
ثمة في منطقتنا مَن هُم على قلق كأن الريح تحتهم, كما قال جدنا المُتنبّي، يترقبون بهلع ما ستقوله صناديق الاقتراع وخصوصاً «الكيفية» التي سيتصرف بها رئيس الصدفة رقم45, اذا خذله «الحظ» الذي جاء به الى البيت الابيض عام2016, وهناك مَن يُتابع «المعركة» التي وُصِفَتْ تضخيماً ومبالغة, انها «أهم» انتخابات رئاسية اميركية، فيما هي في الواقع لا تزيد عن كونها انتخابات دورية روتينية, الفارق فيها هذه المرة ان ساكن البيت الابيض منذ اربع سنوات, كان رجلا عادياً, بمعنى بعده عن السياسة وعدم تمتعه بحد أدنى من الثقافة, وافتقاده الكاريزما, وكونه اكثر نزقا وضحالة فكرية من رئيس من قماشته وهو بوش الإبن, الذي لم يتوفر على أي صِفة, تؤهّله قيادة اكبر واقوى دولة في العالم, وخصوصا اكثر امبراطورية في التاريخ عدوانية وصلفا وازدراء, للقانون الدولي وحقوق انسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها, فضلاً عن انخراطها في اسوأ وابشع المؤامرات, ضد شعوب وحكومات ورؤساء دُول ومُجتمعات, عبر تدبير الانقلابات واغتيال القادة والغزو وشنّ الحروب الرامية الى نهب الثروات واستعباد الشعوب.
والان.. كيف اختلفت الحال؟ ألم يواصِل اوباما استخدام معسكر غوانتنامو, رغم «وعود» الرئيس الديمقراطي وأول أسود يقود الامبراطورية بإغلاقه؟، لكنه لم يُغلق. فضلا عن زيادة عديد قواته في افغانستان بما الحرب فيها «حرب الضرورة”, وكانت حرب بوش/ بلير على العراق حرب خيار؟ لكنه لم ينسحب من العراق وأبقى على جنوده هناك, بل انخرط في الحرب على سوريا وفيها, بذريعة محاربة الارهاب وكان ترمب «وريثاً» لإرث اوباما, حيث الاخير «اخترع» عقيدة «القيادة من الخلف» وأسهم مع ساركوزي والبريطاني كاميرون في غزو ليبيا, ناهيك عن استخدام اوباما المُفرط للطائرات المُسيّرة, التي قتلت من اليمنيين أعداداً لا تحصى, بذريعة مُحاربة القاعدة وداعش, وهما تنظيمان إرهابيان لا يُجادِل كثيرون في صحة المعلومات التي تقول: انهما صناعة صهيوأميركية/ غربية بامتياز.
ترمب وفق الإستطلاعات يقف اليوم على حافة الهزيمة, ومُعجزة لن تحدث وفق القراءات الاكثر موضوعية وحياداً, رغم حذرٍ تُبديه نخب اميركية اعلامية وعلماء سياسة واجتماع وخبراء استطلاعات, متكئين على وصول ترمب, بعدما قيل عن فوز مضمون لهيلاري كلينتون. بايدن نسخة مكررة عن اوباما, وربما اكثر انحيازا لاسرائيل منه, حيث يُذكِّرنا كبير مستشاري السياسة الخارجية لبايدن.. طوني بلينكن, عبر صحيفة «تايمز أُوف اسرائيل”: بـ”الضغط الذي قام به نائب الرئيس السابق في الكونغرس, من اجل تمويل «القُبّة الحديدية» خلال حرب غزة عام 2014 ومشاركته في التوقيع على حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار لاسرائيل في عام 2016, هي اكبر صفقة من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة الاميركية».. ختم المستر بلينكن.
لإيران كما فنزويلا وكوبا وخصوصاً السلطة الفلسطينية, مصلحة كبرى في هزيمة ترمب. في المقلب الآخر.. ثمة بعض في المنطقة يتمنون بقاءه, والأكثر طرافة ان أحداً في الخنادق المُتقابلة سوى اسرائيل, لا يُؤثرون كثيراً أو قليلاً في موازين القوى الداخلية الأميركية.
“الرأي”الأردنية