على طول العقود الماضية ، وعرضها، ياما سمعنا في الاخبار ، ان المخابرات المركزية الامريكية ، تعرف حتى مايفكر فيه أي كائن على وجه الارض، “والموساد” كان يدعي انه عرف بنية أحد الفلسطينين للقيام بعملية فدائية ، وسارعوا لتفجيره مع بيت أهله.
كذلك صنعت أفلام عن خوارق المخابرات البريطانية ، وقوة معرفتها وكشفها ، وعلى ذات المنوال ، جرى الحديث عن المخابرات الروسية والصينية والباكستانية. عدوى المنفخة أو ( التخويف بالمنفخة) ، انتقلت للمخابرات العربية وأمثالها من دول العالم الثالث ، باختصار قوة ونفوذ المخابرات، صار مسلما به في العقود الماضية ، وقد بات ذكرها يخيف حتى من لا يفكر ، فكيف بمن يفكر ؟!!!
طالما المخابرات بهذه القوة ، كيف جرى العبث بالخريطة الجينية لفيروس كورونا ؟ وأين كانت قوة المخابرات ، وهناك من يتدخل في الفيروسات بشكل قد يؤدي الى تطورات سيئة ، خاصة وانها فيروسات سيئة بالاصل ؟ وهل صحيح ان هناك مخبرا متقدما يعمل على فيروس “سارس” وعائلته التي انجبت كورونا ، دون ان يشغل بال المخابرات ، ام ان تجسس هذه المخابرات على أخبار التصدير والاستيراد ، أهم؟
وربما كانت منشغلة بماتفعله “هواوي” على الجيل الخامس أو السادس ؟ ومن المحتمل ان التجسس على العلاقات (الصينية الايرانية) ، أو علاقات دول (البريكس)، هي ما شغل المخابرات؟ ثم اين (الموساد)، الذي صرعونا بقوة معلوماته ، ومدى معرفته ونفوذه في كل مكان على الارض ؟
في الحقيقة ، جرى العبث بالفيروس ، والمخابرات نائمة أو منشغلة ، واستطاع الفيروس ان يستغل العبث بالمخبر وغفلة المخابرات ، لينشىء طفرته ، ويصبح نادرا على الفتك ببني البشر ، مهددا الانسانية جمعاء.
(أخي) ، ماشي الحال ، أثناء العبث بالفيروس ، لم تهتم المخابرات ، لكن بعدما تسلح (كورونا) بطفرته التي جعلته ، قاتلا ، وأثناء الشهر الاول لانتشاره في ” ووهان” ، أين كانت المخابرات ؟ واذا كانت تعاملت السلطات المحلية الصينية بداية بطريقة “ستالينية” مع الطبيب الذي حذرها من الوباء ، واتهمته باضعاف روح الشعب ، فأين كانت المخابرات الاخرى من امريكية ، بريطانية ، اسرائيلية ، و روسية …الخ؟
هناك تهديد خطير ، أعلنه أحد الاطباء ، الشرطة المحلية ، اسكتته، والمخابرات الدولية التي ترصد”ووهان”، ماليا وصناعيا وتجاريا وتكنولوجيا ، عميت عنه …. أي شو هالمخابرات !! بس علينا ؟!
هناك أصوات بدأت ترتفع ، متهمة المخابرات بالتقصير (رغم انه من الواجب اتهامها بالعمى ) ، وتطالب بمحاسبتها والتحقيق معها ، ويشبه كثيرون هذا التقصير بماحصل من عجز عن معرفة التحضير لهجوم “بيرل هاربر” ، عندما قصفت اليابان ، قاعدة امريكية ، رغم ان (امريكا) لم تكن قد دخلت بعد الحرب العالمية الثانية.
كما ان هناك من يشبه هذا التقصير المخابراتي ، بتقصير الـ”سي أي ايه” بكشف مؤامرة هجوم 11 أيلول على امريكا ، وذا كان هذا التقصير قد اضر بمصالح امة ما (امريكا) ، فانه اليوم يشكل جريمة ضد الانسانية ، ولايضر بمصالحها ، بل يهدد حياتها.
تسلل الفيروس، وانتشر ، والمخابرات في كل مكان منشغلة بقمع الناس ، والتضييق على حرياتهم ، وفي بعض البلدان خنق حياتهم ، واخراس ألسنتهم ، واركاعهم واخضاعهم لحكامها ، ومستبديها .
تسلل الفيروس ، والمخابرات في كل مكان تبحث عن صاحب قضية لتعتقله، وعن مقاوم لتغتاله ، وعن مدافع عن الانسانية لتخفيه عن وجه الارض ، واذا أخذت كل هذه الحقائق بعين الاعتبار ، يصبح تقصير المخابرات بكشف خطر الفيروس ، أشد ارتكابا وأفظع اجراما.
ولكن تمهلوا قليلا ، واذا تخلصنا من رهاب “نظرية المؤامرة” ، واعتبرنا مايقال ، أمرا يستحق النقاش ، تصبح فرضية ان “المخابرات لم تعمى عن الفيروس ولم تكن تجهل مايجري عليه من عبث ، ولم تكن بعيدة عن معرفة الطفرة التي اصابته ، بل هي متابعة لكل شيء وربما مشاركة في العبث والطفرة معا ، وكل ما يصيب البشرية ، هو من صنع هذه المخابرات الفظيعة القوية الفتاكة”. في هذه الحالة لايجوز اتهامها أبدا بالتقصير ، بل يجب ادانتها بالاجرام ، والفاشية .
واذا كان هناك من يرى ان (كورونا) ، سيغير النظام العالمي ، فانه من الاجدى ان تبدأ الانسانية ، بتغيير فلسفة المخابرات من القمع والقتل و(حطو بالطبون وجيبو على الفرع) الى فلسفة هدفها الاستقرار الانساني ، وحماية الحياة الانسانية ، وتوفر بيئة الانطلاق الانساني الحر . فلسفلة تقوم على توقع المخاطر الممكنة على الحياة والاستقرار والحرية ، واستباقها بمايضمن الحياة الانسانية الحرة الكريمة ، والمستقرة.
مارأيكم ، هل المخابرات (مابعد كورونا) ، هي جزء من دولة الصحة والعافية والحرية ، أم اننا نحلم ونهزي ، وستتعمق سياسة الدولة العميقة ، حيث يشارك الكل بنهب الشعوب والتحكم بها ، واهمال صحتها ، أو التفريط بها؟
على الله .