aren

تركيا ونتاج سلبية دورها إقليمياً ودولياً \\ كتابة : آلدار خليل
الثلاثاء - 24 - نوفمبر - 2020

بعد حوالي العقد من الزمن، تتراكم المعاناة في سوريا ، وتختفي فرص الالتفاف حول حل ، يكون بمثابة المخرج من هذا النفق الضحل المظلم ، الذي أدى لمأساة حقيقية لن تفارق التاريخ السوري ، كلما تم الحديث عن الفواجع في القرن الواحد والعشرين.

إحدى العوامل الرئيسة ، التي أدت إلى هذا التفاقم الكبير للأزمة في سوريا ، هو تدخل الأيادي الخارجية التي سيّرت مجرى الأمور وحصرتها لما يخدم مصالحها وأجنداتها، لا بل حولت القوى السورية ، التي خرجت مناديةً بالتغيير في سوريا لمظلة شرعية ، مارست تحتها أهدافها وسياساتها. وعلى رأسها تركيا ، التي حولت السوريين لأداة بيدها ، لتكون خير مثالا على هذه الأيادي المخربة.

هذا التدخل التركي واحتلاله لسوريا ، ولعبه بالأوراق وصرف الاهتمام عن الحل الوطني في سوريا ، سعى لتكريس واقع التفرقة والانقسام ، وتهديد وحدة سوريا ، وخلق مزاعم واهية من أجل توسيع نفوذ تركيا ، ومحاولات القضاء على البذور الناشئة للتجربة العلمانية الديمقراطية، ناهيكم عن حجم التغيير الديموغرافي ، ودعمها لجماعات أصولية ومرتزقة ، واستخدامهم ضد الشعب السوري.

كل هذا ، لن يستمر بالشكل الذي تراه تركيا، حيث أن هذه التطورات ، ستفرز نتائج وتداعيات ، وإن كانت تركيا ترى هذه النتائج لصالحها في سوريا الآن، فإنها لن تكون كما تريدها مستقبلاً ، وسينجم عن كل هذه الممارسات ، ما لن يكون لمصلحتها على الإطلاق على وجه الخصوص مع الرؤية التي يتبناها أردوغان ، ونهجه المدمر للمنطقة.

فتحركات أردوغان ، وتدخلاته شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً ، وتأجيجه للصراع ومحاولات الاستفزاز هنا وهناك بالتوازي مع سعيه للهيمنة والنفوذ في المنطقة ، يشبه الوقوف على حافة الهاوية ، والانزلاق نحو حفرة من النار ، وهذا يقوي فرص تأزم الوضع الداخلي التركي ، بسبب الانعكاسات المذكورة ، ويضيق الخناق على أردوغان ونظامه ، بحيث تصبح الشعارات التي يتستر تحتها ، ويتدخل من خلالها في سوريا كتغيير نظام الأسد وإسقاطه إلى واقع يطال أردوغان ، ونظامه قبل أن يطول نظام الأسد.

ما يقيمه أردوغان اليوم على أنها مكاسب تاريخية له -كما يزعم- في الحقيقة ، هي نتاج صفقات مع أطراف عدة، ليست مستندة إلى رؤية سياسية واضحة ولا إلى إستراتيجية دقيقة. وبالتالي : عدم توفر هذه الأساسيات في سياساته ، لن يجعله بمنأى التأثير الكبير سلباً بكل تأكيد ، حال تغير المصالح بين تركيا والأطراف التي عقد أردوغان معها سياسة الصفقات.

المعطيات الأولية ، تشير إلى اقتراب هذه التغييرات من خلال وضوح بوادر العزلة على تركيا ، ونظامها ، مع تطور المواقف العربية والأوروبية ، والتي يمكن وصفها بالتاريخية ، مقارنة مع الفترة ، التي تلت بداية الألفية الجديدة ، ومع سيطرة العدالة والتنمية على السلطة.

جعل أردوغان ،سوريا ، مركزاً للانطلاق نحو المنطقة ، وتهديده المستمر للمحيط الإقليمي ، وتلويحه لأوروبا بورقة اللاجئين السوريين ، وتحريف القوى التي تسمي نفسها بـ”المعارضة السورية” عن مسارها ، نحو رأس حربة تستخدمها تركيا في حروبها في المنطقة.

، هذه المساعي السلبية لأردوغان ، ستكون بوابة لانهيار نظام حكمه ، وتراجع لدوره ونفوذه ، ولن يتذكر أحد من الفترة التي حكم فيها أردوغان تركيا ، إلا الحروب ، وزج البلاد ، ومؤسساتها في صراعات ، أفقدت تركيا ، دوراً ، كان يمكن أن يكون مقبولاً لدى الشعوب في حال توجهها نحو منحى يخدمها ، وينبذ العنف والإبادة ، والدمار تحت مسميات الحفاظ على الأمن القومي التركي ، الذي بات بخطر أكبر بالمقارنة مع حالة (اللا تدخل)، التي كان يمكن لتركيا أن تلتزم بها.

لم تخلف سياسات أردوغان هذه ، إلا ردود فعل لدى عموم المنطقة ، والعالم وما محاولاته ، لصرف نظر الرأي العام التركي في الداخل عن هذه الانعكاسات لسياساته نحو وجهات أخرى ، إلا دليل على إدراكه ، لحجم الضائقة وفقدانه للتوازن. حيث لا يوجد أي مبرر منطقي ومعقول لممارساته في سوريا ولا في العراق واليمن والخليج وليبيا وأفريقيا ، ومؤخراً أذربيجان- أرمينيا ، وحوض المتوسط وأوروبا عبر اليونان ، ولاحقاً فرنسا ، إلا رغبة في التخفيف من تداعيات سياساته على الداخل التركي ، والتي لن ينجح فيها أردوغان مطولاً.

عضو هيئة الرئاسة المشتركة في حزب الإتحاد الديمقراطي.