تسبب صوت بضع رصاصات، استهدفت السيارة في لفت نظر (فخري) زادة ، وإيقاف السيارة. وخرج فخري زاده من السيارة معتقدًا أن الصوت ناتج عن اصطدام بعائق خارجي أو مشكلة في محرك السيارة”.
وتابع تقرير “فارس” أنّه “في هذه اللحظة ، قام مدفع رشاش آلي ، يجري التحكم به عن بعد منصوب على سيارة نيسان (شاحنة صغيرة) كانت متوقفة على بعد 150 مترًا من سيارة الشهيد بإطلاق وابل من الرصاص على فخري زادة، الذي أصيب برصاصتين في خاصرته وعيار ناري في ظهره ما أدى إلى قطع نخاعه الشوكي”.
وتخالف هذه التفاصيل الرواية الأوليّة ، التي تحدّثت عن مقتل بين 3 – 4 من المهاجمين بعد اشتباكات في المكان، بينما تتحدّث هذه الرواية عن “رشاش آلي يجري التحكم به عن بعد”.
وأثناء إطلاق النار على فخري زادة ، “قفز رئيس فريق الحماية ليوقي جسده من الرصاص فأصابت عدة رصاصات جسده وبعد لحظات، تم تفجير نفس سيارة ’نيسان’ المتوقفة عن بعد”. ولم يُقتل فخري زادة على الفور، ونقل إلى مستوصف قريب ومن هناك بطائرة مروحية إلى مستشفى في طهران حيث أعلنت وفاته بعد فترة وجيزة. واستغرقت هذه العمليّة، بحسب وكالة “فارس”، 3 دقائق ، ولم يكن في المكان “أي عامل بشري، ولم يتم إطلاق النار إلا بأسلحة آلية ولم يصب أيّ أحد جراء الحادث” سوى حماية فخري زادة. وبحسب الوكالة، أظهر التحقيق في هوية صاحب سيارة “نيسان” ، أنه غادر البلاد اليوم، الأحد.
وأمس، السبت، اتهم الرئيس الإيراني، حسن (روحاني)، إسرائيل ، باغتيال فخري زادة، مشددا على أن العملية لن تبطئ مسار بلاده النووي، واعتبر أن عملية الاغتيال ، تظهر “شدّة يأس العدو”.
وقال روحاني في بيان نشره الموقع الإلكتروني للرئاسة: “مرة جديدة، الأيدي الشريرة للاستكبار العالمي، مع النظام الصهيوني المغتصب كمرتزقة، تلطخت بدماء أحد أبناء هذه الأمة، والأمة الإيرانية غرقت في الحزن على خسارة أحد علمائها المجتهدين”.
وشدد روحاني على أن “اغتيال محسن فخري زادة هو نتيجة عجز أعداء إيران في المنطقة وفشلهم في الملفات السياسية”، مؤكدا أن “الاغتيال لن يعرقل مسار إيران في المجالات العلمية بل سيؤدي إلى تشديد عزمها”.
واعتبر الاغتيال “خسارة فادحة”، وقال روحاني إن “هذا الحادث الإرهابي الشنيع ناتج عن عجز ألد الأعداء للشعب الإيراني أمام الحراك العلمي وقدرات هذا الشعب الكبير وهزائمهم المتكررة في المنطقة والمجالات السياسية الأخرى عالميا”.

مشروع عماد
وفي تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية ، فان اغتيال العالم النووي الإيراني “فخري زاده” قد لا يكون له تأثير كبير على البرنامج النووي الإيراني، الذي شارك في إنشائه، ولكنه سيجعل من الصعوبة بمكان إنقاذ الاتفاق النووي الذي يهدف إلى تقييد هذا البرنامج، وهو الدافع الأكثر منطقية وراء عملية الاغتيال.
وذكرت الصحيفة -في تقرير أعده محررها للشؤون الدولية جوليان برغر– أن هناك شبه إجماع على أن إسرائيل تقف خلف عملية الاغتيال، حيث تشير التقارير إلى أن الموساد كان وراء سلسلة اغتيالات لعلماء نوويين إيرانيين آخرين، وألمح مسؤولون إسرائيليون من حين لآخر إلى صحة تلك التقارير.
وإذا ثبت أن الموساد وراء اغتيال (فخري) زاده -كما يقول التقرير- فإن إسرائيل تكون استغلت الفرصة لتنفيذ العملية بضوء أخضر من رئيس أمريكي، وليس هناك شك في أن دونالد ترامب، الذي يسعى للعب دور المفسد خلال الأسابيع الأخيرة من فترة حكمه، سيوافق على عملية الاغتيال، إن لم يساعد في تنفيذها.
وأشارت بعض التقارير الإخبارية (مؤخرا) إلى أن ترامب طلب تزويده بالخيارات العسكرية، التي يمكن للولايات المتحدة اتخاذها ضد إيران بعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية أمام منافسه الديمقراطي (جو) بايدن. وأورد تقرير الصحيفة ، رأي دينا(اسفندياري)، الباحثة في “مؤسسة القرن للأبحاث”، حيث رأت أن إسرائيل لا يمكنها تنفيذ عملية الاغتيال من دون الحصول على الضوء الأخضر من واشنطن، موضحة أنه “في ما يتعلق بالدوافع، فأعتقد أنها لدفع إيران للقيام بعمل غبي لضمان تقييد يدي إدارة بايدن عندما تسعى لاستئناف المفاوضات ووقف التصعيد”.

وأوضحت الصحيفة أن اغتيال العالم الإيراني ، يخدم غايات أخرى، وإن بدرجة أقل؛ فقد كان فخري زاده، العالم النووي الإيراني (الوحيد) ، الذي ورد ذكره في التقييم النهائي للجانب العسكري للبرنامج النووي الإيراني ، الذي قدمته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، باعتباره العقل الذي يقف وراء “مشروع عماد” الهادف إلى تطوير قدرة إيران على بناء قنبلة نووية. ووفقا لوكالة الطاقة الذرية، فإن “مشرع عماد” توقف عام 2003، لكن فخري زاده ، ظل ضمن شبكة من العلماء من ذوي المعرفة والخبرة في مجال الأسلحة النووية.
من جهتها، شبهت أريان (طباطبائي) -الباحثة في شؤون الشرق الأوسط بصندوق مارشال الألماني، ومؤلفة كتاب عن إستراتيجية الأمن القومي الإيراني- اغتيال فخري زاده باغتيال الولايات المتحدة قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ، مطلع العام الجاري.
وقالت طباطبائي: إن “فخري زاده كان يمثل بالنسبة لبرنامج إيران النووي ما كان يمثله سليماني لشبكة وكلائها، فقد كان له دور فعال في تطويره (البرنامج النووي)، وإنشاء بنية تحتية لدعمه، وضمان أن موته لن يغير جذريا مسار البرنامج النووي الإيراني”.
كما نقلت الصحيفة عن إيلي (جيرانمايه)، مسؤولة الشؤون السياسية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، القول إن “الهدف من قتله (فخري زاده) لم يكن إعاقة البرنامج النووي، ولكن تقويض الدبلوماسية”.واستبعدت أن يكون لاغتيال العالم النووي الإيراني البارز ، تأثير كبير على قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية ، إذا اتخذت طهران قرار القيام بذلك.